الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

توطين قطاع الوساطة المالية يصطدم بضعف الرواتب ونقص العناصر المتخصصة

توطين قطاع الوساطة المالية يصطدم بضعف الرواتب ونقص العناصر المتخصصة
22 ابريل 2013 09:29
عبدالرحمن إسماعيل (أبوظبي) - قبل خمس سنوات، كان الحديث عن توطين قطاع الوساطة المالية في أسواق الأسهم المحلية صعباً للغاية، حيث أجبرت ظروف الأسواق تحت وطأة الأزمة المالية العالمية 59 شركة تمثل أكثر من نصف الشركات العاملة بالقطاع، على الخروج من السوق أو تجميد نشاطها بسبب ارتفاع خسائرها المالية. ومع بوارد تعافي الأسواق المحلية وتصدرها قائمة بورصات المنطقة كأفضل الأسواق أداءً منذ العام الماضي، بدأ الحديث عن توطين القطاع، بالتزامن مع الخطوات التي تتخذها الحكومة لجعل عام 2013 عاماً للتوطين. وتتباين آراء مديري شركات وساطة بشأن آليات توطين القطاع، بين مطالب بوضع نسب إلزامية سنوية للتوطين على غرار القطاع المصرفي، وبين معارض باعتبار أن الكثير من شركات الوساطة هي شركات خاصة يطبق عليها قانون العمل، لكنّ هناك إجماعاً على الدور المهم للقطاع في التوطين، الذي يتطلع إلى عمليات توظيف أكبر خلال السنوات المقبلة مع تعافي الأسواق المالية. ويطالب عبدالله الحوسني مدير عام شركة الإمارات دبي الوطني للوساطة المالية التابعة لبنك الإمارات دبي الوطني، بإلزام شركات الوساطة بتوطين نسبة معينة من وظائفها سنوياً، معتبراً أن هذه النسبة السنوية كانت ولا تزال سبباً في نجاح التوطين في قطاعات أخرى مثل القطاع المصرفي. وطالب الحوسني هيئة الأوراق المالية والسلع بدراسة تجربة التوطين في القطاع المصرفي ومحاولة تطبيقها في قطاع الوساطة المالية، بهدف تشجيع العنصر المواطن على دخول هذا القطاع، خصوصاً أنه يتعافى في الوقت الراهن من عثرة السنوات الأربع التي تلت الأزمة المالية العالمية. وتطرق الحوسني إلى ندرة العنصر المواطن للعمل في قطاع الوساطة المالية، حيث لا تتوافر تخصصات في الأوراق المالية في الكليات والجامعات، داعياً إلى تحرك من جانب هيئة الأوراق المالية في التواصل مع الجامعات بهدف إدخال تخصص الوساطة المالية في مساقاتها التعليمية، علاوة على توعية الطلاب المواطنين بشكل عام بقطاع إدارة أصول ومحافظ الأوراق المالية، والفرص التي تتوافر فيه بما يحمله من مزايا ومغريات في الرواتب. وتبلغ نسبة التوطين في شركة الإمارات دبي الوطني للوساطة المالية نحو 25% من إجمالي عدد الموظفين البالغ 33 موظفاً. تحسن السوق فرصة للتوطين وقال الحوسني إن شركات الوساطة لم تقم بتوظيف أعداد كبيرة من العاملين خلال العامين الماضيين بسبب ظروف الأسواق، لكن بدأت توظيف مواطنين مع بداية العام الحالي كما فعلت شركة الإمارات دبي الوطني للوساطة المالية، ويتوقع مع استمرار الأسواق في التحسن وزيادة إيرادات شركات الوساطة، ارتفاع نسب التوظيف خلال الفترة المقبلة. وفي الوقت الذي يرى فيه عدد من العاملين في قطاع الوساطة المالية أن الشركات التابعة لبنوك أقدر من الشركات الخاصة على التوطين، في ظل التزام المؤسسات المصرفية بنسب توطين محددة، وتوافر قدرات مالية تفوق الشركات الخاصة، يرى الحوسني أنه ليس صحيحاً أن شركات الوساطة التابعة للبنوك هي القادرة بمفردها على دفع رواتب أعلى للمواطنين وتحمل الأعباء المالية، موضحاً أن الشركات التابعة للبنوك هي