الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أميركا الشمالية تتجه لصدارة دول العالم في إنتاج النفط

أميركا الشمالية تتجه لصدارة دول العالم في إنتاج النفط
2 مايو 2014 22:27
ترجمة: حسونة الطيب في الوقت الذي تستعرض فيه روسيا قوتها وتعاني فيه منطقة الشرق الأوسط من الاضطرابات، بدأت تلوح في الأفق بوادر تحول جيوسياسي للطاقة، مع توقعات أن يسفر ذلك عن تراجع اعتماد العالم على هذه المناطق لتوفير احتياجاته من الطاقة. ومن المرجح تفوق أميركا على المملكة العربية السعودية وروسيا، كأكبر دولة منتجة للنفط في العالم. كما من المرجح أن تساعد رمال كندا النفطية، في تحول البلاد إلى قوة نفطية عظمى، في وقت شرعت فيه المكسيك في إصلاح قطاع الطاقة، الذي تعول عليه الحكومة للدفع بعجلة اقتصادها. ويقول جيسون بوردوف، أحد كبار مستشاري الطاقة السابقين في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما: “يعتبر مستقبل إنتاج الطاقة مشرقاً بالنسبة لأميركا الشمالية. ويدل كل شيء على الأرض على أسباب تدعو للتفاؤل”. لكن ورغم إشراق المستقبل، يبدو أن الوقت قد حان للتأكد من الحقيقة قبل إعلان أميركا وجيرانها لاستقلالها بمواردها الخاصة من الطاقة. ومنح تدفق النفط والغاز أميركا الشمالية، أملا أن تصبح ما أطلق عليه البعض “السعودية الأميركية”، بيد أن تطوير الوقود الأحفوري دائماً ما يدور حوله الكثير من الجدل، نظراً للتكاليف البيئية التي تنطوي على استخراجه. وصاحب خط أنابيب كيستون أكس أل الذي يهدف لربط حقول النفط الرملية في كندا بمرافق التكرير الأميركية، تعقيدات سياسية وتنظيمية استمرت لسنوات عديدة. كما أوقفت الحركات الشعبية لحماية البيئة، عمليات حفر الغاز الطبيعي في نيويورك وكويبيك الكندية، مهددة بعدم السماح لانتشار عمليات شركات النفط وخطوط الأنابيب ومحطات الموانئ في غرب أميركا وكندا. السماح بالتصدير وحتى الآن، يساور الحكومة الأميركية القلق بالسماح لشركات الإنتاج بتصدير النفط والغاز، رغم أن مشكلة أوكرانيا ربما تكون تسببت في تغيير ذلك التفكير. وفي ذلك الحين، تواجه المكسيك مشاكل أكبر حجماً، رغم التغييرات القانونية التي قامت بها الحكومة التي تهدف إلى فتح مجال الكشف والإنتاج لشركات النفط العالمية لأول مرة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، في حين يثير العنف المصاحب للمخدرات حفيظة المستثمرين. وربما الأكثر أهمية، التحدي الذي يكمن في اقتصاد استخراج النفط والغاز في القارة، حيث تعتبر عمليات الحفر في حقل ديب ووتر للنفط في خليج المكسيك واستخراج النفط الرملي وحفر النفط والغاز الصخريين، كلها عالية التكاليف وتتطلب أسعاراً مرتفعة للنفط يبدو الحصول عليها أمراً بعيد المنال. ومعظم النفط الذي تميزت عملياته بالسهولة، قد نضب الآن، لكن في حالة إنتاج أميركا الشمالية لكميات ضخمة من النفط وبسرعة وارتفاع صادرات العراق وإيران إن نجحت الأخيرة في مفاوضاتها مع الغرب بشأن برنامجها النووي، يمكن أن تتراجع أسعار النفط العالمية بشكل كبير. وهناك أيضاً إمكانية انتعاش وتيرة نشاطات الحفر للنفط والغاز الصخريين في كل من الصين والأرجنتين وروسيا، التي لا تزال