الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الأرجنتين تجهز على المكسيك وتتفرغ للألمان

الأرجنتين تجهز على المكسيك وتتفرغ للألمان
28 يونيو 2010 23:28
هكذا هي كرة القدم خليط من الأفراح والدموع، فالجماهير الفائزة تخرج من الملعب وهي تحتفل ولا تفكر في الغد بل تعيش اللحظة بكل ما تحمله لهم من سعادة وبهجة، كما هو الحال بالنسبة للجماهير الخاسرة تخرج حزينة منكسرة، ولعل هذا هو المشهد العام لما بعد مباراة الأرجنتين والمكسيك ضمن الدور الثاني لمونديال القارة الأفريقية. وكانت الجماهير الأرجنتينية في قمة النشوة والفرحة وخرجت من السوكر سيتي وهي تردد أهازيجها الجميلة وتتوعد الألمان بالانتقام وتتغنى بتيفيز وهيجوين وميسي وبقية النجوم في المنظومة بل خرجت تهتف لمارادونا هذا الساحر الذي تختلف الناس على قيمته كمدرب ولا تختلف في امكانياته كلاعب سابق وكقائد ناجح يعرف ماذا يفعل وكيف يخفف الضغط عن لاعبيه ويجعلهم يتفرغون لمهمتهم الأساسية، وهي استعادة المجد لبلاد “التانجو”. وكما هي العادة في هذا المونديال لا يتوقف الاحتفال ولا تدخل الجماهير إلى الملعب سوى بعد أن تفرغ شحناتها الكاملة من الرقص والغناء في خارج الملعب، ولهذا السبب كان لابد لنا من التواجد قبل المباراة بوقت مبكر للغاية، ولا مانع من متابعة المباراة الأولى والتي جمعت ألمانيا وإنجلترا والتي سماها البعض بالحرب العالمية الثالثة في المركز الإعلامي للسوكر سيتي من خلال الشاشات الكبيرة التي تتوزع في المكان. وبمجرد انتهاء المباراة ومعرفة الطرف الأول للمباراة التي ستقام بعد قليل وهو المنتخب الألماني كان لابد من الذهاب إلى الخارج من أجل العيش في أجواء الكرنفال، خصوصاً أن جماهير الفريقين من أكثر الجماهير تعصباً على مستوى العالم بل هي جماهير مهووسة تحاول ابتكار الجنون وكأن المباراة بدأت في الخارج قبل صافرة الحكم وكأنها منافسة من نوع خاص يفوز فيها الأكثر تعصباً والأكثر إيماناً بقدرة فريقه على الفوز بنتيجة المباراة. لما فرغنا من هذا الحفل كان الموعد قد حان للذهاب إلى الحفل الأكبر وكانت الجماهير تنقل معها جنونها الخارجي إلى مدرجات السوكر السيتي التي اكتست باللونين الأخضر المكسيكي والسماوي الأرجنتيني، فكانت لوحة فنية رائعة ستكون نهايتها محزنة بكل تأكيد لأن كأس العالم وجنوب أفريقيا ستضطر لتوديع جماهير أحد الطرفين. وكانت لحظات معدودة لينزل الفريقان إلى أرض الملعب ولتصطف الكتيبة الأرجنتينية بما تضمه من نجوم ولتردد النشيد الوطني للأرجنتين، كما ردد المكسيكيون نشيد بلادهم ومن بعدها اتخذ كل فريق منهما مكانه في الملعب لتبدأ أحداث المباراة المثيرة. وكانت الدقائق الأولى عبارة عن حرق أعصاب لجموع الصحفيين الأرجنتينيين الذين كانوا حاضرين في المنصة وهم يشاهدون المنتخب المكسيكي يهاجم بشجاعة وفي لحظة توقفت فيها قلوب عشاق التانجو أصابت الكرة العارضة، لم يظهر المنتخب الأرجنتيني متوازناً في البداية قبل أن يبدأ في شن الهجمات ولعلها الهجمة الأولى التي حدثت فيها المشكلة وجاء منها هدف المباراة في الدقيقة السادسة والعشرين وهي التي أعقبتها