الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإصلاحات الدستورية في قرغيزستان... تحفظات روسية

29 يونيو 2010 21:25
فريد وير روسيا رغم التأييد الساحق الذي حازه استفتاء قرغيزستان المضطربة نهاية الأسبوع الماضي بشأن إصلاح النظام السياسي من قبل السكان، وعلى نحو غير متوقع انتقدت روسيا، أوثق حلفاء قرغيزستان، الإصلاحات الدستورية. خلال حديثه أمام الصحفيين على هامش قمة مجموعة العشرين في تورونتو بكندا، تعامل الرئيس ديمتري ميدفيديف بفتور واضح مع الهدف المعلن من الاستفتاء المتمثل في تغيير دستور البلاد من نظام رئاسي إلى آخر يمتلك فيه البرلمان المنتخب شعبياً حصة الأسد من السلطة السياسية، كما حذر من أن البلد الصغير في آسيا الوسطى يواجه خطر "الانقسام" والوقوع تحت سيطرة "المتطرفين"، فقد حصد الاستفتاء الذي نُظم يوم الأحد الماضي 91 في المئة من أصوات الناخبين الذين وقفوا إلى جانب الجهود الحكومية لإصلاح النظام السياسي. ومن ناحية أخرى، أشاد المراقبون الدوليون بالاستفتاء، وعلى رأسهم "منظمة الأمن والتعاون" الأوروبية، كما عبر المجتمع الدولي عن أمله في أن يعقب الاستفتاء انتخابات برلمانية تنظم خلال شهر أكتوبر المقبل لتساعد البلاد على استعادة عافيتها والخروج من الأزمة، التي تسببت فيها الاضطرابات العنيفة التي أدت إلى سقوط ألفي قتيل ونزوح مئات الآلاف من سكان البلاد مطلع الشهر الجاري، ويرى الخبراء أن الاستفتاء يمثل خطوة مهمة في اتجاه إعادة الشرعية للحكومة المؤقتة في بشكيك التي جاءت إلى السلطة بعد انقلاب مدعوم من موسكو، تخفى تحت رداء الثورة الشعبية خلال شهر أبريل الماضي، واليوم لا تخفي موسكو خيبتها من إجراء الاستفتاء وإدخال إصلاحات سياسية جديدة إلى البلاد. هذا التحفظ عبر عنه ميدفيديف بوضوح قائلًا: "بالنظر إلى أن السلطات في بشكيك مازالت عاجزة حتى اليوم عن فرض النظام، وأن شرعية النظام ضعيفة، لا أفهم كيف يمكن لجمهورية برلمانية أن تعمل في قرغيزستان في ظل هذه الظروف"، وأضاف الرئيس الروسي: "ألن يقود ذلك إلى سلسلة من المشكلات الداخلية، وإلى اضطرابات داخل البرلمان؟ بل قد يؤدي إلى صعود جماعات سياسية متباينة وإلى انتقال السلطة من يد إلى أخرى، وأخيراً قد تتولى السلطة جماعات متطرفة، وهو ما يقلقني". وإزاء هذه الانتقادات، حار المراقبون في تحديد الهدف من التحفظ الروسي وما تسعى إلى تحقيقه من وراء هذه الانتقادات، لا سيما في ظل المساعي الروسية لتحقيق الاستقرار في الجمهورية الصغيرة ودعمها للحكومة المؤقتة بزعامة "روزا أوتانباييفا"، التي وقفت موسكو إلى جانبها منذ وصولها إلى السلطة في شهر أبريل الماضي. واللافت أيضاً أن هذه المساندة لم تدفع روسيا في أوج المواجهات الدامية التي شهدتها قرغيزستان إلى التدخل، وذلك رغم تأكيد الكريملن أن المناطق التابعة للاتحاد السوفييتي السابق هي جزء من "النفوذ" الروسي. ولتفسير الموقف الروسي، اعتبر بعض المحللين أن ميدفيديف كان يعبر عن إحباط موسكو من الوضع المتدهور في آسيا الوسطى عموماً والذي يبدو أن موسكو تجد صعوبة متنامية في التعامل معه، هذا الرأي يذهب إليه "ألكسي مالشينكو"، الخبير في مركز "كارنيجي" بموسكو قائلاً: "في روسيا، يشعرون بخيبة أمل كبيرة إزاء الحكومة المؤقتة في بشكيك، والتي كانوا يأملون في أن تكون أقوى، لكن عدم تحرك روسيا خلال الأزمة يظهرها على أنها عاجزة عن التأثير في مجريات الأمور بالمنطقة، وهي كارثة بالنسبة للسياسة الخارجية الروسية؛ لأن ظهور العجز عليها سيشجع أعداءها على الاستقواء ضدها". لكن هناك البعض الآخر من المراقبين يفسرون تصريحات ميدفيديف المنتقدة على أنها تعكس التخوف الروسي التقليدي من البرلمانات التي ينظر إليها على أنها منقسمة وعاجزة عن الحكم واتخاذ القرارات، فالنظام الروسي نفسه يعتمد على الكريملن فيما يترك صلاحيات صورية للبرلمان، وهو النظام الذي وضعه يلتسين عام 1993 بعدما فرق تمرد البرلمانيين بالرصاص. وفي هذا السياق، يقول "ليونيل جوسيف"، الخبير في مؤسسة "الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية" الرسمية التي تدرب الدبلوماسيين الروس "داخل روسيا تنعدم الثقة في فكرة الجمهورية البرلمانية؛ لذا جاءت تصريحات ميدفيديف على النحو الذي سمعناه. وكانت فكرة الإصلاحات الدستورية التي دافعت عنها "أوتانباييفا" إحدى الوسائل الرامية إلى إخراج قرغيزستان من دائرة حكم الرؤساء الأقوياء الذين يتحولون إلى آلة للفساد تتسبب في تحريك الشارع، كما حصل في مناسبتين خلال أقل من خمس سنوات. وبعد ظهور نتائج الاستفتاء التي أيدت فيه فئات واسعة من الشعب الإصلاحات السياسية، أكدت رئيسة الحكومة المؤقتة "أوتانباييفا" أن البلاد تسير على خطى "حكومة شعبية حقيقية... وهو يوم مهم وتاريخي بالنسبة للبلاد بعدما وضع الشعب حداً لفترة الحكومات الاستبدادية ولمرحلة المحسوبية والفساد". لكن يخشى المراقبون من أن تواجه قرغيزستان مرحلة أخرى من الاضطرابات بما فيها محاولات أنصار الرئيس المخلوع "كورمان بيك باكييف"، الذي يعيش حالياً في بلاروسيا، تأزيم الوضع والتسبب في قلاقل سياسية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©