دون ما يجري في أميركا الشمالية، بيد أنها تصدر كميات معتبرة للسوق العالمية. وفي حين يبدو ذلك غير وارد الحدوث، إلا أن انهيار الأسعار كما حدث للغاز الطبيعي الذي أنتجته أميركا في أعقاب 2008، يثير مخاوف مدراء شركات النفط والغاز حول العالم كافة. لكن لا يخلو تاريخ النفط من المفاجآت، حيث توقع قلة من الخبراء انهيار أسعار النفط بعد الحظر الذي فرضته الدول العربية على تصديره في سبعينيات القرن الماضي، ما دفع بالمكسيك وأجزاء من ولاية تكساس في حلقة اقتصادية مفرغة. كما أنفقت بعض الشركات عشرات المليارات من الدولارات في إنشاء محطات لاستيراد الغاز الطبيعي لأميركا، لم تعد ذات فائدة بعد وفرة الإنتاج التي تعيشها أميركا في الوقت الحالي. والآن تم تحويل هذه المحطات لأغراض التصدير بتكلفة بلغت مليارات الدولارات. ويرى مارك فينلي، المدير العام لأسواق الطاقة العالمية وأميركا في شركة بي بي النفطية، أن هناك ما يكفي من الأسباب التي تدعو للتفاؤل فيما يتعلق بتوقعات النفط والغاز الأميركي، رغم أن النتائج ليست مضمونة كلياً. الحقول البحرية وارتبطت ثروات النفط المكسيكية بأميركا منذ سبعينات القرن الماضي، عندما اكتشفت المكسيك العديد من الحقول البحرية الغنية. وتخطط أميركا على مدى العقدين المقبلين، لتهيئة مرافق تكريرها لاستقبال خام النفط من المكسيك وفنزويلا، اللتان تراجع إنتاجهما خلال العقد الماضي. وفيما يتعلق بالمكسيك، تراجعت صادراتها النفطية لأميركا من 1,7 مليون برميل يومياً، إلى نحو مليون في الوقت الحالي. وتكمن مشكلة المكسيك في شركة بيتروليوس المتعصبة التي تحتكر الإنتاج ومبيعات الوقود منذ ثلاثينات القرن الماضي. ولشهرتها بالفساد أكثر منه بالخبرة، تم إرغام الشركة على تسليم وارداتها للحكومة وتقليص استثماراتها في حقول النفط والغاز المعروفة. واقترح الرئيس المكسيكي إنريكي بنينيانييتو، القضاء على هذا الاحتكار من خلال السماح لشركات النفط الخاصة والأجنبية بممارسة عمليات الكشف والإنتاج في المكسيك مع مشاركة الأرباح. ويأمل خبراء الطاقة، استفادة المكسيك من المخزون الضخم في أعماق مياه خليج المكسيك ومن حقول النفط الصخري والغاز بالقرب من حدودها مع أميركا. نمو الإنتاج وتشير تقديرات مؤسسة سيتي البحثية في العام الماضي، إلى امتلاك المكسيك لاحتياطي قدره 29 مليار برميل من النفط والغاز في خليجها، إضافة إلى 13 مليارا أخرى من النفط الصخري قابلة للاستخراج. ويتوقع الخبراء زيادة في الإنتاج بنحو 25% بحلول 2024 إلى ما يقارب 4 ملايين برميل يومياً، ما يضع البلاد في المرتبة الخامسة أو السادسة في الترتيب العالمي. وتعتبر أميركا أكبر المستفيدين من وفرة الإنتاج في المكسيك، من حيث المصادر المهولة الجديدة ومن التجارة الإضافية مع جارتها الغنية. لكن عبر بعض الخبراء عن مخاوفهم حول مدى فاعلية التغيير الذي يمكن أن تحدثه المكسيك في قوانين الطاقة لجذب الاستثمارات الأجنبية. وما يعيب المكسيك، غياب القانون، ما دعا المستثمرين للإحجام عن ضخ أموالهم ومواردهم البشرية، في ظل انتشار عصابات المخدرات وتفشي العنف والجريمة. وفي حين تراجع إنتاج المكسيك من النفط خلال السنوات القليلة الماضية، زاد