فترة توقفت فيها المباراة بسبب مشاورات الحكم روسيتي مع مساعده ليقرر ويحيط بهما لاعبو الفريقين ليقرر في النهاية حسم الأمر واحتساب الهدف. وكان الهدف نقطة التحول في المباراة فتحولت السيطرة إلى الأرجنتين ويبدو أن لاعبي المكسيك أصابهم الإحباط من الهدف الظالم ليقدم المدافع المكسيكي هدية إلى الأرجنتيني هيجوين تمكن بها من خداع الحارس المكسيكي وليصيب الشباك مجدداً. وضجت المنصة بالصراخ من قبل الصحفيين الأرجنتينيين كما أن المدرجات اشتعلت بحالة من الفـــرح الهستيري وبدا كما لو كانت الأمور قد حسمت مع بقية مجريات الشوط الأول الذي رفع من خلاله منتخب المكســيك الراية البيضاء قبل أن يطـــلق الحكم الصافرة ولتحدث مناوشات بين اللاعبين قبل الدخول عبر النفق المؤدي إلى غرف الملابس. ومع بداية الشوط الثاني بدأت الأرجنتين تهاجم مجدداً وفي لحظة غفل فيها الجميع تمكن تيفيز من إيقاظ الجميع بهدف رائع ومن تسديدة مباغتة كانت أجمل ما في المباراة وبهذه الطريقة أدرك الجميع أن الأمور قد حسمت، وليبدأ مارادونا في إجراء بعض التغييرات في صفوف الفريق بينما تمكن المكسيك من تسجيل الهدف الشرفي عن طريق هرنانديز، ومحاولات لم تحمل الكثير من الجدية لتنتهي المباراة بهذه النتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدف وليصرخ أحد الصحفيين المحايدين قائلاً: “نعم هذه هي”، وعندما سألته عما يقصد قال إنها المباراة القادمة لمنتخب الرجنتين أمام ألمانيا فهو يعتبرها اختباراً أولاً وحقيقياً في الملعب لمارادونا المدرب. ومن موقعنا في منصة الإعلاميين لم نكن نحتاج لمشاهدة الإعادة التلفزيونية لكي نعلم إذا كان الارجنتيني تيفيز متسللاً في الهدف الأول فقد كانت اللقطة واضحة وضوح الشمس التي لم تكن موجودة لأن المباراة أقيمت في الفترة المسائية. وفي ظل الضجيج الذي تسببه الفوفوزيلا، خصوصاً بعد أن ولجت الكرة الشباك لم نكن نشك ولو للحظة أن الحكم أطلق صافرته لإلغاء الهدف على الرغم من أن حامل الراية كان في واد آخر، وحتى بعد أن أشار الحكم إلى منتصف الملعب ومن ثم توجه إلى حامل الراية كنا في غاية اليقين أن الحكم سيعيد الحكم لأصحابه وسيحتسب اللعبة ضربة حرة غير مباشرة ولكنه في النهاية تم الإصرار على احتساب الهدف، ويبقى السؤال هل أثر هذا الهدف على نتيجة المباراة بالفعل وغير من مجرياتها أم أن الأرجنتين كانت فائزة لا محالة حتى لو لم يتم احتساب هذا الهدف. أقنعة النجوم جوهانسبرج (الاتحاد) - من أطرف الأمور التي شاهدتها خارج الملعب كانت الجماهير الأرجنتينية التي جاءت وهي ترتدي الأقنعة الخاصة بأهم عناصر الفريق ولعل أكثر الأقنعة انتشاراً كان قناع المدرب مارادونا بلحيته الرمادية وكذلك هناك من حضر مرتدياً قناعاً يشبه ميسي، وتيفيز. وكانت الفرصة سانحة للجماهير المحايدة وكذلك كانت الجماهير المكسيكية تلتقط الصور التذكارية مع مارادونا وميسي وتيفيز وغيرهم من اللاعبين الذين كانوا متواجدين خارج الملعب ولكن بأقنعتهم فقط اما النسخ الأصلية فكانت في غرفة الملابس تتلقى التعليمات الأخيرة من مدربهم قبل النزول إلى أرض الملعب. قائمة الانتظار