الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

بلير: الإمارات نموذج رائد بسياستها المنفتحة على العالم وتحقيق تطلعات الشباب

بلير: الإمارات نموذج رائد بسياستها المنفتحة على العالم وتحقيق تطلعات الشباب
19 أغسطس 2016 00:52
ناصر الجابري (أبوظبي) استضاف مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بمقره في أبوظبي محاضرة بعنوان فرص العولمة وتحدياتها، ألقاها معالي توني بلير رئيس وزراء بريطانيا وأيرلندا الشمالية في الفترة من 1997 إلى 2007 أمس الأول، بحضور الدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وباتريسيو فوندي سفير الاتحاد الأوروبي لدى الدولة، وعدد كبير من السفراء، وممثلي البعثات الدبلوماسية، إضافة إلى الأكاديميين والإعلاميين. وقدم توني بلير الشكر الجزيل لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية على جهوده الداعمة لرفد الفكر بالمؤلفات، والكتب الهامة، واصفا إياه بالصرح العظيم، كما أعرب عن إعجابه بما شاهده خلال الجولة التي قام بها في المركز بجهود الباحثين العظيمة، والإمكانات المتوفرة التي تضع المركز ضمن نخبة المراكز حول العالم. وأشاد بلير بدور الدكتور جمال سند السويدي مدير عام المركز، وحصيلته من المؤلفات الفكرية، مشدداً على أن كتاب «السراب» يعد من الكتب التي عالجت جذور التطرف، وناقشت العديد من الإشكالات الهامة، وهو من الكتب التي تتميز بالرصانة الفكرية، وبالقيمة العلمية، وقدم إسهاماً كبيراً في كيفية التعامل مع الأصول الأولى للأيديولوجيات المتطرفة. وأكد بلير أن دولة الإمارات تعد نموذجاً إقليمياً رائداً، في استطلاعات الرأي في السنوات الخمس الأخيرة تدلل على أن الشاب العربي يرى في دولة الإمارات الصورة المثالية، والمكان الأفضل للعيش، والنموذج الذي يجب الاقتداء به، وذلك يعود إلى أسباب كثيرة منها إدراك القيادة في دولة الإمارات ما يريده الشباب، وعملها الدائم لتحقيق تطلعاتهم وآمالهم، إضافة إلى السياسة القائمة على العقل المنفتح، والارتباط الوثيق مع دول العالم، وتقبل كل الثقافات، واعتماد الإمارات على رسالتها السلمية في بث القيم الفاضلة، مشيراً إلى أن أغلبية الوطن العربي يفضل منهجية العقل المنفتح، إلا أن أحلامهم تصطدم أمام التيارات التي تقف ضد ذلك، وتحاول عرقلته. وأوضح بلير أن المشاكل في العالم لا يمكن أن تعالجها الدول وحدها، ولكن بالتنسيق والتفاعل مع الآخرين، وهذا ما يفعله من خلال مؤسسته التي تسعى إلى تعزيز مبادئ منهجية الانفتاح، والعمل العالمي المشترك، وتعددية القيادة، وأضاف: من المهم أن تبدأ السياسات الأوروبية والعالمية في الاتجاه نحو الاستراتيجيات طويلة المدى، وأن تكون بأهداف محددة وواضحة، وهذا ما يحدث في دولة الإمارات التي تتبع استراتيجية طموحة بعيدة المدى وناجحة، استطاعت من خلالها أن تحظى بإعجاب العالم بأسره. وحول موضوع المحاضرة أكد بلير أنه ثمة تقلبات سياسية غير مسبوقة يشهدها العالم، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط التي تعايش بشكل كبير العديد من التقلبات، والتغيرات، ولكن أيضاً في الغرب الذي يشهد تغيراً كبيراً في معطيات السياسة العالمية، والصراع بين التيارات اليمينية واليسارية، فهناك اليوم