معدل إنتاجه في كندا. وقبل عقد فقط، كانت رمال كندا النفطية مجرد فكرة متأخرة في عالم الطاقة، مع بدء أسعار النفط في الارتفاع الذي يكفي لجعل عمليات التنقيب في الغابات الشمالية للمنطقة شبه القطبية، ذات جدوى اقتصادية. ولكن ومنذ ذلك الحين، أصبحت كندا لاعباً مهماً في ساحة النفط. وأكبر الاكتشافات النفطية في العام الماضي، كانت في أعماق المياه قبالة ساحل نيوفاوندلاند. كما تشكل الرمال النفطية في غرب كندا، واحدة من بين أكبر ثلاثة احتياطات نفطية في العالم، بعد فنزويلا والمملكة العربية السعودية. ووفقاً لبيانات الاتحاد الكندي لمنتجي النفط، من المتوقع أن ترفع البلاد إنتاجها النفطي من 3,2 مليون برميل في اليوم خلال 2012، إلى 4,9 مليون برميل يومياً بحلول 2020 وإلى 6,7 مليون بحلول 2030. لكن ما زال الشك يساور العديد من خبراء النفط في استغلال كندا لكامل إمكاناتها النفطية، نتيجة لارتفاع تكاليف إنتاج النفط من الرمال، بجانب ارتفاع الضرائب والمخاطر البيئية. وجعل العامل الأخير، إدارة الرئيس أوباما تخاطر بقبول خط أنابيب كيستون أكس أل، الذي من المنتظر أن يربط هذه الحقول بمرافق التكرير الأميركية. ومن المتوقع في حالة الموافقة عليه، أن يعمل الخط على نقل نحو 800 ألف برميل يومياً إلى أميركا. لكن يتطلب إنشاء عدد آخر من خطوط الأنابيب، في حالة تحقيق المنتجين للزيادة المستهدفة من قبل القطاع. ومن الممكن أن تحل السكك الحديدية، محل بعض الخطوط، لكن بتكلفة أكثر. زيادة التكاليف ويرى بعض خبراء القطاع، أن وقت سهولة استخراج النفط قد انقضى بالفعل وأن المشاريع المعقدة تزيد من التكاليف. كما أن هناك نقصا في الأيدي الماهرة ومنافسة على المواد. وتسبب ارتفاع التكاليف، في عرقلة تطوير محطة تصدير الغاز الطبيعي في مقاطعة كولومبيا البريطانية في كندا. وتباينت ردود أفعال القطاع بالنسبة لهذه التحديات، حيث لا يزال إنفاق رأس المال في الرمال النفطية على ارتفاعه خلال هذه السنة، مدفوعاً باستثمارات من قبل شركات مثل، أكسون موبيل والكندية للموارد الطبيعية وسنكور وكونوكو فيليبس وسنوفوس إنيرجي. لكن قامت شركات أخرى بتأجيل نشاطاتها، حيث أوقفت شل عملياتها في حقل نهر بيير في ألبرتا، الذي تقدر طاقته الإنتاجية بنحو 200 ألف برميل يومياً. وتميزت أميركا بأفضل أداء في حقل النفط العالمي خلال السنوات القليلة الماضية، بزيادة إنتاجها بأكثر من 50% منذ 2008، حيث يعتقد معظم المحللين استمرار ذلك لعقد آخر على الأقل. كما ارتفع معدل إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة كبيرة، ما أدى إلى تراجع أسعاره وإلى تحويل محطات الاستيراد إلى التصدير. واستبدلت البلاد وارداتها كافة من النفط الأفريقي عالي الجودة، بالإنتاج الوفير في حقول تكساس وداكوتا الشمالية. ويبدو مستقبل تأمين الطاقة في حالة أفضل، إذا تحققت توقعات زيادة الإنتاج في المكسيك وكندا. كما أصبح الحديث حول الاكتفاء الذاتي من النفط والغاز تقليدياً، مع إعلان وزارة الطاقة الأميركية عن تراجع نسبة استيراد النفط ومشتقاته إلى 40% في 2012، من واقع 60% في 2005. لكن الوزارة حذرت من أنه على الرغم من انخفاض الحصة المستوردة إلى 25% بحلول 