السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهدوء وثقافة الضجيج

الهدوء وثقافة الضجيج
20 سبتمبر 2008 00:26
أمرنا الله سبحانه وتعالى بالهدوء في الصوت، وفي السمع، وفي النظر، وأن نتخذ قراراتنا بحكمة وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا البقرة: الآية ،269 ونهانا عن ثقافة الضجيج حيث يتحول الإنسان فيها إلى شخص قميء، لا يفكر ولا يتدبر، ويختلط عليه الحق بالباطل، ويقف حائرا تافها تائها لا غرض له ولا هدف له في هذه الحياة الدنيا التي جعل الله لها هدفا ساميا وهو أن نعبده سبحانه وتعالى وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ الذاريات: الآية:،56 وأن نعمر هذه الأرض فأرسل لنا الرسل وأنزل الكتب، وأكد الوحي وأمر ونهى وحدَّ لنا حدودًا، وأن نزكي أنفسنا وأن نقيِّم أخلاقنا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا الشمس:الآيتان 9- ·10 وقال -صلى الله عليه وسلم-(إنَّما بُعِثْتُّ لأتَمِّمَ صَالِحَ الأخْلاقِ) (مسند الإمام أحمد)، والناظر في ثقافة الهدوء وفي ثقافة الضجيج يجد أن ثقافة الضجيج وراءها حزب الكافرين، ابتداءً من إبليس وانتهاءً بالمعاندين الذين لا يريدون وجه الله، ولا يريدون صلاحًا في الأرض، فهى السلاح الذي يحاول به هؤلاء الأغبياء أن يصدوا عن كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم· وثقافة الضجيج نراها عندما توعد الله إبليس بأوامر، والأمر في اللغة للوجوب لكنه قد يأتي للتهديد؛ فقال له: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا ]الإسراء :64 أمره أوامر أربعة ''استفزز (خادع ورواغ)- أجلب عليهم (صح عليهم واستحثهم)- شاركهم- عِدهم'' ليس على سبيل الوجوب فإن الله لا يأمر بمنكر؛ إنما على سبيل التهديد كلغة العرب تقول: اجتهد جدك وسوف ترى· فإبليس- لعنه الله - يجعل علو الصوت ويجعل الضجيج والجلبة والصياح وسيلة من وسائل إضلال خلق الله سبحانه وتعالى، والله عليم بما سيفعل فنبهه وحذره وتوعده وهدده بمثل هذا الأسلوب الرائق الفائق الذي ليس هو من كلام البشر· إنها ثقافة الضجيج الذي لا يبقي معه فرصة لبرهان ولا تأمل ولا تدبر، فتنشأ العقلية الهشة التي لا تستطيع أن تفهم ولا أن تتدبر معناه، ولا أن ترى الواقع على ما هو عليه، ولا يستطيع المؤمن حينئذ أن يدرك شأنه، ولا أن يعلم عصره، ولا يعلم كيف يفكر في تطبيق ما أمر الله ورسوله في هذا العصر؛ ابتغاء الوصول إلى مراد الله من خلقه· في المقابل يقول الله عز وجل وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ]التوبة:،6 إنه أمر بالهدوء والسماع والاستجابة والتدبر والتفكر وترتيب الأدلة من غير إكراه ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ··· إذا ما تتبعنا الصوت في القرآن الكريم، ورأيناه في جانب المفسدين ضجيجًا وجلبةً وصيحةً- فقد جعله الله أيضا علامة على العذاب فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ]الحجر:،73 ويجعـل الله سبحانه وتعالى في المقـابل (الهمس) علامة جـلال ومهـابة فيقـول: وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا طه الآية:·108 مفتي الديار المصرية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©