الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالعزيز المسلم: الحاجة إلى الحكاية الشعبية أصبحت ملحة

عبدالعزيز المسلم: الحاجة إلى الحكاية الشعبية أصبحت ملحة
2 مايو 2014 23:24
محمد وردي (الشارقة) منذ ثلاثين عاماً ونيفاً، يواصل الباحث عبد العزيز المسلم مدير إدارة التراث والشؤون الثقافية بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، سعيه لجمع الموروث الشفاهي الإماراتي، من الحكايات والأساطير والأغاني الشعبية، حيث كانت البداية وهو طالب في المرحلة الثانوية، حينما كُلّْف بجمع سير وقصائد الشعراء، الذين كرمهم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، منهم الشاعر راشد بن طناف والشاعر ربيع بن ياقوت والشاعر علي بن رحمة الشامسي والشاعر علي بن مكتوم. عقب ذلك تابع دورة تدريبية في الدوحة بمركز التراث الشعبي، لإعداد باحثين في التراث الخليجي، ومن ثم كلف بمهمة «ضابط نقطة الاتصال الفنية بين الإمارات ومركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية في الفترة من 1986 حتى 1991»، حيث عاد إلى دائرة التراث في الشارقة. ومنذ ذلك الحين لم يتوقف المسلم عن بذل كل جهد ممكن لجمع إرث الأجداد. الحكاية حاضنة ثقافية يقول عبد العزيز المسلم في حديث خاص لـ «الاتحاد» حول أهمية الحكاية الشعبية، في زمن ثقافة «الإنترنت»، إن الحاجة إلى الحكاية الشعبية أصبحت ملحة الآن أكثر من أي وقت مضى، وخاصة في هذا الزمن. ويضيف «وذلك لأن الحكاية الشعبية هي حاضنة للمنظومة القيمية والأخلاقية على مستوى العادات والتقاليد، وفي الوقت عينه هي حاضنة للرموز والدلالات الثقافية بالمعنى المعرفي الواسع». مؤكداً أنه يحاول من خلال جمع وتوثيق الحكايات، توجيه رسائل تحمل هذه الدلالات إلى المجتمع بمختلف شرائحه الرسمية والأهلية، من النخب إلى الناس العاديين. ويتابع «إن المنظومة القيمية التي تعد من ثوابت الهُوية الثقافية للمجتمع الإماراتي والخليجي عموماً، باتت في المرحلة الراهنة مهددة بالتغريب والتغييب، في ظل الفيضان الحداثي الزاحف بقوة على مجتمعاتنا بالمعنى المادي، الذي يفتقر إلى البعد الأخلاقي الإنساني. فمثلاً باتت الهُوية الوطنية بمثابة شكل من دون مضمون، بمعنى أن الرمز الشكلي طغى على المضمون القيمي والثقافي، أي أن الجيل الإماراتي الراهن، ترى بعضهم يرتدون الزي التقليدي، ولكنهم لا يعرفون من هُويتهم سوى ذاك الزي. أما بقية سلوكهم وتصرفاتهم مع الموسيقى والغناء والمأكل والمشرب فلا علاقة لها بهُويتهم، حتى لغتهم تكاد تضيع، وسط هجين من الرطانة تأتيك من كل جهات الأرض. فأي وطن هذا الذي يُبنى على العمارات الأسمنتية وكل ماهو مستورد، ولا يعبر عن روح المكان والإنسان بخصوصيته الأخلاقية والدينية بالمعنى الثقافي والإنساني الواسع». وأضاف المسلم رداً على سؤال، عما إذا كان الذي يقوم به يفي بالغرض أم لا؟ قال: «بالتأكيد لا يكفي. لأن ما أقوم به ربما هو أقرب إلى حجر يُلقى ببركة، لعله يحرك المياه الراكدة، ويلفت انتباه الجميع لأهمية هذا الأمر، رغم أنني يراودني إحساس بأنه يترك تأثيره على البعض، وقد يغير من نظرتهم الدونية للتراث الشفاهي، كما تغير مفهومي ونظرتي الشخصية لكنوزنا المعنوية الغنية من إرث الأجداد، حالما اقتربت منه وأنا في المرحلة الثانوية». المسار الثقافي وبخصوص الوجهة، التي يمضي إليها المسار الثقافي العام في الدولة؟ قال: «دعني أوضح في البداية، بأننا خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات، كان لدينا ما يمكن أن أسميه لهفة للتفاعل مع الحداثة، في إطار السعي لإثبات الذات، ما تسبب بتغليب الحداثة المادية على الكثير من مقومات الهُوية الثقافية. ولكن الآن هناك تحول بهذا الخصوص، وبدأ حراك متعدد المستويات لاستدراك ما يمكن إنقاذه. فراح يتركز الجهد على النهل من التراث لتعزيز القيم الثقافية الأصيلة، التي تعبر عن روح هُوية الإمارات بأبعادها المحلية والخليجية والعربية والإسلامية. غير أن هذا الجهد لا يكفي، فلا بد من تكثيفه وتسريعه، لأن الكثيرين من الرواة صاروا من كبار السن وباتت ذاكرتهم وحياتهم مهددة بالرحيل، بل رحل كثيرون منهم دون أن نستمع لرواياتهم. وكما تقول منظمة «اليونسكو»، إن موت راوي، يساوي حرق مكتبة». العمل من فوق وأكد المسلم على ضرورة تضافر الجهود في جميع إمارات الدولة لجمع وحفظ التراث، وقال «إن العمل لجمع التراث الشفاهي، يفترض أن يبدأ من فوق إلى تحت، أي في إطار الكيان الاتحادي، لأن العمل المناطقي، يفقد البحث مصداقيته، فمثلاً إذا أردنا دراسة الحياة الزراعية وخصوصياتها، فيجب أن تشمل الدراسة الجبل والواحة والساحل والصحراء، وهناك بعض الإمارات لا تتوافر فيها كل هذه البيئات، ما يعني أن الدراسة فيها ستكون ناقصة، والأمر عينه ينسحب على فنون الأداء الحركي وعلى الأدب الشعبي والمعارف التقليدية والثقافة بشقيها المنقول والثابت». ويوضح المسلم أن ما يجري في الوقت الراهن هو محاولات عشوائية غير منسقة أو منظمة. ولابد من القيام بخطوات جادة من خلال تشكيل فرق متخصصة للجرد، وأخرى للحفظ والتوثيق، وثالثة للبحث والدراسة. ويقول «وإن لم يبدأ العمل سريعاً بهذا الاتجاه سيبقى موروثنا المعنوي مهدداً بالضياع».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©