الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

خليل الرحمن إبراهيم والذين معه.. أسوة حسنة للمؤمنين

19 يناير 2017 22:58
أحمد محمد (القاهرة) قال الله تعالى للمؤمنين، (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)، «سورة الممتحنة: الآية 6»، أي لقد كان لكم في إبراهيم ومن معه من الأنبياء والأولياء اقتداء بهم في معاداة ذوي قراباتهم من المشركين، فلما نزلت هذه الآية عادى المؤمنون أقرباءهم المشركين وأظهروا لهم العداوة والبراءة، وعلم الله تعالى شدة وجد المؤمنين بذلك، فأنزل سبحانه: (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً ...)، وبعد ذلك بأن أسلم كثير منهم، وصاروا لهم أولياء وإخواناً، وخالطوهم وناكحوهم، وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب. وقدمت قتيلة بنت عبد العزى على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا، فلم تقبل هداياها ولم تدخلها منزلها، فسألت لها عائشة النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين»، فأدخلتها منزلها وقبلت منها هداياها. قال الإمام الطبري، يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل إبراهيم خليله والذين معه، يا ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا بك فجحدوا وحدانيتك، وعبدوا غيرك، بأن تسلطهم علينا، فيروا أنهم على حق، وأنا على باطل، فتجعلنا بذلك فتنة لهم، ويقول الله عز وجل، لقد كان لكم أيها المؤمنون قدوة حسنة في الذين ذكرهم إبراهيم والذين معه من الأنبياء صلوات الله عليهم والرسل، لمن كان منكم يرجو لقاء الله وثوابه، والنجاة في اليوم الآخر، ومن يتولى عما أمره الله به وندبه إليه منكم ومن غيركم، فأعرض عنه وأدبر مستكبراً، ووالى أعداء الله، وألقى إليهم بالمودة، فإن الله هو الغني عن إيمانه به، وطاعته إياه، وعن جميع خلقه، الحميد عند أهل المعرفة بأياديه، وآلائه عندهم. وقال ابن الجوزي في «زاد المسير»، قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه، اقتداء حسن به وبمن معه، وهم الأنبياء أو المؤمنون، إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم، تأسوا بإبراهيم إلا في استغفاره لأبيه فلا تأّسوا به في ذلك، فإنه كان عن موعدة وعدها إياه وما أملك لك من الله من شيء، ما أدفع عنك عذاب الله إن أشركت به، ثم أعاد الكلام في ذكر الأسوة فقال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ ...)، أي في إبراهيم ومن معه، وذلك أنهم كانوا يبغضون من خالف الله، ولكم بيان أن هذه الأسوة لمن يخاف الله. ومن يتول ويعرض عن الإيمان ويوالي الكفار، فإن الله هو الغني عن خلقه، الحميد إلى أوليائه، فلما أمر الله المؤمنين بعداوة الكفار عادوا أقرباءهم، فأنزل الله تعالى: (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً ...)، أي من كفار مكة وقد أسلم كثير منهم يوم الفتح. قال أبو السعود، قد كان لكم فيهم، في إبراهيم ومن معه، و«أسوة حسنة» تكرار للمبالغة في الحث على التأسي به عليه الصلاة والسلام وأعاد التأسية تأكيداً لها على وجه بلغ الذروة من جمال الترغيب وجلال الترهيب، وأشار إلى أن من فعل غير هذا كان فعله منكرا لحسن هذا التأسي، وأن من لم يتأس بهم في هذا لم يكن يرجو الله الملك، المحيط بجميع صفات الكمال، فهو ذو الجلال الذي يجير ولا يجار عليه، والإكرام الذي هو جدير بأن يعطي جميع من يسأله، الذي يحاسب على النقير والقطمير، ولا تخفى عليه خافية، فمن لم يتأس بهم كان تركه للتأسي دليلاً على سوء عقيدته، فلا يلومن إلا نفسه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©