الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوابات العالم الآخر..

22 ابريل 2015 21:58
* ثلاثة ملايين ألماني ومليونان ونصف فرنسي و12 مليون أميركي عاشوا التجربة * دراسات: 4 في المائة من سكان العالم تقريباً يعيشون حالة الموت الوشيك * شهادات من عاشوها تتفق على كونها إحساساً عميقاً بالسعادة والسلام المطلق * تجربة الموت الوشيك تشكل تحدياً حقيقياً أمام العلم والفلسفة معاً الفاهم محمد ------ يطلق على الظاهرة تجربة الموت الوشيك وتختصر عادة ب (NDE) أي (NEAR DEATH EXPRIENCE)، وهي ظاهرة أصبحت مثيرة للانتباه بالنظر إلى اتساعها في المجتمعات الحديثة، منذ اكتشافها في سبعينات القرن الماضي من طرف ريموند مودي (RAYMOND MOODY)، وهو فيلسوف وطبيب له كتاب ذائع الصيت بعنوان: حياة بعد الحياة (life after life). ومنذ ذلك الوقت والدراسات تنصب على الموضوع باستمرار من طرف عدد من العلماء والباحثين منهم على سبيل المثال لا الحصر: ميكاييل سابوم (Michael Sabom)، وكينيث رينغ (Kinneth ring) إضافة إلى بيم فان لوميل (Pim van lommel). --------- تقدر بعض الدراسات أن حوالي ثلاثة ملايين في ألمانيا يعيشون هذه الحالة وفي فرنسا مليونان ونصف، أما في أميركا فيقدر العدد ب 12 مليوناً، وعموما يعيش حوالي 4 في المائة من سكان العالم هذه الحالة. إنها تجربة محاذاة الموت والاقتراب من بوابات العالم الآخر. عادة ما نقول بأنه لا أحد يعود من الموت كي يخبرنا عنه، غير أن تجارب الموت الوشيك تكذب هذا الاعتقاد، نعم هناك بعض الذين عادوا بالفعل من الموت السريري وقدموا شهادتهم عما رأوه هناك على الحدود الفاصلة بين الموت والحياة. فهل الأمر يتعلق فقط بهلوسات وسكرات الموت أم أن هذه التجارب حقيقية؟ بطريقة أخرى هل انقطاع الأكسيجين عن الدماغ هو ما يحدث مثل هذا الإحساس وإذا كان الأمر هكذا، ماذا يمكن أن نقول عن الوصف الدقيق الذي يقدمه هؤلاء عن مراحل العملية التي أجريت لهم؟ ثم ماذا يمكن للعلم أن يقول بصدد هذه الظاهرة؟ كيف يمكن أن تلتقي الملايين من الشهادات عبر العالم في وصف نفس الشيء؟ الخروج من الجسد --------- شهادات كثيرة قدمت عبر العالم حول هذه الظاهرة لأناس وقعت لهم حوادث سير أو أصيبوا بسكتة قلبية أو دماغية أو غيرها من الأسباب، لكنهم جميعهم تقريبا يقدمون وصفاً مشابها للحالة، فهم يعتبرون أن هذه اللحظات من أجمل ما عاشوه في حياتهم، إحساس عميق بالسعادة والطمأنينة، لحظات من الحب المطلق والسلام والسكينة التي يصعب وصفها. هكذا يحكي هؤلاء الناس عن تجارب الخروج من الجسد بحيث يرون أجسامهم وهي ممدة فوق سرير الطبيب بينما الأطباء يعملون مباضعهم ومشارطهم فيها. أكثر من ذلك، لقد استطاع بعضهم أن يخبر بتفاصيل المراحل التي مرت بها العملية الجراحية والأدوات التي تم استخدامها رغم أنهم كانوا تحت التخدير الشامل أثناء حدوث ذلك. بعض الحالات ممن عاش أصحابها تجربة (NDE) كانوا عميانا في حياتهم، لكنهم مع ذلك قدموا شهادتهم مماثلة تماما لتلك التي قدمها مبصرون. فكيف تمكنوا من معرفة ورؤية كل هذه الأمور؟ في نظر المدافعين عن هذه الظاهرة هذا أكبر دليل على أن هناك حياة أخرى بعد الحياة. أكدت كذلك أغلب الشهادات أنهم يعبرون نفقا طويلاً من الضوء حيث يطفو فيه الإنسان بهدوء تام، لكن ما أن يقترب من حافته حتى يتم سحبه إلى الخلف أو يطلب منه الرجوع إلى مكانه من طرف أحد أقاربه لأن ساعته لم تحن بعد. باختصار تتركز أغلب الشهادات حول العناصر الآتية: * الخروج من الجسد ورؤيته هكذا ممدداً فوق طاولة العمليات أو في مكان سقوطه. * عبور نفق طويل من الضوء الأبيض الساطع. * مشاهدة أطياف لأقارب توفوا منذ زمان ومخاطبتهم بطريقة تخاطرية. * مشاهدة منظر سماوي جميل أو مشهد طبيعي رائع. * العودة إلى الجسد والدخول فيه من جهة الرأس. * بعض الحالات أكدت أنها شاهدت صوراً لمراحل من حياتها تمر أمام عينيها. حضور قديم ------- ثمة ما يؤكد أن هذه الظاهرة ليست جديدة تماماً ولا تخص المجتمعات المعاصرة، بل لها حضور واضح عبر التاريخ، ففي لوحة شهيرة تحت عنوان صعود المباركين لـ« جروم بوش» jerome bosch رسمت خلال القرن السادس عشر نلاحظ بوضوح هذا النفق من الضوء. الاعتقاد بخلود الروح اعتقاد ثابت في العديد من الثقافات، فالجسد ما هو إلا معبر تمر منه الروح وهي لا تفنى بفنائه. هذا الاعتقاد لا تنفرد به فقط ديانات التوحيد الثلاثة المعروفة، بل نحن نجده حتى داخل الفلسفات الروحية الأخرى مثل البوذية والطاوية وكذلك الحضارة الفرعونية غيرها. دائما هناك اعتقاد واحد، الجسد فانٍ بينما الروح باقية في مستوى آخر من الوجود الذي يتجاوز الوجود الحسي، لذلك اعتنت هذه الثقافات بالطقوس والشعائر اللازمة حتى تعبر الروح بسلام بين العالمين كما هو الأمر لدى الفراعنة، كما أن سحرة الشامان (لدى الهنود الحمر) يستعملون بعض الأعشاب المخدرة كي يبلغوا بالفعل هذه الحالة ويطرقوا بوابات العالم الآخر. حتى في الحضارة اليونانية نجد هذا الاعتقاد بخلود الروح الذي دفع سقراط إلى الإقبال على تجرع كأس السم بشجاعة، لأن الموت بالنسبة له ليس نهاية للحياة بقدر ما هو مناسبة للعيش بقرب الآلهة. هذا دون أن نذكر التجارب الصوفية واليوغية المعروفة في هذا المجال برحلاتها الروحية خارج هذا العالم. التفسير العلمي --------- العلم يقول بأن توقف عمل الدماغ يؤدي إلى توقف الوظائف التي يقوم بها، أي وظيفة الوعي والإدراك والذاكرة، غير أن تجربة الموت الوشيك تثبت أن هذه الوظائف تستمر رغم توقف الدماغ. من الصعوبة إذن إيجاد تفسير علمي لهذه الظاهرة، فالعلوم المعاصرة لم تتطور بعد كي تتناول بالدراسة مواضيع غير قابلة للتجربة أي مواضيع فوق الحس Supra sensible لكن مع ذلك هناك نافذة من الأمل تفتحها الفيزياء الكوانتية، خصوصا وأن هذه الأخيرة