الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

اليابان تسعى لاستعادة مكانتها في قطاع تكنولوجيا المعلومات

اليابان تسعى لاستعادة مكانتها في قطاع تكنولوجيا المعلومات
21 ابريل 2012
في عام 2007 بدأت شركة شارب اليابانية بناء مصنع شاشات مسطحة على 314 فداناً من الأراضي المستصلحة في خليج أوساكا غربي اليابان. وحين اكتمل بناؤه بعد عامين لم يكن لإمكانيات مصنع ساكاي نظير في العالم بأسره. فمن خلال استخدام ألواح زجاجية أكبر من مصرعي الباب موضوعة جنباً إلى جنب كان المصنع ينتج أجهزة تلفاز 60 بوصة أو 70 بوصة بأقل تكلفة ممكنة. كان ذلك رهاناً على مستقبل سيظل فيه العملاء ينفقون أكثر لاقتناء أجهزة تلفاز أكبر. استثمرت شارب 4?4 مليار دولار في مصنع ساكاي أو ما كان يساوي قرابة 15% من مجموع أصول الشركة اليابانية وأكثر من ثلث قيمة أسهمها آنذاك. غير أن هذا الرهان لم يكسب. إذ تقلص الطلب على أجهزة التلفاز جراء الأزمة المالية وما نتج عنها من تباطؤ اقتصادي في الوقت الذي اقتنصت فيه الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحية نسبة متزايدة من ميزانيات المستهلكين. كما أدى التوسع الشرس من قبل منافسين تايوانيين وكوريين إلى زيادة المعروض المفرطة وهبوط أسعار أجهزة التلفزيون ذات الشاشات المسطحة. في الشهر الماضي باعت شارب حصة نسبتها 46% من مصنع ساكاي بالإضافة إلى حصة 10% من أصول الشركة ذاتها لشركة هون هاي التايوانية مقابل 800 مليون دولار. تحول القوى تبرز هذه الصفقة التي تعد أول استثمار ضخم لشركة هون هاي في اليابان، مدى تحول القوة بين مصنعي الأجهزة عالية التقنية الآسيويين. وعلى مدى السنوات العشر الماضية ظلت شركات التكنولوجيا اليابانية تخسر تدريجياً حصصاً سوقية لصالح منافسين كوريين وتايوانيين أقل تكلفة، ولكنها استمرت غالباً في الحفاظ على فارق الميزة من حيث التكنولوجيا. وقال ميكيو كاتاياما رئيس شركة شارب حين بدأ تشغيل مصنع ساكاي: “مهمتنا الرئيسية ليست مجرد إنتاج أجهزة تكنولوجيا”. غير أن ما أثبته مصنع ساكاي هو أن السبق التكنولوجي لم يعد وحده كافياً. اليوم لا يزال مصنع ساكاي هو المصنع الوحيد في العالم القادر على التعامل مع ألواح زجاج بهذا الحجم. غير أن أجهزة التلفاز 60 بوصة تظل أغلى وأكبر وأحدث مما يريده الكثير من المستهلكين، ولذلك لا يعمل مصنع ساكاي إلا بنصف طاقته الإنتاجية. هذا فضلاً على أن قوة الين مقابل العملات الكورية والتايوانية أضرت بميزة أسعار ساكاي ما جعل شارب تتوقع أن يبلغ صافي خسارتها 290 مليار ين هذا العام ما يعد أسوأ عجز منذ تأسيسها من 100 عام. وعلى العكس تدأب هون هاي أكبر مقاول تصنيع إلكترونيات من حيث الإيرادات في العالم والمعروفة أيضاً باسم فوكسكون - على الاستفادة من تعاظم مبيعات أجهزة آي فون وآي باد من آبل. وزاد صافي أرباح هون هاي في ربع السنة الرابع بنسبة الثلثين من