جوهانسبرج (الاتحاد) - لكي تحضر إلى المباراة لابد من الحصول على التذكرة الإعلامية من قبل “الفيفا”، وعندما قمت بالتسجيل من خلال القناة الإعلامية في الموقع الرسمي للفيفا وتم تأكيد نجاح التسجيل كان لابد من الانتظار لموافقة الفيفا على الطلب. وبينما كنت في مباراة ايطاليا وسلوفاكيا كان بجواري الزميل الاسكتلندي جاري من الزميلة “ذي ناشيونال”، وأخبرني أنه قام بالتسجيل للحصول على تذكرة المباراة، وما هي سوى دقائق معدودة حتى تلقى جاري رسالة من “الفيفا” تفيد بوضعه على لائحة الانتظار، وهو ما يعني أنه يجب أن يذهب إلى الملعب وينتظر أيا من الصحفيين قد يتخلف عن الحضور ليحل مكانه، ولم يكد يريني رسالة “الفيفا” حتى كنت أتلقى رسالة مماثلة بوضعي على لائحة الانتظار. قررت أن أذهب إلى الملعب ويوم المباراة، لعل وعسى أن يتخلف أحد ما فأحصل على مكانه، وبالفعل فقد تسنى لي الحصول على تذكرة لم يحضر صاحبها، وفي الواقع فقد كان هذا الزميل محظوظاً لأنه كان سيجلس في موقع استراتيجي مميز، ولكنني كنت أنا المحظوظ بعدم حضوره إلى الملعب. عجرفة «الفيفا» جوهانسبرج (الاتحاد) - أسوأ ما في بطولة كأس العالم هو التعامل مع الأشخاص الذين ينتمون للفيفا والذين يظهرون الكثير من العجرفة والصلف والغرور عندما يضطر أي شخص للاستفسار عن شيء ما أو يحاول الوصول إلى أحد الأماكن، بينما على العكس تماماً من الأشخاص الذين ينتمون للجنة المنظمة من مواطني جنوب أفريقيا الذين يبدون الكثير من الود والترحاب عندما يكونون في الاستقبال وهم الذين يبادرون إلى السؤال عما إذا كنت بحاجة إلى أي شيء دون أن تكون في حاجة إلى ذلك، كما أنهم يستقبلون القادمين بابتسامة كبيرة ولا يبدون أي تبرم عندما يقومون بعملهم اليومي على الرغم من أنهم هم الذين يفعلون كل شيء ويقتصر دور موظفي الفيفا على الإشراف العام والمراقبة فقط. اختفاء القبعات المكسيكية جوهانسبرج (الاتحاد) - بينما خرجت جماهير الأرجنتين من الملعب وهي تهتف بأسماء اللاعبين ومارادونا وتردد “ارجنتينا” وكانت تتوعد الألمان بمباراة انتقاميـة يوم الجمعـــة القـــادم. وخرجت الجماهير المكسيكية وهي تجرجر أذيال خيبة الأمل والهزيمة المرة ونهاية المغامرة المكسيكية عند هذا الحد رغم أن التفاؤل كان كبيراً في الذهاب إلى ما هو أبعد من هذا الدور. وبينما كانت هذه الجماهير قبل المباراة تعتمر القبعة المكسيكية الكبيرة وتتوعد الأرجنتين بالهزيمة يبدو أن المكسيكيين تركوا قبعاتهم في المدرجات قبل أن يغادروها أو أنهم ألقوها في أرض الملعب على حكم المباراة الذي احتسب هدفاً لتيفيز وهو في موقع متسلل. فاختفت القبعات بشكل مفاجئ وبشكل عام فقد كانت الجماهير المكسيكية طوال الفترة السابقة تثير المرح والبهجة في كل مكان تذهب إليه في جنوب إفريقيا وهي تتابع منتخب بلادها. وكانت هي ملح جماهير البطولة وبرحيل المنتخب المكسيكي فقد تفتقد البطولة هذه الجماهيـــر وقبعاتهـا الشهيرة وشواربها الغليظة وكنا نجدها منتشرة في كل مكان ويبدو أننا ودعناها أمس الأول.
المصدر: جوهانسبرج
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©