أيضاً صراع من نوع آخر يتمثل في الأشخاص المنفتحين الذين يرون في العولمة فرصة نحو التقدم، والاستفادة من التجارب الأخرى، والتفاعل مع بقية الحضارات، وبين تيار آخر منغلق على نفسه، يرى أن في العولمة تهديداً عليه، فهناك فارق كبير بين التيارين، وبين تعاملهما مع القضايا السياسية. التطرف وأضاف بلير: توجد اليوم أحزاب سياسية متطرفة في أقصى اليمين، وأخرى متطرفة في أقصى اليسار، ومن يتتبع مسار الانتخابات الأوروبية، وفوز اليسار بالحكومة في اليونان، وتصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، والتحركات الشعبوية ما بين اليمين واليسار، ورغم اختلاف التقاليد بينهما، إلا أنهما يلتقيان على خط واحد يتمثل في تقليص التجارة الحرة، والاتجاه نحو الانعزال عن العالم الخارجي، وضد حركات الهجرة، وكل هذه الأمور في مسار مضاد للعولمة. وأوضح بلير أن الأسباب التي أدت إلى وجود هذا التيار، هو جمود المداخيل الاقتصادية للطبقات المتوسطة، والأقل من متوسطة، الذين يشعرون بأنهم أُهملوا بسبب التغيرات التي تحدث تباعاً في العالم، وأن الفرص الاقتصادية تقل بسبب ذلك، كما يعد بروز وسائل التواصل الاجتماعي، وقوتها سواء بجانبها الإيجابي أو السلبي، أحد العوامل التي أسهمت في بروز حركات التمرد، ونشرها سريعاً، ففي السابق كانت الآراء تحتاج إلى وقت حتى تنمو وتنتشر، كما كان هناك وقت للسياسي ليفكر في تداعيات الآراء، والرد عليها بما يتناسب، ولكن نمو الأفكار من هذه الحركات خلال فترة وجيزة شتت انتباه القادة السياسيين، مما جعل لهذه الوسائل دوراً في تشتيت القرارات السياسية. وأشار بلير إلى أن السياسة المبنية ضد العولمة لا يمكن أن تنجح، فالعولمة هي نتاج قوى التغيير في مجالات التكنولوجيا الحديثة، والتجارة الحرة، والسفر، وهي تعني التفاعل مع العالم الخارجي بذهن منفتح على الأفكار، والثقافات، والحضارات، مما يُنتج أفكاراً جديدة، وفرصاً جديدة، مضيفاً أنه يوجد خطر من السياسات ضد العولمة، فهي ترسخ الانقسام، والتباين والتمييز بين عرق وآخر، وديانة وأخرى، وبين مختلف الثقافات، وافتراق الناس نتيجة لذلك يؤدي إلى نزاعات، وهذا ما حدث في بعض بلدان الشرق الأوسط، وتطور السياسات على أساس الانقسامات يولد الفشل. وشدد بلير على أهمية فهم ما يحدث في العالم السياسي اليوم، وتغيير سياسة الخوف بالأمل، وضرورة أن يحمل المؤمنون بالعولمة والانفتاح على العالم رسالتهم، وينشروها حول العالم، ويناقشوها في مختلف الأماكن، وأن يتحدوا معاً في سبيل ذلك. وحول رأيه في إمكانية وجود استراتيجية موحدة ضد الإرهاب، قال بلير: من الضروري ذلك، ومن الممكن أيضاً، لكن يجب معالجة الإرهاب على مستويين، المستوى الأول يتمثل في الإجراءات الأمنية التي يجب أن تُتخذ ومضاعفة الجهود في ذلك، باعتبار أن الإرهاب يعد اليوم ظاهرة عالمية، وتتبع تحركات الجماعات المتطرفة، وبياناتها، بينما المستوى الثاني هو معالجة الأيديولوجيا الداعمة للتطرف، والأفكار الداعية له، فلا يكفي فقط التعامل مع التطرف كظاهرة فقط، ولكن أن نتعامل مع الظروف التي أدت إلى نمو أفكار التطرف، والبيئات الحاضنة له، والأسباب التي أدت إلى انتشاره، وذلك يتمثل في الجانب التعليمي، ودعم المبادرات الرافدة للفكر، والمحفزة على