عام مضى، ويهدف تيري جو مؤسسها ورئيسها التنفيذي إلى بلوغ نمو سنوي لا يقل عن 15% في العقد المقبل. تشير صفقة هون هاي - شارب إلى أن هناك مجالاً للتعاون والتنافس بين شركات التكنولوجيا التايوانية واليابانية. وتطمح هون هاي أن تكون أجهزة التلفاز بمثابة محرك نموها التالي بعد أجهزة الكمبيوتر الشخصية والهواتف. تقوم هون هاي أصلاً بتجميع أجهزة تلفاز لشركة سوني وأضحت منذ ثلاث سنوات ثاني أكبر مساهم في تشي ماي إينولوكس أكبر شركة تصنيع شاشات مسطحة في تايوان من حيث الإيرادات. غير أن هون هاي لا تزال متأخرة عن الشركات اليابانية والكورية من حيث التكنولوجيا. وقال ديفيد هسايه نائب رئيس سوق الصين الكبرى لبحوث شاشات التلفاز إنه بحصول هون هاي على حصة في شارب فإنها تخطو خطوة مهمة إلى توسيع نشاطها في مجال تجميع أجهزة التلفاز وترسيخ مكانتها أمام نظرائها الكوريين خصوصاً سامسونج وإل جي في سوق أجهزة التلفاز العالمية. بالإضافة إلى أجهزة التلفاز، هناك أيضاً أمثلة أخرى على قيام مصنعين تايوانيين بالاستفادة من التكنولوجيا اليابانية أو أمثلة على شركات تكنولوجيا يابانية تستخدم طرق تصنيع تايوانية أكثر تنافسية. حيث استحوذت ايه يو اوبترونيكس منافسة تشاي ماي على شركة ام سيتك اليابانية للاستفادة من تقنيتها حين قامت اي يو اوبترونيكس بتنويع نشاطها بإضافة تصنيع أجهزة الطاقة الشمسية في عام 2009. تصنيع الرقائق وفي مجال أشباه الموصلات تزيد شركات تصنيع الرقائق اليابانية تدريجياً تعهيد إنتاجها إلى شركات مقاولات تصنيع رقائق تايوانية، بحسب راندي ابرامز المحلل في كريدي سويس الذي قال: “سوف نشهد مزيداً من ذلك النشاط خلال السنوات القليلة المقبلة حيث إن العديد من شركات الرقائق اليابانية تقول الآن إنه يلزمها إعادة هيكلة وخفض تكاليفها”. غير أن أحد أسباب تردد العديد من الشركات اليابانية في تعهيد إنتاجها يكمن في قلق هذه الشركات من خسارة تقنياتها. ويحذر دايكي تاكاياما المحلل في جولدمان ساشس من أن شارب قد تواجه سيناريو من هذا القبيل في نهاية المطاف. فرغم أن الارتباط مع هون هاي يخفف من مخاوف شارب في الأجل المتوسط إلا أن هناك مخاوف من تأثر مبيعات أجهزة تلفاز شارب لو أن هون هاي وسّعت نشاطها في مجال تلفاز 60 بوصة (عن طريق عقود تعهيد تصنيع الأجهزة) وكذلك من التسرب المحتمل لتكنولوجيا (شاشات ال سي دي). ومن جانب آخر، فيما تسعى صناعة الإلكترونيات اليابانية إلى استعادة قوتها المعهودة، ضخ صندوق مدعوم من الحكومة اليابانية 2?5 مليار دولار في مشروع يراهن على أن في مقدور تجميع إمكانيات ثلاث من شركات التكنولوجيا أن يتفادى إخفاق ما سبق من مساع إلى ترسيخ شركات يابانية متفرقة. وبناء على ذلك بدأت مؤسسة جابان ديسبلاي خطتها في مطلع شهر أبريل الرامية إلى تجميع أنشطة شاشات عرض كل من سوني وتوشيبا وهيتاشي واينوفيشن نتوورك أوف جابان بما يتزامن مع إنشاء