الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

ترويج الإشاعات.. فتنة وإثم عظيم

ترويج الإشاعات.. فتنة وإثم عظيم
30 يونيو 2017 02:05
 أحمد مراد (القاهرة)   حذر علماء في الأزهر من خطورة ترويج الإشاعات ونشر الأخبار دون تثبت من مصدرها، مؤكدين أن ذلك يعد من أعظم أشكال الفساد والفتن. وأكد العلماء، أن ضرر الإشاعات أشد من القتل، لأن الإشاعة من الوسائل المؤدية إلى الفتنة والوقيعة بين الناس، لأن القتل يقع على نفس واحدة لها حرمة مصانة، أما الفتنة فهي تهدم المجتمع بأسره. سلاح خطير أوضح د. أحمد خليفة شرقاوي، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، أن نشر الإشاعات سلاح خطير يفتك بالأمة ويفرق أهلها، ويفضي إلى عدم الثقة بين أفراد المجتمع، كما أن أسرع الأمم تصديقاً للإشاعة هي الجاهلة الفاشلة التي تصدق ما يقال، وتردد الأخبار الكاذبة دون تمحيص ولا تفنيد، على عكس الأمم الواعية والتي لا تلتفت إلى الإشاعات، وتكون مدركة لحيل وألاعيب المنافقين. وأكد شرقاوي، أن الإسلام يحرم إشاعة أسرار المسلمين وأمورهم الداخلية مما يمس أمنهم واستقرارهم، كما يحرم إشاعة ما يمس أعراض الناس وأسرارهم الخاصة، حيث يقول تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، (النور: 19)، وهذا هو الجزاء في الآخرة، أما في الدنيا فالحكم المترتب على الإشاعة الكاذبة هو حد القذف، حيث يقول سبحانه: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا، وَأُولَ?ئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (النور: 4 و5)، ويقول تعالى: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً)، (الأحزاب: الآية 58)». وأضاف شرقاوي: الإشاعات جريمة ضد أمن المجتمع، وصاحبها مجرم في حق دينه ومجتمعه وأمته، ومثير للاضطراب والفوضى وقد يكون شره أكثر من مروج المخدرات، لأن كلاهما يستهدف الإنسان، لكن الاستهداف المعنوي أخطر وأعتى، كما أنه إذا كانت الحروب والأزمات والكوارث والنكبات تستهدف بأسلحتها الفتاكة الإنسان من حيث جسده وبنائه، فإن هناك حربا أشد ضراوة وأقوى فتكا لأنها تستهدف الإنسان من حيث عمقه وعطاؤه وقيمه ونماؤه، وهي حرب الإشاعات. احذروا الأكاذيب وتحذر دكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، من خطورة نشر أي أخبار بلا تثبت ولا تيقن من مصدرها، فهذا الأمر يساهم في إفساد المجتمع لأن ذلك لا يعد خبرا حينئذ بل يعد إشاعة وزوراً وبهتاناً وقد حذر القرآن الكريم من نقل الأخبار دون تثبت من صدقها والثقة في ناقلها فقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات: الآية 6)، وقد أكد رسولنا الكريم على خطر التحريف في الكلام دون وضعه في مكانه الصحيح، وبيّن خطر ذلك على المجتمعات والأفراد والأمم فقال صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع»، وقد نبه علماء الحديث على أن معناه أنه لا ينبغي للمرء أن يحدث بكل ما سمع حتى يعلم على اليقين صحته ومقصد قائله ثم يحدث به لأن النقل بلا تثبت من أعظم الفساد كما قال الإمام مالك، ولذلك جعل الله كل أدوات النقل والتصديق من الأشياء التي سيسأل عنها المرء يوم القيامة فقال تعالى: «وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا» (الإسراء: الآية 36). وقالت د. إلهام: لقد كانت الإشاعات سبباً في كدر شديد للمسلمين وللرسول، وكانت من أسباب هزيمة المسلمين في غزوة أحد بعد شائعة مقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك علينا كمسلمين قبل ترديد الخبر وتناقله التثبت من صحة الخبر بسؤال أهل الاختصاص أو صاحبه، وكذلك يجب النظر في ناقلي الخبر ومروجيه هل هم من أهل الثقة أم أنهم من الفاسقين المشهور عنهم الكذب أو أصحاب المصلحة في تلفيق الأخبار ونقل الأكاذيب وممن لا يهتمون بمصلحة البلاد والمسلمين أو الموالين لأعداء الوطن وأعداء الدين.  هدم للقيم وأوضح الشيخ شوقي عبداللطيف، وكيل أول وزارة الأوقاف المصرية الأسبق، أن الدين الإسلامي عالج آفة ترويج الشائعات بأن جعلها سلوكا منافيا للأخلاق النبيلة والسجايا الكريمة والمثل العليا التي جاءت بها وحثت عليها شريعتنا، من الاجتماع والمحبة والمودة والإخاء والتعاون والتراحم والتعاطف والصفاء، ذلك أن الإشاعة ما هي إلا نسف لتلك القيم ومعول هدم لهذه المثل، كما أن الإسلام حذر من الغيبة والوقيعة في الأعراض، والكذب والبهتان والنميمة بين الناس، وأمر بحفظ اللسان، وبين خطورة الكلمة، وحرم القذف والإفك، كما أخبر سبحانه وتعالى أن الإنسان مسؤول أمام الله عز وجل ومحاسب عن كل صغيرة وكبيرة، يقول تعالى «مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» (ق: الآية 18). وأشار الشيخ عبداللطيف، إلى أنه يجب على المسلم حين تأتيه المعلومة أو الخبر أن يقدم حسن الظن بأخيه المسلم، قال تعالى: «لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ» (النور: الآية 12)، ذلك أن الإشاعات غالبا ما تكون مبنية على سوء الظن، والله عز وجل قال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ، ولَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً» (الحجرات: الآية 12).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©