شركات تجارية وليست «مؤسسات خيرية»، ولديها مواطنون على قدر كبير من الكفاءة يتقاضى بعضهم رواتب أقل من وافدين رغم أنهم يعملون في موقع واحد. وأفاد الحوسني بأن الكثير من المواطنين الذين يتعاملون مع شركات الوساطة يطلبون التعامل من خلال موظف مواطن، باعتباره أقدر على تفهم رغباتهم واحتياجاتهم الاستثمارية، فضلاً عن رغبة الكثير منهم في تشجيع الشباب المواطن على العمل لدى القطاع الخاص. وأكد أهمية إعطاء اهتمام بالتوطين في قطاع الوساطة، في ضوء المبادرة التي طرحها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بأن يكون العام الحالي عام التوطين. ويقول محمد علي ياسين العضو المنتدب لشركة أبوظبي الوطني للخدمات المالية التابعة لبنك أبوظبي الوطني، إن التوظيف في قطاع الوساطة المالية تأثر سلباً منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث زاد المعروض من الكفاءات المواطنة وغير المواطنة عن حاجة الشركات، فاضطرت غالبية الشركات إلى خفض رواتب موظفيها أو تسريح البعض منهم، لمواجهة تراجع إيراداتها نتيجة انخفاض تداولات أسواق الأسهم المحلية. وأضاف أن القطاع خسر خلال السنوات الأربع التي تلت الأزمة المالية نحو ثلث حجم القوى العاملة لديه، بسبب حجم الخسائر المالية التي تكبدها، وأصبح قطاعاً محدوداً للغاية ليس بالحجم ذاته الذي كان عليه قبل الأزمة، بحيث ينتظر منه توظيف أعداد كبيرة. وتراجعت أعداد شركات الوساطة العاملة في الأسواق المالية من 107 شركات قبل الأزمة المالية إلى 48 شركة حالياً، وبلغت خسائر 68 شركة خلال عامي 2009 و2010 نحو 645 مليون درهم. وبين ياسين أن قطاع الوساطة المالية كان جاذباً للعمل قبل الأزمة المالية، خصوصاً في سنوات الطفرة 2004 و2005 و2006، وتراوحت الرواتب بين 12 و18 ألف درهم للموظف الذي يقوم بعمليات البيع والشراء، وانخفضت هذه المعدلات بسبب تراجع إيرادات شركات الوساطة بنحو 85% نتيجة لانخفاض عمولاتها من تداولات الأسواق، ما أجبر الشركات على تخفيض عدد الموظفين لديها. شركات تابعة لبنوك وأضاف ياسين أن شركات الوساطة العاملة في الأسواق تنقسم إلى قسمين، الأول شركات تابعة إلى بنوك، وهذه كانت قادرة على تحمل أعباء السنوات الماضية، بعكس الشركات الخاصة المملوكة لأفراد وليس لبنوك، مضيفاً بأنه لدى الشركات التابعة للبنوك القدرة المالية على دفع الرواتب، لذلك فهي الشركات الوحيدة التي تضم أكبر عدد من الموظفين المواطنين بين أقسامها. وأفاد بأن نظام التوظيف لدى شركات الوساطة التابعة للبنوك يخضع لنظام العمل المصرفي وإدارات الموارد البشرية بالبنك، ولهذا فإن عدد الموظفين العاملين في شركة الوساطة يتم احتسابه ضمن معدلات التوطين في البنك. وتصل نسبة التوطين في شركة أبوظبي للخدمات المالية التي تأتي ضمن أكبر 10 شركات وساطة عاملة في أسواق الأسهم نحو 15% من إجمالي عدد الموظفين العاملين في الشركة البالغ عددهم 40 موظفاً، وفقاً لما ذكره ياسين الذي اعتبر عدد موظفي الشركة الأكبر بين شركات الوساطة. وقال إن أعداد المواطنين في شركات الوساطة تنمو مع تحسن أسواق الأسهم، ونمو إيرادات الشركات من عمولاتها المحققة من تداولات الأسواق، ومن المتوقع خلال الفترة المقبلة ارتفاع أعداد المواطنين العاملين في القطاع مع تعافي الأسواق المالية. وأضاف أن شركات الوساطة الخاصة ينطبق عليها قانون وزارة العمل الذي يحكم