صندوق استثمار مدعوم من الحكومة يمتلك 70% من الشركة الجديدة. وسرعان ما أضحت جابان ديسبلاي من أكبر المصنعين في العالم للشاشات الصغيرة لسوق الهواتف الذكية المزدهرة مثل آي فون أبل والأجهزة التي تستخدم نظام تشغيل اندرويد من جوجل. يذكر أن جابان ديسبلاي متخصصة في الشاشات الصغيرة ولا تصنع شاشات أجهزة التلفاز. وقال خبراء إن في إمكان جابان ديسبلاي أن تنجح، غير أن المخاطر كبيرة أمام قطاع الإلكترونيات الياباني في عمومه. ويتعين على الشركة أن تواجه سامسونج الكترونيكس الكورية الجنوبية التي لديها موارد ضخمة تستطيع استثمارها في تكنولوجيا جديدة وتواجه أيضاً منافسين آسيويين آخرين يقدمون منتجات أقل تكلفة. وقال هيروشي هاياز المحلل في مؤسسة ديسبلاي سيرش للبحوث: “لو أخفقت جابان ديسبلاي فإنه لن يكون أمام صناعة الإلكترونيات اليابانية بكاملها سوى القليل من البدائل”. وبلغ إجمالي قيمة سوق شاشات إل سي دي الصغيرة وشاشات إل إي دي (الصمام الثنائي العضوي المشع للضوء) حوالي 27?2 مليار دولار العام الماضي، بحسب ديسبلاي سيرش البحثية غير أن نمو هذه السوق يتزايد بشكل سريع جداً. ويتوقع هاياز أن تبلغ السوق أكثر من ضعف قيمتها الحالية بحلول عام 2015 إلى 56,5 مليار دولار. يأتي تشكيل جابان ديسبلاي في وقت تتراجع فيه صناعة الإلكترونيات باليابان عن مكانتها الرائدة خلال بضعة عقود مضت. قوة الين وكان قرار شارب الشهر الماضي بالاستعانة بشركة هون هاي بريسيجن اندستري التايوانية مثالاً على مدى الضعف الذي بلغته بعض الشركات اليابانية بعد المعاناة لسنوات من ين قوي وتكاليف كبيرة. تقدمت البيدا ميموري الشركة اليابانية الوحيدة التي تصنع رقائق ذاكرة الدخول العشوائي الديناميكي (Dynamic RAm) في شهر فبراير الماضي بطلب حمايتها من الإفلاس. وكانت قد تورطت في ديون بلغت 448 مليار ين (5?5 مليار دولار) بعد سنوات من محاولة مجاراة منافسيها الأقل تكلفة. وكان قد تم تشكيل البيدا مثلها مثل جابان ديسبلاي من خلال تجميع عمليات ثلاث من الشركات اليابانية. ورغم إخفاق المحاولات السابقة إلا أن مراقبي هذا القطاع يقولون إن لشركة جابان ديسبلاي فرصة لإثبات وجودها. ذلك لأن سباق سوق الشاشات الصغيرة المتقدمة لا يقتصر على تقليل التكلفة وبالتالي، فالطلب على التكنولوجيا اليابانية لا يزال قوياً. وقال شويتشي أوتسوكا رئيس جابان ديسبلاي في أحد المقابلات: “تكمن الصعوبة فيما إن كانت اليابان حالياً قادرة على إفراز شركات رائدة عالمياً”. ونتيجة عجز الشركات اليابانية عن مجاراة تفوق آبل الإبداعي وضخامة استثمارات سامسونج ومعدل إطلاقها السريع للمنتجات فقد زاد تضررها في السنوات القليلة الماضية في وقت أضرت قوة الين أيضاً بأرباحها الخارجية. ورغم سبق الشركات اليابانية في بعض تقنيات الشاشات العصرية، إلا أن تنفيذيي الصناعة يقولون إنهم لا يستطيعون الاستمرار في تدبير الاستثمارات