السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتحال شرعية الدولة لصالح التنظيم الحزبي

انتحال شرعية الدولة لصالح التنظيم الحزبي
3 مايو 2014 23:02
ساسي جبيل (أبوظبي) ضمن الفعاليات الفكرية في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، ناقش الكاتب رضوان السيد كتابه «أزمنة التغيير: الدين والدولة والإسلام السياسي» الصادر عن هيئة أبوظبي للسياح والثقافة، في ندوة أقسمت في مجلس الحوار عصر يوم الجمعة الماضي، بتعقيب من الدكتور نبيل عبدالفتاح مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بجريدة «الأهرام» المصرية، والدكتور سيد ولد أباه الجامعي الموريتاني والباحث في الشأن السياسي الإسلامي، وتقديم الزميل محمد يونس. وأشار يونس في تقديمه إلى أن هذا الكتاب سجالي ونضالي، سجالي لأنه يعنى بمساجلة الإسلام السياسي في أصوله ودوافعه وتياراته وتحويلاته للمفاهيم الدينية، خلال ستة عقود وأكثر، وهو كتاب نضالي لأن همه الإنساني طرح بدائل لإخراج التفكير الديني والممارسة الدينية من الأفق المسدود للعلائق بين الدين والجماعة، وبين الدين والدولة، وبين الإسلام والعالم. كما أشاد يونس بهذا الكتاب ومؤلفه الذي يعمل في إطار البحث في مجال الإسلام السياسي منذ سبعينيات القرن الماضي، وأضاف أن هذا الكتاب يأتي بعد كتاب الدكتور رضوان السيد «الصراع على الإسلام» الصادر في العام 2005، والذي طرح فيه أن هناك صراعا على ديننا الإسلامي وما يمكن أن نعبر عنه بأنه صراع على قلب الدين وروحه وعقله من جانب أهل العنف باسم الدين الإسلامي، والأنظمة العسكرية والعبودية والنظام العالمي وطليعته الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يراه صاحبه في هذا المؤلف ناجما عن الحروب الدائرة على الرغم من وجود الأطراف الإقليمية والدولية حروبا في قلب الإسلام ذاته بين الذين يريدون أن يبقى دينهم على سويته، حاضنا للسكينة الاجتماعية والثقافية والعيش مع العالم، وبين أولئك الذين يعملون على تقسيم المجتمعات والدول، وتدمير أعراف العيش ومصارعة العالم باسم الإسلام. مناضلة الإسلام الحزبي وقدم المؤلف الدكتور رضوان السيد لمحة ضافية عن كتابه تعرض فيها إلى أهم محاوره جاء فيها ما يلي: هذا الكتاب يعمل على مناضلة الإسلام وتجديد تجربة الدولة الوطنية العربية بإخراجها من الطغيانيات والاستتباعات، وصنع المستقبل الآخر لعلاقة سوية بين الدولة والدين والعالم. وتعرض السيد في سياق حديثه عن هذا الكتاب إلى أن الإسلام الصحوي أو الأصولي أو الإحيائي ظهر في عشرينيات القرن الماضي بوصفه احتجاجا على التغريب، وعلى الاستعمار وعلى التقليد الإسلامي المتمثل في المؤسسات الدينية العريقة من خلال نموذج الأزهر، وإلى الدولة الوطنية الظاهرة والمتكونة في مرحلة ما بين الحربين العالميتين، وقد ظهرت هذه التوجهات الثلاثة الأولى في العقدين الأولين لتكوّن جماعات الهوية هذه، مثل الجمعية الشرعية، وجمعية الشبان المسلمين، والجماعة الإسلامية في الهند، أما التوجه الرابع ـ يقول رضوان السيد ـ فهو مواجهة الدولة الوطنية بين الهند ومصر وإيران، فقد تبلورت في صراعات التنظيمات الإسلامية الجديدة معها فيما بين الأربعينيات والستينيات من القرن العشرين، ثم ما لبثت أن شكلت الأميال الثلاثة الأولى توجهات للانشقاق على التقليد الإسلامي، وعن مناهج وسلوكيات المسلمين ومؤسساتهم في التعامل مع المجتمعات، ومع المشكلات المستجدة بالغرب والعالم الحديث. وأكد السيد أنه سلك في ذلك ثلاثة مسالك بعضها واعٍ، وبعضها حدث على سبيل التداعيات. وعدد المسالك الثلاثة، مشيرا إلى أن المسلك الأول هو المتمثل في نقض التقليد في مسائل العبادات وأبعادها الاجتماعية والثقافية والرمزية، وتطوير سمتية أو سمتيات نموذجية في التفكير الديني التعبدي واللباس والسلوك والهيئة، وهو النموذج الذي صار شاملا عندما تعاظمت الإحيائيات الدينية في النصف الثاني من القرن العشرين. أما المسلك الثاني فيتمثل في مواجهة المؤسسات الدينية التقليدية والتنظيمية بعنوان «المنار والآليات الدينية الاجتماعية» باعتبارها إما مقصرة في اتباع أصول الإسلام الصحيح، وإما بدعا صارت أساسية في الإسلام الشعبي في أزمنة الانحطاط، وقد تماثل هذا المسلك كما الذي سبقه مع السلفية الطالعة من خلال التجربة السعودية في دولة حكم الكتاب والسنة التي أشادها الملك عبدالعزيز آل سعود، ومما له دلالته في هذا الصدد المقالات التي جمعها ونشرها محمد رشيد رضا في مطلع الثلاثينيات بعنوان «المنار والأزهر» في العام 1933، وقد تجاوز الأمر هذا التقليد إلى إقامة