الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاقتصاد العالمي يدفع ثمن الأسعار الباهظة للنفط

الاقتصاد العالمي يدفع ثمن الأسعار الباهظة للنفط
20 سبتمبر 2008 00:11
يبدو أن العالم بات يشهد أوقاتاً استثنائية، بحيث استقبل انخفاض أسعار النفط الى مستوى 100 دولار للبرميل بنوع من الارتياح بدلاً من أن تتملكه مشاعر الخوف والذعر· ولكن هذا الشعور بالارتياح لم يساور الجميع فيما يبدو، إذ إن منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) سارعت الى عقد اجتماع في فيينا في التاسع من سبتمبر الجاري لمناقشة كيفية التصدي للانخفاض الذي طرأ مؤخراً على الأسعار· وفي مواجهة مطالب إيران وفنزويلا بضرورة العمل على خفض الإنتاج، ولكن مع إدراكها التام بأن الأسعار العالية قد شجعت الدول الغنية على المزيد من التقشف في استخدام النفط، فإن ''أوبك'' قد عمدت فيما يبدو الى حل وسط يرتكز على المحافظة على سقف إنتاجها عند مستوى 28,8 مليون برميل يومياً مع الالتزام بخفض الحجم الفائض في الإنتاج، مما يؤدي الى انخفاض إجمالي في الإنتاج بنسبة 1,8 في المائة· وبدا من الواضح أن الدول المتشددة في المنظمة ترغب في أن تظل أسعار النفط في أعلى مستوى ممكن من أجل تمويل ميزانياتها، في حين أن المملكة العربية السعودية العضو الأكبر إنتاجاً في المنظمة قد تجاوزت حصتها الإنتاجية في خلال موسم الصيف من أجل تفادي إلحاق المزيد من الأضرار بزبائنها في الدول الغنية الذين يعانون الأمرين من أزمة الائتمان العالمية· بل إن دولاً مثل ألمانيا واليابان لم يعرف عنهما اعتمادهما الكبير على القروض تكبدتا أيضاً الكثير من المعاناة الى جانب أولئك الذين ما زالوا يناضلون للخروج من أزمات ديون الرهن مثل الولايات المتحدة وبريطانيا· إلا أن من المؤكد أن هذه الأزمة الطاحنة التي لحقت بالغرب ما زالت تتعلق بأسعار النفط التي ارتفعت الى عنان السماء أكثر من كونها تختص فقط بانهيار أسواق الائتمان· وفي مثل هذه الظروف، فإن الانخفاض الحالي في أسعار النفط (وكذلك الأغدية) يجب أن يعتبر نعمة ومكسباً لجموع المستهلكين الذين طالما عانوا من الضغوط بسبب ارتفاع الأسعار· ولكن هذه الأسعار على كل حال لم تنخفض حتى الآن الى مستوى كاف لإشاعة الفرح في أوساط رجالات البنوك· ورغم أن التضخم بدا وكأنه يتبع أسعار النفط والغذاء في اتجاهها الى الأسفل فإن بعض واضعي السياسات المالية ما زالوا يحذرون من أن التضخم لن يتراجع بالسرعة اللازمة الى مستويات مقبولة· وتنصب مخاوفهم على أن أسعار النفط العالية ربما ألحقت أضراراً جسيمة بمعدل النمو المحتمل للاقتصاد الى جانب الدور الذي لعبته في دفع معدل التضخم الى هذه المستويات العالية· لذا فإن التباطؤ الحالي الذي يساور النمو في إجمالي الناتج المحلي لن يصبح بوسعه خلق ديناميكية في الاقتصاد تكفي لإجبار التضخم على الانخفاض بالسرعة اللازمة والى المستويات المطلوبة· وهي الرؤية التي سلط عليها الضوء من قبل اثانسبوس اورفانديس العضو في مجلس تحديد أسعار الفائدة في البنك المركزي الأوروبي في مؤتمر البنك الذي عقد مؤخراً في فرانكفورت في الخامس من سبتمبر الجاري عندما ذكر بأن الزيادة النسبية في أسعار النفط وفي تكاليف الإنتاج الذي يعتمد على الطاقة أدت الى جعل المصانع والمعدات والأجهزة أدوات غير مدرة للأرباح· ومضى يقول: إن أي صدمة نفطية من شأنها أن تترك الاقتصاد يفتقد الى هوامش الأرباح المقدرة والسعة الاحتياطية المطلوبة متى ما ألحقت الأضرار بالإنتاج أكثر من الإنفاق· ولهذا السبب فإن واضعي السياسات يجب أن يحرصوا على عدم الإفراط في تقديراتهم بشأن الاقتصاد عندما تحل به صدمة نفطية· وبالطبع فإن إحدى أخطاء السياسات التي أدت الى الركود التضخمي في حقبة السبعينيات - كما يقول اورفانديس - كانت تتمحور في عملية الإشراف على آثار ندرة النفط على استمرار تدفق الإنتاج· ولقد خلصت دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أجريت مؤخراً الى أن أسعار النفط فوق مستوى 120 دولاراً للبرميل بإمكانها خلال الفترة القادمة أن تعمل على خفض الإنتاج المحتمل بنسبة إجمالية تصل الى 4 في المائة في الولايات المتحددة الأميركية وبمعدل 2 في المائة في منطقة اليورو (والتي تستهلك كمية أقل من النفط في كل قطاع من قطاعات إجمالي الناتج المحلي)· وذلك لأن الماكينات والمعدات لا يتم إدخال التحسينات عليها بالسرعة الكافية· وهو الأمر الذي من المرجح أن يؤدي الى خصم نسبة بمقدار 0,2 في المائة بشكل أولي في كل عام من النمو المحتمل لإجمالي الناتج المحلي الأميركي· ولكن الأمر في مجمله سوف يعتمد على الكيفية التي يمكن بها ضبط التكاليف الأخرى· فإذا تسنى للشركات والمؤسسات أن تمرر جزءاً من فاتورتها النفطية المتزايدة على الأجور الحقيقية المتدنية (عبر فرض أسعار عالية للمنتجات أو اعتماد صفقات أقل سخاء في الرواتب والأجور) فإن قدراً كبيراً من المخزون المالي سوف يظل متوفراً لممارسة عمليات التمويل· وهو الأمر الذي يمكن أن يحدث في الولايات المتحدة الأميركية حيث النمو في الأجر بالساعة أقل بكثير من معدل التضخم ونسبة لأن عبء الصدمة النفطية عادة ما يقع على كاهل العمالة· أما في منطقة اليورو وعلى العكس من ذلك فإن هنالك العديد من المؤشرات التي تدل على أن الأجور تمضي الى تصاعد استجابة للتضخم الحالي· وكان جون كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي قد حذر مؤخراً من أن آثار ندرة النفط على النمو المحتمل ''لا يجب إغفالها كأمر غير جدير بالاهتمام''· وفيما يبدو فإن مخاوف البنك بهذا الشأن سوف تبرهن على الوقوف حاجزاً أمام التحدي نحو اللجوء الى إجراء تخفيضات في أسعار الفائدة في المستقبل القريب· عن مجلة ''ايكونوميست''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©