اللازمة للحفاظ على تفوقهم. حيث تخطط جابان ديسبلاي لإنفاق 300 مليار ين في استثمارات رأسمالية و150 مليار ين في البحث والتطوير خلال الخمس سنوات الأولى. كما خصصت اينوفيشن نتوورك 200 مليار ين وتقوم هذه الشركة الجديدة بإنفاق نصف هذا المخصص على خطوط إنتاج جديدة في مصنع شاشات إل دي دي اشترته من باناسونيك. وقال شوجي أروجا الذي كان يدير قسم شاشات المحمول في سوني قبل إدماجه في جابان ديسبلاي، إنه ينبغي على ذلك القطاع اتخاذ خطوات جريئة وسط التنافس العالمي الصعب. كما قال: إن الأمر أشبه بأننا قفزنا إلى آخر عربة قطار في آخر لحظة”. وقالت سوني إن قسم شاشاتها الصغيرة حقق نتائج متواضعة دون تحديد أرقام. وفي الوقت الذي تمكنت فيه وحدة شاشات المحمول في توشيبا من تحقيق أرباح، عجزت وحدة هيتاشي عن ذلك. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» و «وول ستريت جورنال» ترجمة: عماد الدين زكي يذكر أن سامسونج الكورية الجنوبية كانت أكبر مصنع في العالم لشاشات 9 بوصات أو أصغر العام الماضي حيث شكلت 17?7% من السوق من حيث قيمة الإنتاج حسب مؤسسة ديسبلاي سيرش البحثية، بينما لم تشكل سوني وتوشيبا وهيتاشي اليابانية مجتمعة سوى 17?8%. وتستفيد سامسونج كثيراً من هيمنتها على مجال تصنيع شاشات الصمام الثنائي العضوي المشع للضوء (أو إل إي دي) التي تطلقها الشركة بصفتها جيل الشاشات الجديد للهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة. وتستخدم سامسونج شاشاتها (أو إل اي دي) في سلسلة أجهزتها جالكسي وتقوم أيضاً بتوريد هذا النوع من الشاشات لغيرها من الشركات التي تصنع الأجهزة. بينما لا تنتج جابان ديسبلاي شاشات (أو إل دإي دي) وان كانت تخطط لذلك مستقبلاً. وقال هاياز المحلل في ديسبلاي سيرش إن في مقدور جابان ديسبلاي أن تستفيد لو جعلت من نفسها مورداً محايداً لمنافسي سامسونج الذين لا يريدون شراء شاشات من منافسيهم. يذكر أن عملاء جابان ديسبلاي يشملون معظم مصنعي الهواتف الذكية العالميين مثل آبل وسامسونج واتش تي سي وموتورولا موبيليتي هولدينجز وريسيرش إن موش التي تصنع بلاكبيري، حسب مؤسسة ديسبلاي سيرش، إذ أن جابان ديسبلاي لا تكشف عن أسماء عملائها. وهناك ميزة أخرى لجابان ديسبلاي تتمثل في أنها أكبر مورد للشاشات المستخدمة في آلات التصوير الرقمية الراقية وأجهزة السيارات الملاحية وإن كانت تلك الأسواق أصغر من أسواق الهواتف الذكية. ويعتبر انهيار إلبيدا، التي حصلت أيضاً على تمويلات حكومية، بمثابة درس يذكر المعنيين بالتحديات المنتظرة. غير أن أوتسوكا رئيس جابان ديسبلاي قال إن ميدان معركة شركته يختلف عن سوق رقائق الكمبيوتر بدون اسم تجاري التي أخفقت فيها البيدا. وقال: “إن شاشات المحمول ليست بضاعة بدون اسم تجاري، ولكنها تصنع حسب طلب كل عميل على حدة وما يلائمه من تفاصيل وخصائص”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©