حكاية كي إف سي

“كنتاكي”، هذا المطعم الذي لا يكاد يخلو مركز تسوق أو مول منه والموجودة فروعه في كل الإمارات، بل في كل الدول الخليجية ومعظم البلدان العربية وجل دول الأقطار العالمية. هل فكرت يوما وأنت تتناول إحدى وجباته في حكايته؟ هل تساءلت مرة عن سر كثرة طلاب وجباته علما أنه ليس المطعم الوحيد المتخصص في الدجاج المقلي والوجبات السريعة. دعونا نقوم بجولة تاريخية نسبر فيها أغوار هذه الحكاية ونقف لوهلة على سر نجاح وجاذبية هذه العلامة الغذائية التي أصر أصحابها على إحاطة وصفتها السحرية بسرية في زمن الطفرة المعلوماتية. • كي إف سي: هي اختصار لعبارة “دجاج كنتاكي المقلي”. وكنتاكي كما هو معروف هي ولاية أميركية تقع شرق وسط أميركا. وأخذت سلسلة مطاعم الدجاج المقلي اسم هذه الولاية لأن مؤسس هذا النوع من الوجبات السريعة، الكولونيل هارلند ساندرز بدأ ببيع هذا الدجاج المقلي عام 1930 في كنتاكي عبر مشروعه “مطاعم ومقاهي ساندرز” الذي لقي نجاحا كبيرا في وقت حرج كان ما زال الشعب الأميركي وغيره يحاول التخلص من تبعات الأزمة المالية التي عصفت بوول ستريت وبالعالم عبره سنة 1929 ومُنِح شرفياً لقب “الكولونيل” من طرف حاكم ولاية كنتاكي عام 1936 تقديرا لنجاح مشروعه هذا. وقد عاش هارلند حياة قاسية، إذ تيتم وهو مازال في الخامسة من عمره ولم تُسعِفه الظروف لإتمام دراسته فتركها وهو ما زال في الصف السابع الأساسي ليأخذ على عاتقه مهمة الطبخ اليومي لأمه العاملة، وربما كان هذا التفرغ للطبخ أحد الأسباب التي ساعدت هارلند على الإبداع والتفنن في الطبخ وابتكار الوجبة السحرية “كي إف سي”. ولم تَطُلْ مدة تفرغ هارلند للطبخ المنزلي، إذ ترك المنزل بعد أن تزوجت أمه وبعد أن أسرف زوج أمه في سوء معاملته وضربه. فترك البيت وامتهن مهنا مختلفة في فترة يفاعته وشبابه قبل أن يبدأ ببيع أطباق الدجاج المطبوخ لعابري محطة البترول التي كان يديرها في كوربن في كنتاكي، وكان يُعِدُّ هذه الأطباق في منزله المجاور للمحطة نظرا لعدم امتلاكه مطعما خاصا. وسرعان ما كثر رواد هذه المحطة ليس للتزود بالوقود وإنما لتذوق وجبات هارلند، فزادت شعبيته ونما مدخوله فافتتح مطعما من 142 كرسيا وفندقا متحركا (موتيل) وعمل كـ”شيف” وقام خلال تسعة أعوام التالية بتطوير فن طبخ الدجاج وأدخل عليه عناصر وتوابل جديدة واستبدل آلات القلي البطيئة بأخرى حديثة وسريعة. وبعد النجاح المحلي الذي حققه مشروعه بدأ هارلند في سن 65 من عمره في التوسع بمطاعمه إلى خارج ولاية كنتاكي في أميركا وكندا. وفي سنة 1964 باع هارلند شركة سلسلة مطاعم دجاج كنتاكي المقلي إلى رجل الأعمال جون براون الابن من كنتاكي بمبلغ 2 مليون دولار باستثناء فروع مطاعمه في كندا، لينتقل بعد هذه الصفقة إلى أونتاريو بكندا. وظل بعد ذلك يجني الأرباح تلو الأرباح من وراء ظهوره الإعلامي والإعلاني بصفته المتحدث الرسمي باسم أشهر المطاعم آنذاك وما زال. وتوفي هارلند عام 1980 عن عمر يناهز 90 عاما تاركا لورثته مهمة تتمة مسيرته وللأجيال التي تليه قصة نجاح تتداولها ألسنتهم وتتذكرها عند تناول كل وجبة في أحد سلسلة المطاعم هذه شرقاً كانت أو غرباً.