الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مكتبة لبنانية تحافظ على قرائها في زمن الإنترنت

مكتبة لبنانية تحافظ على قرائها في زمن الإنترنت
24 ابريل 2011 21:03
مكتبة صغيرة بحجمها، كبيرة بقيمة كتبها والمؤلفات الموجودة فيها. تركن في زاوية على مفترق أحد مقاطع شارع الحمراء، ويصّف عصام عيّاد مكتبته، بأنها جنة صغيرة يأوي إلى رفوفها المثقلة بالكتب والمؤلفات، وبعض الأبحاث العلمية والفكرية. ويقول إن هذه المكتبة تجمع كل أنواع الكتب الصعبة والقديمة والنادرة، مع إضافات لكتب ناطقة باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية. ويشرح أن الكتب الصعبة هي التي تنفذ من الأسواق، ويصعب الحصول عليها، والقديمة تلك التي تعود لعقود طويلة، أي مائة سنة وأكثر. أما النادرة فهي الكتب التي يستحيل الحصول عليها، أو إيجادها في أي مكان. وعن نوعية الزبائن وأذواقهم، قال انهم من كافة شرائح المجتمع من لبنان والدول العربية، خصوصاً الخليج العربي، إضافة إلى الكثير من السياح والمستشرقين والأخصائيين. وزبائني متنوعون، والتنوع لا تقدر أن تحكم عليه أو تتحكم به، لا سيما بالنسبة للأدب والشعر والفن، بالرغم من أن كتب تفسير الأحلام والأبراج وعلم الفلك وقراءة الحظ وفنون «الطبخ»، أصبحت «موضة» يحاول البعض التركيز على هذه الإصدارات، إلاّ أنه يبقى للثقافة قيمتها ومدلولاتها في عالم خفت فيه القراءة وانعدم الاضطلاع على المعرفة، لصالح الإنترنت. وحول حركة البيع والشراء، وعروض الطلب والأسعار، قال عياد «تجد كتبا رخيصة، وأخرى يتعدى ثمنها الخمسة ملايين دولار، وهو من النماذج النادرة جداً جداً، أي أنه من المحيط إلى المحيط، طبعة أولى عام 1868، ومؤلف من جزأين فقط ولا وجود لأي نسخة اخرى». وأضاف «بعيداً عن الأرقام والأسعار، لابد من القول إن هناك أزمة حقيقية في عالم الكتاب والمطالعة، والمشكلة ليست في القدرة الشرائية للفرد ولا بمستوى الدخل، فالفرد لديه قدرة توظيف في العديد من الاختصاصات والأبواب حتى في الكماليات، وأي كتاب له أهمية ثقافية وله جمهوره ومريديه، وهم كثر في المجتمع العربي. هناك بعض الكتب التي عزف عنها جمهورها، مثل تلك التي لها علاقة بالتحليلات السياسية، وتشكل محطة انتقاد للشعوب لأنها لا تقرأ. وأخرى يتم قراءتها والإقبال على شرائها، نظراً لما تتمتع به من مصداقية وموضوعية، بعيداً عن المطابع التي تضخ مئات العناوين التافهة، التي تولد «ميتة» ويكون مصيرها مكبّ النفايات، فهذه الكتب لا تغني ولا تسمن ولا فائدة منها. عن رأيه بالقارئ اللبناني ومن ثم القارئ العربي، قال عياد إنه بعد التسعينيات لم يعد هناك أي وجود للقراءة في لبنان بالمعنى الحقيقي، وبعد متابعة إصدارات الكتب انعدمت صفة وسمة القراءة لصالح «الإنترنت» ما عدا القليل منهم الذين يتأثرون بالسياسات التغييرية، ونتيجة لصخب الشعوب التي تريد التفاعل مع ثقافات حقيقية، تتعلق بالصراع الدائر في المنطقة مع العدو. فمنذ الستينيات وحتى بدايات التسعينيات تحولت الأحلام الكبيرة إلى أوهام. ويضيف «هناك ظاهرة رصدتها خلال العقدين الأخيرين، تتلخص بوجود شرائح مثقفة لديها إدمان على القراءة وتندفع إلى المشاركة في كل المؤتمرات والمناسبات الثقافية وتتميز بالجرأة. كما أن المرأة في الخليج العربي تصدرت نسبة عالية في الإحصاءات التي أجريت حول نسب المطالعة وقراءة الكتب، ووصلت النسبة إلى حدّ النصف وأكثر». وحول رأيه في تجارة ومهنة الكتب، قال عياد إنها «تشتت الإنسان على مستوى الذات، خصوصاً أن من يعشقها برغبة واندفاع إلى حدّ المبالغة، تجعله يعيش أحلاماً لا تنتهي، ولا شك أن امتلاكي هذه المكتبة ساعدني في إكمال ومتابعة الرغبة في العلم والمعرفة. إلاّ أن ما تشمله الثقافة من أبواب كثيرة، وما حصلت عليه من مواد معرفية متناقضة ومتماثلة في آن معاً، حولتني إلى إنسان قلق، وجعلتني دائماً في موقع الساخر والضاحك مما يدور حولي». «فلفل بلدي» يلخص العلاقات الإنسانية يقول صاحب مكتبة عصام عيّاد «ما جنيته من هذه المكتبة هو التفكير الدائم والتأمل المتواصل، وهذا ما ولدّ لدي خواطر تتجه نحو السخرية الجميلة، والطرفة التي تصل إلى حد الضحك، فأصدرت كتاباً أسميته «فلفل بلدي» يضم نصوصاً وخواطر للعشق والخيبة، واستغرق العمل فيه حوالي ستة أشهر، وأنا بصدد إصدار كتاب آخر، يدخل فيه عالم السياسة بالرؤيا العبثية والخيبة الوجودية، ولم أستقر على عنوان له حتى الآن». ويضيف أن ما كتبه في «فلفل بلدي» يلخص عن العلاقات الإنسانية، وعن تجسيد العلاقة بين المرأة والرجل، وما بينهما من فوارق ومقاييس في الحياة اليومية للبشر، وما يواجه الإنسان من منعطفات في دنيا مليئة بالخير والشر، بالجمال والقبح، بالصيف والشتاء.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©