الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في ريو... «أميركا عظيمة» فعلاً!

20 أغسطس 2016 22:16
في الأسبوع الأول من الألعاب الأولمبية في ريو رأينا أن كثيراً مما يثير القلق في الداخل الأميركي يسهم بقوة في بروز الولايات المتحدة على المسرح الدولي. وإذا كان العِرق والنوع والهجرة، أو حتى تعريفنا للنجاح، يقسمنا كمواطنين وناخبين فإن هذه الأمور توحدنا، ولو مؤقتاً، كمشجعين للفرق الرياضية الأميركية. ففي منافسات جمباز النساء، استقى الفريق قوته القومية من التنوع. وسيمون بايلز حاملة لقب بطلة العالم في الجمباز أميركية أفريقية، وكذلك جابي دوجلاس التي فازت باللقب في أولمبياد لندن عام 2012. ولوري هرنانديز، وهي إحدى لاعبات الفريق من بورتوريكو، والفريق فيه لاعبتا جمباز بيضاوان وهما آلي ريسمان وهي يهودية وماديسون كوتشيان. وهذا التنوع لدى الرياضيين يقف في موسم سياسي تهيمن عليه عقلية مظلمة تصر على الكل أو لا شيء، مما يوحي كأن نجاح فريق من الأميركيين لا يمكن أن يتحقق إلا على حساب آخر. ومن دواعي السخرية أن ما يثير الشقاق بالباطل في الانتخابات هو ما صنع الواقع والنجاح في جمباز الأولمبياد. فقد استطاعت خمس نساء فقط صنع فريق قومي أميركي. ويكفي أن امرأتين أميركيتين تمكنتا من الوصول إلى النهائيات للمسابقات الفردية، وهرنانديز على سبيل المثال كانت ستنافس أيضاً في مسابقة يوم الثلاثاء لولا أن بايلز وريسمان تأهلتا بدرجات أعلى. ولو لم تكن بايلز متفوقة بشكل واضح، ولو لم تشتهر مارثا كارولي مدربة النساء بتحقيق توازن قوي في المهارات في الفرق الأولمبية، لَكان من السهل على المشاهدين أن ينقسموا على أساس حزبي ويشجعوا لاعبة جمباز على حساب أخرى. وبدلًا من هذا فإن إنجازهن جماعي وامتيازهن الفردي يرفع قيمة الفريق ككل. وانتصاراتهن تخصنا جميعاً مما يدحض الفكرة القائلة بأننا لا يمكن أن ننجح معاً. وفي مجال الألعاب المائية تجلى جانب مختلف من الإنجاز الأميركي في قلب الأحداث. فقد تحدث سباحون من عدد من الدول عن ضبط منافسين يستخدمون عقاقير تحسّن الأداء في الماضي. ولفتت إدانة ليل كينج الأميركية للاعبة روسيا يوليا إيفيموفا انتباهاً خاصاً. ولكن تلميح كينج تردد صداه لسبب مختلف. ففي الوقت الذي أصبحت جدارة النشاط الاقتصادي للمرشح الجمهوري بالنجاح قضية مهمة في الانتخابات الرئاسية، فإن ما يثلج الصدور أن نرى أميركيين في الخارج يجادلون بأنه حين نفوز يجب أن نكون جديرين بهذا حتى لو كان ذلك يعني التنصل من الإنجازات التي حققناها دون وجه حق كما فعلت كينج أيضاً في إدانة أميركيين نافسوا في «ريو» رغم اختبارات العقاقير الماضية الفاشلة. وربما يستطيع ترامب أن يخفي ثروته الحقيقية برفضه نشر إقراره الضريبي، وأن يوظف عمالاً أجانب في ممتلكاته في حين أنه يعِد بإعادة الوظائف إلى أميركا، ولكن في سباق السباحة في ريو لا يمكن للمرء أن يعتمد على الشعوذة للفوز بالذهب. وفي ريو أيضاً نلاحظ تفوق النساء الأميركيات، سواء كانت السباحة كيتي لييكي أو التميز الكبير لبايلز أو ظهور كينج كصوت أخلاقي في الجدل بشأن تعاطي المنشطات. فالنساء قدمن للجمهور الأميركي بعضاً من أقوى المناسبات للاحتفال والتشجيع. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن مساهمات المهاجرين أضافت إلى رصيد الولايات المتحدة من الميداليات بما ذلك لاعب كرة السلة الأسترالي المولد كيري إيرفينج الذي قرر العام 2012 ألا يلعب لصالح بلده بالميلاد حتى يؤهل نفسه كي ينافس من داخل الفريق الأميركي. ولكن الواقع السياسي تجمد في حالة من الفظاعة الاستثنائية في ظل التنوع المتزايد في البلاد واحتمال ظهور قيادة نسائية وتأثير المهاجرين والأفكار المحتدمة بشأن ما يمثل قيم النجاح الحقيقي. ولكن حين نقيس أنفسنا بالأمم الأخرى نرى جمال وقوة احتواء الجميع والنزاهة في الحكم على الأمور. وفي حديثها عن حملتها يوم الخميس استخدمت هيلاري كلينتون نجاح الفريق الأميركي لانتقاد ترامب، مشيرةً إلى أنه لو خشي الرياضيون الأميركيون من الانفتاح على العالم الخارجي كما يفعل منافسها «لقبع مايكل فيليبس وسيمون بايلز في غرفة تغيير الملابس جُبناً». وكان بوسعها أن تتناول الفكرة بشكل أبسط وأن تقول إن أولمبياد ريو أوضح بشكل لا لبس فيه أن ما يريد ترامب تغييره في الحياة الأميركية ليجعل «أميركا عظيمة مرة أخرى» هي الأشياء نفسها التي تجعل أميركا عظيمة فعلاً. *كاتبة ومدونة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©