تتناول بالدراسة واقعاً متناهياً في الصغر له قوانين تختلف عن قوانين الطبيعة المعهودة لدينا. إننا نعلم أنه في مجال فيزياء الكم يمكن لجزيئتين أن تتشابكا مع بعضهما البعض، بحيث إذا تم التأثير على إحداهما فإن الأخرى تتأثر بدورها رغم المسافة الفاصلة بينهما. فهل يمكن أن نقول مثلاً إن وعينا الذي يقول علم الأعصاب أنه يتكون من النورونات هو في الحقيقة يتكون من جزيئات كوانتية تعود كي تتصل بالكون ذاته الذي أنتجها. في هذه الحالة سيكون الوعي جزءاً لا يتجزأ من الكون، وربما كان موجودا هنا قبل وجود المادة نفسها. إن مثل هذا الطرح يجعل الوعي مجموعة من المعطيات والمعلومات الكوانتية، التي تنتمي إلى حاسوب كوني هو الكون المطلق، وهي لا تفنى طبقا لقانون انحفاظ (من حِفْظ) المعلومات: كل شيء يفنى في الكون بينما المعلومات باقية. فهل بإمكان فيزياء الْكَم أن تقوم بقفزة كبيرة لاكتشاف حقيقة لغز تجارب الموت الوشيك؟ ذهب الطبيب الفرنسي جان جاك شاغبونييه jj charbonnier إلى درجة الحديث عن "براهين علمية " لوجود حياة بعد الحياة كما يحمل عنوان كتابه، فهو يخبرنا عن العديد من الحالات التي تم تخدير أصحابها كليا وإجراء عمليات معقدة لهم، لكنهم عندما استيقظوا أخبروا بالتفصيل بما حدث لهم بل أحيانا أخبروا بما حدث في الصالات المجاورة. أشهر هذه الحالات التي تم توثيق مراحل العملية التي أجريت لها بالثواني هي حالة الأميركية باميلا رينولدز Pamela Reynols فقد أجريت لها عملية معقدة على الدماغ، وتم توقيف مرور الدم إلى مخها لمدة ساعة ونصف مع تخفيض درجة الحرارة إلى حدود 15 درجة تحت الصفر ضمانا لنجاح العملية، وبالتالي علميا لا يمكن تبادل المعلومات بين في درجة الحرارة المنخفضة هذه بين نورونات المخ، بمعنى آخر ينبغي لباميلا أن لا تدرك أو تحس بأي شيء مما يجري حولها، لكنها رغم كل هذه المعطيات عندما استفاقت وصفت بالتفصيل الدقيق مراحل عمليتها الجراحية، بل وصفت الأدوات التي تم استخدامها والحوار الذي دار بين الجراح وطبيب القلب داخل صالة العمليات. هكذا يقدم شاغبونييه هذه الحالة كدليل علمي على وجود حياة أخرى لا ترتبط حصرا بالجسد، ما دام أن هذه المريضة استطاعت رؤية وسماع وإدراك ما يدور حولها بغير الوظائف الجسدية المعهودة. فهل يدخل الإنسان بعد موته في بعد آخر من قبيل تلك الأبعاد التي تحدثنا عنها نظرية الخيوط الوترية، وهي أبعاد تختلف عن الأبعاد التي تحكم الفضاء الجاليلي، الطول والعرض والارتفاع؟ تطرح تجربة الموت الوشيك تحديات كبيرة أمام العلم خصوصا العلوم التجريبية الكلاسيكية، وتحديات أخرى أمام الفلسفة خصوصا أيضا أمام التيار المادي الذي يعتبر أن الحياة مرتبطة بالمادة وأنها تفنى بفنائها. يوما عن يوم نجد أنفسنا في مواجهة هذه الظاهرة الجديدة ألا وهي الوعي الذي يعلو على المادة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©