نشر قيم السلام العالمي، فالكثير يلجأ إلى العنف بسبب غياب التعليم. وأضاف «التطرف متكون من طرفين رئيسيين، طرف يطبق العنف مثل داعش وغيرها من الجماعات، وطرف آخر لا يمارس العنف، ولكن يبشر بالأيديولوجيا الداعية له، ولذلك فوجود استراتيجية متكاملة يعد ضرورة عالمية اليوم». ورداً على سؤال حول موقف المجتمع الدولي من إيران، وسبل إيقاف التدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة، أكد بلير أن القضية مع إيران ليست مع الشعب الإيراني الذي له حضارته، وموروثه الحضاري، والثقافي، ولكن القضية مع النظام الإيراني الذي ينتهج الثيوقراطية، وأضاف «أرى أن المشكلة الجوهرية مع إيران ليست فقط مقتصرة على البرنامج النووي الإيراني، بل مشكلة سعي النظام الإيراني لتصدير الفوضى إلى المنطقة خصوصاً في سوريا واليمن، كما أن المحاولات الإيرانية لا تزال مستمرة لزعزعة استقرار مملكة البحرين، ولذلك فالاتفاق النووي مع إيران لا يغير أن هناك مشكلة جوهرية للنظام الإيراني، وتدخلاته، خصوصاً أن الأيديولوجيا السائدة لدى النظام تتمثل في التطرف، والانغلاق، وهي تشكل تحدياً في المنطقة، فالقضية ليست مذهبية، بل قضية بين طرفين، أحدهما يدعو للانفتاح على العالم والتعايش، وطرف آخر على النقيض له يؤمن بالانغلاق وإقصاء الآخرين، ولذلك من المهم التوحد ضمن استراتيجية تتوافق عليها الدول. وحول التحديات التي تواجه السلام في المنطقة، أوضح بلير باعتباره المبعوث الدولي للجنة الرباعية الدولية الخاصة بالسلام بالشرق الأوسط، أن الحل السلمي في القضية الفلسطينية ينبغي أن يكون وفقاً للمبادرة العربية، وحل الدولتين وفقاً لحدود 1967، مشيراً إلى أن حل الدولة الواحدة ثنائية القومية لا يمكن له أن ينجح، وأضاف «يجب أن تؤخذ المبادرة العربية، وأن تُجرى مفاوضات جادة حول الموضوع، إضافة إلى أهمية بناء المؤسسات الفلسطينية المدنية، وتغيير الأحوال الاقتصادية عن طريق البناء والإعمار في قطاع غزة، مؤكداً أن هناك فرصة لبناء السلام في المنطقة، ومعرباً عن تفاؤله بمستقبل السلام». وعن الانخفاض الكبير في أسعار النفط، وإمكانية تأثر دول الخليج خصوصاً بأسعار النفط الحالية، أوضح بلير أن أسعار النفط الحالية تعد فرصة مناسبة نحو تحقيق التنوع الاقتصادي، والإصلاح من خلال إيجاد فرص جديدة، وهذا ما يحدث في دولة الإمارات، وفي المملكة العربية السعودية التي تقوم بسياسات ناجحة في التعامل مع أسعار النفط الحالية. وأضاف «من الأنسب الاعتماد على الأجيال الشابة واليافعة في دول المنطقة، فهؤلاء يحتاجون إلى روح الريادة، والتشجيع، والوصول إليهم لخلق فرص اقتصادية جديدة، كما ينبغي تحقيق التوازن بين القطاعين الحكومي والخاص في دول المنطقة، وتحقيق انفتاح اقتصادي على العالم، والاستثمار في التعليم عبر إدراج مواضيع تحثّ على الابتكار، لينتج عن ذلك قطاعات جديدة تكنولوجية ومعرفية، تحقق التنوع الاقتصادي. وتابع «ليست فقط دول المنطقة بحاجة إلى التنويع الاقتصادي، والإصلاح، ولكن أيضاً دول الغرب، فالعالم بحاجة إلى التغيير، وللأسف في بعض دول العالم يكون من الصعب تخطي الإرث، والأفكار القديمة التي لا تتناسب مع حاجات العالم الحديث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©