2016، إلا أنها سترتفع مرة أخرى إلى 32% في 2040، نتيجة بدء تراجع الإنتاج المحلي من الغاز الصخري في 2022. ويقول بعض الخبراء، إن الحكومة ليست متفائلة بما يكفي في أن تستمر التحسينات التقنية في زيادة الإنتاج بصورة مربحة. لكن هناك مشاكل بالفعل، حيث تسببت على سبيل المثال، كارثة شركة بي بي في خليج المكسيك قبل أربع سنوات، في تأجيل سير عملياتها على صعيدي النفط والغاز معاً. كما قوضت جملة من الحوادث المثيرة للخجل، محاولات شركة شل في مياه القطب الشمالي قبالة ألسكا. وتبذل الشركات العاملة في مجال النفط، جهوداً كبيرة في مجابهة التحديات عبر تكساس وولايات الغرب، المتمثلة في رفض مناصري البيئة لعمليات تفتيت الصخور أو محاولة الدفاع عن الفصائل المهددة بالانقراض التي تقع مواطنها في حقول النفط. وتكمن بعض المخاوف، في تصاعد فائض الإنتاج وسط البلاد للحد الذي يقود إلى تراجع كبير في الأسعار، ما يجعل من الصعوبة بمكان لشركات الإنتاج الاستمرار في نشاطاتها. كما أن مرافق التكرير في خليج المكسيك، ليست مصممة لاستيعاب كميات ضخمة من النفط الخفيف القادم من الحقول الصخرية الجديدة، حيث من الممكن ترك النفط عالقاً في حقوله ما لم ترفع واشنطن الحظر الذي تفرضه الآن على معظم صادرات النفط المحلية، أو أن تصل مرافق التكرير لدرجة الأرباح التي تقنعها بتعديل محطاتها لتكون قادرة على تكرير النفط الخفيف. لكن تتعلق أكبر المخاوف بسعر الوقود الأحفوري، الذي يملك تاريخاً من الصعود بطرق غير متوقعة. وبعد بضع سنوات فقط من طفرة الغاز الطبيعي، تسبب الفائض الكبير في انخفاض الأسعار بنسبة كبيرة في الفترة بين 2009 إلى 2012، ما حدا بالمنتجين وقف عملياتهم في العديد من الحقول الصخرية، حتى تعافت الأسعار نسبياً خلال العام الحالي. ويقول بيل مالوني، نائب المدير لعمليات الكشف والإنتاج لمنطقة أميركا الشمالية في شركة ستات أويل الحكومية النرويجية وواحدة من شركات الإنتاج الرئيسية في كندا: “قرر قطاع الغاز خفض عمليات الحفر والإنتاج والاستثمار، وليس هناك من سبب يمنع حدوث الشيء نفسه في قطاع النفط”. وأعلنت شركة شل في سبتمبر الماضي عن خطة لبيع 100 ألف فدان كانت قد استأجرتها في حقل إيجيل فورد، نتيجة للارتفاع الكبير في التكاليف. وأشار محلل في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، إلى خفض 15 شركة كبيرة تعمل في الحقول الصخرية للنفط والغاز، لقيمة أصولها بنحو 35 مليار دولار خلال السنوات القليلة الماضية. ورغم أن المبلغ يبدو صغيراً بالمقارنة مع الحجم الكبير لاستثمارات القطاع، إلا أنها بادرة تدل على مدى حساسية ذلك القطاع لتحولات السوق وخيبات الأمل التي تصاحب عمليات الحفر. وما يجعل عمليات الحفر في الحقول الصخرية محفوفة بالتحديات، إنتاج الحقول لمعظم مخزونها من الغاز والنفط خلال السنوات الأولى، ما يتطلب في النهاية بذل المزيد من الجهد للحفر في مناطق الحقل السفلى الأقل جودة. وفي حالة تراجع أسعار نفط تكساس الخفيف بنسبة كبيرة، من المرجح أن يصحب ذلك تراجع في حجم الاستثمارات ومن ثم الإنتاج. نقلاً عن: إنترناشونال هيرالد تريبيون
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©