العمل في القطاع الخاص، وهذه الشركات ترى من وجهة نظرها أنها غير ملزمة بتوطين نسبة معينة من وظائفها سنوياً بسبب ضعف إيراداتها المالية، بعكس شركات الوساطة التابعة للبنوك، حيث يتعين على أي بنك رفع نسبة التوطين سنوياً، بما يشمل شركات الوساطة التابعة له. وبين أن هذا النوع من الشركات يحتاج إلى تغطية مصاريفه من إيراداته، وطيلة السنوات الماضية اضطرت شركات الوساطة الخاصة إلى خفض عدد موظفيها ورواتب العاملين لديها، من أجل الحد من ارتفاع نفقاتها التشغيلية والبقاء في الأسواق. وحول إلزام شركات الوساطة بتوظيف نسبة محددة من وظائفها سنوياً، قال ياسين إنه من الصعب تحقيق ذلك على الأقل بالنسبة لشركات الوساطة المملوكة لأفراد، لأن ما ينطبق على هذه الشركات هو ما ينطبق على القطاع الخاص بشكل عام، ولكن يمكن تشجيع التوطين في القطاع بشكل عام من خلال مبادرات وزارة شؤون الرئاسة لتمكين المواطنين في العمل الخاص، عبر تحمل جزء من رواتب المواطنين في شركات الوساطة. وأضاف ياسين أن نجاح تجربة التوطين في القطاع المصرفي حدث لكون البنوك مملوكة بشكل كلي أو جزئي للدولة، في حين أن معظم شركات الوساطة خاصة مملوكة لأفراد وتخضع في عملها لوزارة العمل، لذلك لن تجدي قضية وضع نسبة إلزامية سنوية لتوطين وظائفها طالما لا يطبق ذلك في القطاع الخاص ككل، لكن يمكن تحفيز أصحابها على توظيف مواطنين من خلال تحمل جزء من رواتب العاملين لديهم. وأكد أن هناك كفاءات مواطنة أثبتت نفسها في قطاع الوساطة المالية منذ نشأة الأسواق المالية النظامية عام 2000، وسيفرض التطور المستمر في الأسواق وجود المزيد من الكوادر المواطنة، مضيفاً بأن مواطنين عملوا في شركات وساطة تابعة لبنوك ثم انتقلوا إلى العمل في القطاع المصرفي، بسبب الآفاق الكبيرة للترقي قياساً بمحدودية الوظائف القيادية لدى شركة الوساطة. وأضاف أن العمل في قطاع الوساطة المالية يحمل الكثير من الضغوط التي قد لا توجد في قطاعات أخرى شبيهة، خصوصاً بالنسبة للعاملين في المكاتب الأمامية الذين يعملون تحت ضغط كبير، وربما لا يفضل كثيرون العمل في ظل هذه الظروف، ولهذا السبب يتطلعون إلى بيئة عمل أقل ضغطاً. مقترح بتأسيس صندوق لدعم التوطين بالقطاع اقترح وائل أبو محيسن مدير عام شركة الأنصاري للخدمات المالية، إحدى شركات الوساطة المملوكة لأفراد، تأسيس صندوق لدعم التوطين في قطاع الوساطة المالية، بحيث يتولى سداد جزء من رواتب المواطنين العاملين في شركات الوساطة الخاصة، وتكون رواتبهم مساوية لما يتقاضاه نظرائهم في الشركات التابعة للبنوك. وأضاف أن هناك قناعة لدى شركات الوساطة بأهمية التوطين، وجذب العنصر المواطن الكفء للعمل لديها، وكانت ظروف الأسواق المالية والخسائر التي منيت بها شركات الوساطة بسبب تراجع إيراداتها من عمولات تداولات الأسواق، سبباً في عدم توظيف موظفين جدد طيلة السنوات الماضية. وقال إن شركات الوساطة الخاصة لا تملك الإمكانات المالية التي تمكنها من دفع رواتب كبيرة للمواطنين على غرار الشركات التابعة للبنوك. وأوضح أن شركته استقطبت عدداً من المواطنين للعمل لديهـا، وشجعتهـم على الالتحاق بالبرامج التي تعدها هيئة الأوراق المالية لاجتياز اختبارات الحصول على رخصة وسيط، ومع ذلك انتقل بعضهم للعمل إلى شركة أخرى تابعة لبنك تحت إغراء الراتب الكبير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©