الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فضيحة «بنك كابول»... غيض من فيض!

23 ابريل 2011 22:31
يعتزم المسؤولون الأفغان بيع جزء من بنك كابول الذي يعتبر أكبر مصرف في البلاد، بسبب ما يمر به من ظروف صعبة، على أمل أن تؤدي هذه الخطوة إلى استئناف تلقي المساعدات الدولية التي عُلقت مؤقتاً في العام الماضي بعد تفجر فضيحة القروض الكبيرة للبنك. فقد أعلن مدير البنك المركزي، يوم الأربعاء الماضي، أنه سيتم وضع المؤسسة تحت الوصاية على أن تُشكل لجنة حكومية لتولي استرداد القروض تعقبها خصخصة ما تبقى من البنك في غضون ثلاثة أشهر. وفي هذا الإطار قال "عبد القدير فطرت"، مدير البنك المركزي: "سيلاحق بكل صرامة جميع من انتهك القانون أو ارتكب تجاوزات في تعامله مع بنك كابول، سواء تعلق الأمر بالمساهمين، أو بالموظفين". وكان "فطرت" قد تولى إدارة العمليات اليومية للبنك منذ اندلاع الأزمة فيه وافتضاح أمر القروض التي مُنحت لشخصيات نافذة في البلاد دون ضمانات قانونية. وأضاف المسؤول المصرفي الأفغاني أنه "تم إنشاء لجنة حكومية، وأعطيت لها جميع الصلاحيات من أجل جمع أموال البنك، وإذا ما واجهت أي تعنت من بعض الأطراف فإنها ستتحرك بسرعة للحجز على الأموال حتى يتم استخلاص القروض كاملة". وكان بنك كابول علامة مميزة في الحياة الاقتصادية بأفغانستان بعد سقوط "طالبان" وقيام النظام الجديد، بحيث كان مسؤولاً عن دفع رواتب أكثر من 300 ألف موظف حكومي. لكن في شهر سبتمبر الماضي تعرض البنك لضربة عنيفة عندما سارع الآلاف من الأفغان إلى سحب أموالهم من مقره الرئيسي وفروعه المختلفة، إثر انتشار أخبار تقول بأن المؤسسة خسرت مئات الملايين من الدولارات بسبب القروض الكبيرة التي حصل عليها أشخاص مقربون من الدائرة الضيقة للرئيس كارزاي. وكان رد المجتمع الدولي على تلك الفضيحة بأن علق صندوق النقد الدولي مساعداته التي كان يقدمها لأفغانستان، ما لم تتضح أبعاد الفضيحة، وتُحل مشكلة الديون. وبذلك التعليق تكون أفغانستان قد خسرت 70 مليون دولار كانت ستتلقاها من بعض الجهات المانحة. وإلى ذلك، فقد أوصى صندوق النقد الدولي بوضع بنك كابول تحت الوصاية المباشرة للحكومة الأفغانية، أو بيعه بعد استرجاع الديون. وكشفت الوكالة الدولية للتنمية التابعة للولايات المتحدة في تقرير صدر خلال الشهر الماضي، أن البنك منح قروضاً بطريقة مشبوهة وغير قانونية وصلت قيمتها إلى 850 مليون دولار حيث تم ذلك عبر "شركات وهمية"، تلك القروض التي شكلت 94 في المئة من إجمالي معاملات البنك. ومن جانبه صرح "فطرت" بأن التحقيق الحكومي كشف عما يفوق 509 ملايين دولار منحها البنك على شكل قروض لجهات معينة من ضمنها المساهمون، مشيراً إلى أنه لحد الآن لم يتم استرداد سوى 5 في المئة من إجمالي القروض. وأضاف أن المدعي العام يحقق في 19 قضية مرتبطة بالديون وبالتورط في عمليات نصب وتحايل، كما يتم التحقيق في قضيتين كبيرتين متعلقتين بالفساد من قبل مكتب المراقبة الذي أنشأه الرئيس كارزاي كهيئة مستقلة للنظر في المزاعم الشائعة ولمواجهة الضغوط الدولية التي ما فتئت تطالبه بمكافحة الفساد. لكن كارزاي الذي يواجه أيضاً جيوب المقاومة الداخلية والمصالح الخاصة لبعض الأطراف، ألقى باللائمة على شركات دولية تقوم بالمراجعة المالية للبنك، مطالباً بضرورة متابعتها قضائياً على غرار المساهمين. ويرى المراقبون أن كارزاي وباقي المسؤولين في الحكومة الأفغانية لم يقوموا بما يكفي لمنع تكرار هذه الفضيحة من خلال بلورة التشريعات المناسبة، وذلك مخافة إغضاب مدراء البنوك الذين انخرطوا في تمويل الحملات الانتخابية للسياسيين. ويضيف المراقبون أن أزمة بنك كابول تؤكد بوضوح غياب المحاسبة وتفشي الفساد كمرضين لم يفتآ ينخران الاقتصاد الأفغاني، وكذلك استفادة قلقة قليلة من المقربين للرئيس كرزاي بينما يرزح الشعب تحت الفقر. وفي هذا الإطار يقول "توماس روتينج"، أحد المراقبين للشأن الأفغاني، "ليست فضيحة بنك كابول سوى غيض من فيض تدل على أن الاقتصاد الأفغاني غير مستقر بسبب انعدام سيادة القانون، أو بمعنى أصح بسبب نجاح الأقوياء وأصحاب النفوذ في وضع أنفسهم فوق القانون". ومن جانبه يُحمل "كانداس روندو"، من مجموعة الأزمات الدولية، مسؤولية الفضيحة للمسؤولين الأجانب المكلفين ببناء اقتصاد البلاد، معبراً عن ذلك بقوله: "عندما يتعلق الأمر بدفع الحكومة الأفغانية لتبني إصلاحات اقتصادية، ليس فقط بالنسبة للبنوك، بل لمجمل النظام المالي، لا تقم الدول المانحة بأي دور إيجابي". وبحسب صندوق النقد الدولي، لا يتعدى متوسط الدخل الفردي في أفغانستان، والتي يصل عدد سكانها إلى 30 مليون نسمة، 500 دولار في السنة، حيث يتوفر 7 في المئة فقط من هؤلاء على حساب بنكي وفقاً لإحصاءات البنك المركزي. لكن مع انكشاف أزمة البنك، سارع العديد من الأفغان إلى سحب ودائعهم، وهو أمر لن يغيره حسب "محمد رتيب"، المهندس الذي يتلقى راتبه من بنك كابول، إلا إذا "تدخلت الحكومة أو الرئيس كرزاي شخصياً لضمان ودائع المواطنين وأموالهم". مولي هنسي - فيسك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©