المؤسسات البديلة التي بدت أيضا في أوائلها باعتبارها متابعة لتيار الإصلاح الذي قاده الشيخ محمد عبده ومدرسته. الخروج على الدولة أما المسلك الثالث فيتمثل في الانخراط في الحركة المجتمعية الدينية والوطنية باعتبارها حركات للنهضة الإسلامية معنية بالموضوعات الوطنية الكبرى ذات المنزع الوطني والعربي من منطلق إسلامي جديد، وتبلور هذا المسلك على التداخل، عندما اصطدمت جماعة الإخوان المسلمين ـ يقول السيد ـ مع الدولة الوطنية علنا في بدايات المرحلة العسكرية والأمنية لتلك الدولة، إذ كشف الصدام الذي جرى في العام 1954 بين ثورة يوليو والإخوان عن أمرين مهمين وهما: الأول وجود تنظيم الحديدي أو حزبي صارم وعقائدي مثل الأحزاب الشيوعية الصاعدة وقتها في آسيا وأفريقيا، والأمر الثاني هو ذلك المتمثل في الخصوصية الإسلامية لهذا التنظيم، إذ إنه ومنذ بداياته في الثلاثينيات من القرن الماضي استطاع تركيز (الشرعية) بالمعنى الإسلامي، باعتبارها أنها (أي الشرعية) انحسرت عن الدول الجديدة في العالم الإسلامي، فآلت إلى التنظيم الحزبي الذي شكله الإخوان. وأشار السيد في سياق حديثه عن كتابه إلى أنه درس كل ما يتعلق بالجماعات الإسلامية منذ القرن التاسع عشر، وركز أساسا على مسألة في غاية من الأهمية وهي المتمثلة في صون الدين في أزمنة التغيير من طريق إخراج الدين من بطن الدولة، وكسر القيود والأغلال التي طوق بها الإسلاميون الحزبيون والعنيفون الدين والمؤسسات والمجتمعات والدول. وخلص السيد إلى القول: إن الحروب اليوم في حقيقتها حروب في قلب الإسلام ذاته، ليس بين المعتدلين والمتطرفين، كما يزعم الأمريكيون، بل بين الذين يريدون أن يبقى دينهم على سويته حاضنا للسكينة الاجتماعية والثقافية والعيش مع العالم، وبين أولئك الذين يعملون على تقسيم المجتمعات والدول، وتدمير أعراف العيش، ومصارعة العالم باسم الإسلام. الدين والشرعية والإصلاح في سياق تعقيبه على مداخلة رضوان السيد، قال الدكتور نبيل عبدالفتاح إن هذا الكتاب هو من الأهمية بمكان كونه يناقش إشكاليات العلاقة بين الدين والدولة في العالم العربي، وهو يتناول هذه القضية على مستويات عدة وعلى رأسها مناقشة هذه العلاقات في المراحل التاريخية المختلفة قبل ما يسمى اليوم بالثورات العربية، وما بعدها، وهو يقوم بتأصيل هذه المفاهيم الأساسية حول مسألة الدولة والشرعية والدين والشريعة، وقضايا الإصلاح السياسي والديني المعاق في العالم العربي، ويركز على هذه القضايا من خلال تناول الأسس المرجعية لهذه المفاهيم والمصطلحات في التراث الفقهي والسياسي في الكتابات الإسلامية الأساسية ثم يتناول هذه المفاهيم في إطار التطور الحديث والمعاصر، ويطبقها على بعض الحالات العربية بعد التغيير الذي تم في مصر وفي تونس في أعقاب ما يسمى بالربيع العربي. وأضاف عبدالفتاح أن هذا الكتاب اشكالي ينطوي على بعض التفسيرات والتأويلات الاجتهادية التي تتسم بعمق المعالجة والرصانة المعهودة في كتابات الباحث العربي الكبير الدكتور رضوان السيد، وأكد أنه من أهم الكتب التي ظهرت حتى الآن في موضوعه باللغة العربية. من جهته أشار سيد ولد أباه الباحث الموريتاني إلى أن «أزمنة التغيير» كتاب مهم استطاع أن يكون شاملا ومفصلا للعديد من القضايا الراهنة في العالم العربي بعد التغييرات الحاصلة في المنطقة العربية والتي أتت على الكثير من المقومات، وألقت بظلالها على التفكير في الإسلام السياسي كمفهوم وتتبع تاريخ نشأته وأسبابها بشكل علمي ورصين، استطاع الدكتور رضوان السيد أن يصل من خلاله إلى العديد من النتائج المهمة، وأضاف ولد أباه أن هذا الكتاب سجالي يعنى بمساجلة الإسلام السياسي في فروعه وأصوله وتغييراته خلال ستة عقود لإخراج الممارسات الدينية من الفهم السطحي، وهو قراءة نقدية مضمونية تاريخية ومعاصرة للأطروحات الرئيسية للإخوان المسلمين. وقد تعرض المتدخلون في مناقشة كتاب الدكتور رضوان السيد «أزمنة التغيير: الدين والدولة والإسلام السياسي» إلى العديد من المسائل المتعلقة بالإسلام السياسي متسائلين عن الأسباب والدوافع التي أوصلت العالم العربي إلى ما وصل إليه اليوم، من انقسام واختلاف بسبب الملف الديني الذي فتح الباب على مصراعيه أمام تيارات العنف والمفاهيم الغريبة عن الدين الإسلامي الحنيف الذي ظل دائما دين تسامح وانفتاح وحوار وتدبر، وليس دين تسليم أو خضوع لفئة أو جماعة تستعمل الدين كمطية لتحقيق أهداف شخصية وذاتية لا علاقة لها بمصلحة الجماعة ولا صلة لها من قريب أو من بعيد بمفهوم الدولة الوطنية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©