الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مواجهة رتابة اليومي بتدفق القصيدة

مواجهة رتابة اليومي بتدفق القصيدة
24 يناير 2008 01:52
- تنشر دواوينهم على حسابها الخاص شرط توفر الابداع الذي يعيد الى الكلمة رونق ذلك الزمن الجميل الذي حفظ ارث الأجيال ومقولة: ''ليس هناك أمة ارتبط الشعر بروحها وكيانها كأمة العرب''· قبل نحو ثلاث سنوات انطلق المشروع الذي جاء بمثابة رد على محاولات ''وأد'' الشعر· حمل شعار ''الشعر للشعر'' في مواجهة الحملات المشككة باستمراريته· جاء تخمين الأوساط الأدبية أن المشروع ليس الا حلماً يدغدغ مخيلة الناشرة الى حين· يثمر لعام في أقصى الحدود قبل أن يلقى مصير الفشل كحال كل الآداب والفنون· لكن المفاجأة أن المشروع نضج سريعاً مستقطباً أبرز الشعراء وأولئك المغمورين بحثاً عن فرصة· صار الأب الروحي للغة مشاكسة تصنع حياة حلوة· وبحلول العام ألفين وثمانية تكون دار النهضة أسهمت في نشر نحو خمسين ديواناً لشعراء بينهم: محمد علي شمس الدين وشوقي أبي شقرا (لبنان)، محمد بنّيس وحسن نجمي ومحمد الأشعري (المغرب)، فاطمة ناعوت ورنا التونسي (مصر)، عزالدين الميهوبي (الجزائر)، سركون بولص (العراق)، أحمد راشد ثاني (الامارات)، طاهر رياض (الأردن)، محمد بعيّو (ليبيا)، بالاضافة الى دواوين قيد الصدور لكل من قاسم حداد وعبده وازن وسيف الرحبي وفاطمة قنديل وبول شاوول··· السبب·· أغنية ترجع لينا الدافع الأبرز للمشروع الى المستوى الهابط في التعابير التي باتت على هامش ''الأدب''· تذكر أنها في احدى الأمسيات سمعت أغنية لـ ''مطرب'' ناشئ يتوعد فيها محبوبته بالضرب ما لم يعلمها أهلها لياقات التعاطي معه· حينها ما كان بالامكان أكثر من الترحم على عظماء أمثال أم كلثوم والعديد ممن أسهموا بأحاسيسهم الصادقة في تهذيب المشاعر· أخذت تفكر في وسيلة تنفع في محاربة تلك الظواهر النافرة في المجتمع· تقول ممازحة: ''بما أن صوتي لا يخدم الطرب لم يكن أمامي سوى الانطلاق من قواعدي· أن أحارب من ''مسدس'' الشعر الذي بامكانه أن يغرق المدينة برصاصه· يصيب بسهامه أناساً أخذتهم المشاغل اليومية الى دنيا ليس فيها حب· وكان أن أخبرت أخوتي بتفاصيل المشروع· رصدت له من حصتي في الدار ما تيسر· فكرت أن متعة اصدار مجلة تحتضن الشعر (مجلة نقد)، أو ولادة ديوان على يدي أكثر روعة من استبدال سيارتي بواحدة تكون أكثر فخامة· استغنيت بذلك عن مشاريع خاصة يخدم مردودها في دعم المشروع''· تسلمت لينا ادارة دار النهضة بعد وفاة والدها قبل نحو سبع سنوات· كان عليها باعتبارها الابنة البكر أن لا تفرط في ارث والدها الثقافي، الذي يقارب عمره عن نصف قرن· تعترف أن المهمة لم تكن سهلة أمامها بالنظر الى حياتها التي أمضتها في ترحال دائم متنقلة بين بلدان العالم بحثاً عن مغامرة· تحكي: ''قصدت خليج الخنازير بعد ما قرأته عن صمود فيدال كاسترو هناك· زرت أدغال القارة السوداء، معابد، وأديان ومزارع···''· تطلب اثبات الذات سنوات قليلة تمكنت بعدها في أن تضع بصمات خاصة تضيفها الى مسيرة الدار التي تطبع المقررات الجامعية والأكاديمية والكتب الدينية· رافق الاعلان عن المشروع الشعري في بداياته حذر أبداه الشعراء تحسباً لخطوات تكون غير مدروسة، الا أن الجهد الخاص الذي بذلته لينا مكنها في المحصلة من كسب ثقتهم· كبر المشروع الى أبعد من امكانات الدار· تقول: ''تصلني عشرات المخطوطات الجميلة، لكن الامكانات المتواضعة تحول دون نشرها كلها برغم أنها تستحق النشر· ذلك أن ميزانية الدار لا تسمح باصدار أكثر من 16 ديوانا في السنة على نفقتها الخاصة· ويبقى الرهان على استمرارية المشروع وتوافر سبل وموارد تعزز من توسعه''· مهمة الشاعر مشروع لينا لا يتوقف في علاقته مع الشعراء عند صدور الديوان الشعري، بل يتعداه الى نسج شبكة علاقات توفر على الشاعر عناء متابعة ''مولوده'' في تقديمه للرأي العام، تعلق: ''أعرف في الغرب أن المهمة الوحيدة الموكلة الى الشاعر أن يكتب فحسب· تبقى مهمة الترويج والعلاقات العامة من مسؤولية الناشر الذي يسهم كثيراً في خلق مناخات ملائمة وفرصا يمكن أن تأخذ الشاعر الى فضاءات رحبة وجوائز معنوية قيّمة· هذا بالضبط ما أقوم به حول العالم''· ضمن المشاريع التي تعد لها الدار، ثمة مشروع ترجمة على وشك أن يرى النور قريبا· يقضي المشروع بترجمة بعض الدواوين الى اللغتين التركية والايرانية بغية تفعيل التبادل الثقافي من خلال معارض الكتب التي تنظم في المنطقة· وهناك مشروع آخر يسمح بانتشار أوسع من خلال النشر المشترك بين دار النهضة ودار نشر أميركية· هذا التعاون يأخذ الابداع العربي الى المزيد من الضوء، لكنه في المقابل باهظ الكلفة بحسب ما تشير لينا: ''صحيح أننا نسعى للأفضل، لكن كل خطوة تفاقم من الأعباء على الدار· الحقيقة أنني برغم النجاح الذي أحرزه المشروع أخجل من ذكر عدد الدواوين المباعة في السوق· يسألني الكاتب أو الشاعر عن أحوال السوق فأقول بأنها مستورة· أهرب بعيني كي لا يصاب المثقف بالخيبة وعسر الكتابة في حال عرف حقيقة الأرقام· المشكلة أننا بتنا لا نقرأ الا للضرورة· نقفز بين الكلمات كأنها طلاسم· لعله الوضع المأزوم في المنطقة لا يتركنا نهضم ما نقرأ· في المقابل يجب أن لا نهرب من حقيقة أننا بتنا نفضل شراء سندويش ''همبرجر'' على اقتناء كتاب· علماً أن ثمن الاثنين في تقارب· هكذا نمرّن الذاكرة المثقوبة على النسيان''· تعترف لينا أن الشعر يثمر ولا يغني· يبقى للتاريخ الشاهد الحي على الانسان العربي بتقلباته وأمزجته وجولاته·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©