السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإرهاب ليس طريق الإسلام

17 سبتمبر 2008 01:15
أُطلِقَت النار على سائق أفغاني وثلاث عاملات إغاثة يعملون مع لجنة الإغاثة الدولية في مقاطعة ''لوغار'' في أفغانستان الشهر الماضي فقتلوا على الفور؛ وقد أعلن ناطق باسم الطالبان مسؤولية الحركة عن العملية قائلاً: ''نحن لا نقدّر مشاريع الإغاثة التي يقومون بها، ولا نعتقد أنهم يعملون من أجل تقدُّم بلدنا''· وتقوم طالبان الباكستانية عبر الحدود بمضايقة عمال الإغاثة والمنظمات غير الحكومية بشكل روتيني؛ فخلال الأشهر القليلة الأخيرة قام ''الطالبان'' كذلك بتفجير مئات المدارس والفنادق والجسور، وأماكن بيع أشرطة الفيديو في مواقع مختلفة من شمال غرب الباكستان؛ وحسب التقارير الإعلامية تم حرق أكثر من 61 مدرسة للبنات في وادي سوات وحده· هل يشكل عمال الإغاثة والطلاب والنساء أهداف ''طالبان'' الجديدة فيما يسمى بـ''الحرب على الإرهاب''؟ ماذا لدى النظرية الإسلامية والممارسة لتقوله عن أعمال كهذه؟ ومن هو الموكَّل بنشر الفتاوى حول هذا الموضوع؟ بالنسبة لأخلاقيات الحرب في الأيام الأولى للإسلام، هناك العديد من الأحاديث الشريفة التي تحرّم قتل النساء والأطفال، كما ورد بشكل واضح عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ أما أبو بكر، أول الحلفاء الراشدين، فقد لخّص رسالة الرسول الكريم عندما قال لقادة جيوش الإسلام ''لا تقتلوا امرأة ولا طفلاً ولا شيخاً، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تهدموا بيتاً ولا تقتلوا شاة ولا جملاً إلا لتناول الطعام، ولا تقطعوا نخلة ولا تجبنوا''· هناك إجماع دولي تقريباً بين المسلمين بأن قتل المدنيين غير مقبول حتى في وسط النزاع؛ إلا أنه يظهر أن الطالبان والقاعدة يعيدون تعريف هذا المفهوم ليناسب طموحاتهم· أعلن أيمن الظواهري، الشخص الثاني في تنظيم القاعدة أن أعمالاً كهذه، بما فيها التفجيرات الانتحارية، مبررة في أوقات الحرب؛ إلا أن نشر رأيٍ ديني قانوني في الإسلام، وهو ما يعرف بالفتوى، هو من حق علماء الدين المدربين والمتمرسين في التقاليد الإسلامية الشرعية، وليس من حق المتشددين المدربين بشكل غير رسمي الذين يقتلون باسم الإسلام· وقد تعرضت الادعاءات القائلة بأن قتل الأبرياء وحرق المدارس وإيذاء عمال الإغاثة ومقاومة المشاريع التنموية هي أعمال يمكن تبريرها في الإسلام، لانتقادات قاسية من قبل علماء الإسلام التقليديين، الأمر الذي كلفهم حياتهم في حالات عديدة؛ انتقد مولانا ''حسن جان'' -وهو عالِم إسلامي يتمتع باحترام واسع في الباكستان، وإمام مسجد درويش المركزي في مدينة بيشاور في شمال غرب الباكستان-، انتقد هذه الأعمال في خطبة الجمعة، قائلاً: إن أخذ القانون بأيدينا يشكّل تعدياً سافراً على التعاليم الإسلامية؛ بعد ذلك بفترة وجيزة بدأ الإمام يتسلّم تهديدات بالقتل، وقد أطلقت عليه النار بعد ذلك وقتل على أيدي متشددي الطالبان في سبتمبر ·2007 لم يكن مولانا ''حسن جان'' وحيداً في نشر إدانة كهذه، فقد قامت مراكز الفقه الإسلامي التي تملك الحق في نشر الفتاوى الإسلامية الشرعية في ''كراتشي'' و''لاهور'' و''ملتان'' و''غوجرانوالا'' و''بيشاور'' بالإعلان أن الهجمات التي تستهدف المدنيين الأبرياء هي غريبة عن الإسلام؛ حتى مولانا ''صوفي محمد'' -الزعيم المتشدد لحركة تطبيق الشريعة الإسلامية الذي اعتقل بتهم تحفيز الشباب في المنطقة القبلية للذهاب إلى الحرب- أعلن أن التفجيرات الانتحارية وأعمال القتل الجماعي هي غير إسلامية· لم تنجح الطالبان و''القاعدة'' حتى الآن في الحصول على الدعم من غالبية علماء الإسلام التقليديين والفقهاء؛ وبذلك هم يملكون القدرة المضاعفة لعكس التوجه المتنامي نحو مهاجمة عمال الإغاثة والمنظمات التنموية، ولديهم قدرات كامنة لم تستخدم إلى حد بعيد في مجال حل النزاع ومنع حدوثه؛ واقع الأمر أن هذه القدرة الكامنة تم إدراكها مع بدء العديد من الجامعات في الدول الإسلامية مجالات دراسية جديدة تبحث في صنع السلام وحل النزاع في الإسلام كما حدث في جامعة كراتشي· بالمثل، هناك العديد من العلماء المسلمين عبر العالم يشاركون بنشاط كمعلمين وباحثين وناشطين، يؤكدون ويشرحون توجه الإسلام السلمي نحو المدنيين، ويستطيع هؤلاء العلماء، بل ويتوجب عليهم أن يرفعوا أصواتهم ليؤكدوا على موقف الإسلام المنادي بالتطور، وإضعاف قدرات المتشددين العنفية في استخدام الإسلام لتبرير أعمالهم وجعل الإسلام جزءاً من الحل· حُسن الأمين كاتب في صحيفة المشرق اليومية باللغة الأردية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند الاخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©