الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجمهور الذي لا يرحم

21 ابريل 2013 21:07
كثيرة هي المشاهد الاستفزازية التي تمرّ على الشاشات ووسائل الإعلام المختلفة، منها ما هو مرغوب ومُستحب ولا يؤذي الشعور العام، ويندرج ضمن وظيفة الإضاءة على معرفة أو معلومات أو ذوق غير شائع وجديد، ومنها أيضاً ما يتعلق بسوء تقدير مهني فاضح تتحمل المؤسسة مسؤولية ارتداداته. والجمهور ينتظر من المؤسسة إنتاجاً ناضجاً ومتماسكاً وفيه إبداع أو فائدة أو الاثنان معاً، وهو يفترض أن هناك فريق عمل متكاملاً قادراً على مدّه بهذا المستوى من المواد، سواء أكانت إخبارية أم معرفية أم حوارية أم استعراضية وترفيهية. وعلى قدر نجاح المؤسسة والعاملين فيها بتلبية هذا الافتراض، يكون الجمهور «وفياً» لها، لكن قيمة هذا الوفاء تتطلب ملاقاة دائمة لرغبات الجمهور، أي جودة مستدامة في الإنتاج، وكلما طال رصيد هذا الوفاء كلما صنع مؤسسات ناجحة، وكلما أصبحت العلاقة أكثر حساسية وتحدياً، إنما أكثر تعرضاً للكسر. والبعض يختصر كل هذه العلاقة بالقول الشائع إن «الجمهور لا يرحم»، وهو فعلاً قد لا يرحم لأن الأمر يتعلّق هنا باحترامه واحترام وقته ورغباته، أو حاجته بشكل أدق. وقد يحدث ذلك مع أول هفوة يؤدي تكرارها إلى تآكل كل رصيد النجاح. لقد كان المشهد مُقززاً بالفعل عندما كان أحد هواة الغناء الخارجين من برنامج «آراب أيدول» يتحدث كضيف رئيس على منصة برنامج حواري مشهور لمقدم أكثر شهرة في محطة بارزة، لأنه راح يشتم يميناً وشمالاً ويسمح لنفسه باستعلاء بتقييم دول وشعوب بأكملها، وهو ضاحك هازئ بينما لم يملك المقدم سوى أن يختم برنامجه، والحرج باد عليه بالقول إن «الضيف» وحده يتحمل مسؤولية ما قيل، محاولاً التنصل من المسؤولية. وكان معيباً لمقدم برامج حواري آخر في محطة أخرى أن يترك لضيفه المغمور أن يصول ويجول في التاريخ الحديث في غياب من يصحّح له تناقضاته أو يسائله أو يراجعه حول حقيقة ما يقول. وكان منفراً وغير لائق إطلاقاً أن تصطفّ مقدمة برنامج آخر في محطة ثالثة إلى جانب أحد ضيفيها السياسيين، ليقوم الاثنان بشكل مفضوح بالإطباق على الضيف الثاني بوابل من الأسئلة المتلاحقة غير تاركين له مجالاً للرد. مثل هذه الممارسات المُعيبة تزرع الشك بنوايا أصحابها، ثم تُفقد ثقة الجمهور بهم وبمؤسساتهم إذا ظهرت ثانية، ليس فقط لعدم احترام الحوار ورصيد النجاح والمسؤولية «الاجتماعية»، بل لعدم احترام دور الصحافة والإعلام والمؤسسة، من حيث الموضوعية في المساءلة والمساواة في حرية التعبير وحق الرد، فيضطر الجمهور عندها إلى القيام بمثل هذا الدور وربما التنكر لها وربما محاسبتها، وقد يحدث ذلك سريعاً، كما حصل مع العديد من المؤسسات والكثير من نجوم الإعلام، وأحياناً يحدث ذلك أسرع من المتوقع. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©