الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

منتخبات وانتخابات: أرجل اللاعبين تحرك السياسة!

منتخبات وانتخابات: أرجل اللاعبين تحرك السياسة!
27 يونيو 2010 21:23
على غرار العديد منكم، أتابعُ باهتمام كبير مباريات كأس العالم في كرة القدم، غير أنني وبموازاة مع استمتاعي بكل لحظة من لحظات هذا الحدث الرياضي العالمي، أجدني أتساءل حول ما إن كانت نتيجته ستساعد أو ستؤذي بعض الحكومات في عدد من البلدان المجنونة بحب كرة القدم. تاريخيا، نلاحظ أن لكأس لعالم تأثيرا كبيرا قصير المدى على المزاج العام في البلدان، حيث يخلق جوا من النشوة الذي يسمح للحكومات بأن تدّعي بأن الأمور على ما يرام حين تبلي منتخباتها الوطنية بلاء حسنا، واكتئابا جماعيا يميل عادة إلى مساعدة أحزاب المعارضة حين لا تقدم منتخباتها أداء جيدا. ومثلما ذكرني بذلك سيرو موراياما، أستاذ العلوم الاقتصادية ومحلل صناعة كرة القدم من "الجامعة الوطنية المستقلة" في المكسيك، فإن الحكم الديكتاتوري العسكري في الأرجنتين استفاد من فرصة ثانية عندما فاز المنتخب الوطني بكأس العالم في عام 1978. وبالمقابل، فقد تعرضت ادعاءات الحكومة المحافظة في إسبانيا بأن البلاد بخير لضربة قوية عندما تعثر المنتخب الإسباني في المراحل الأولى لكأس العالم 1998. واليوم أيضا يمكن أن تؤثر نتيجة كأس العالم على عدد من الانتخابات المقبلة في أميركا اللاتينية، ومن ذلك: - كولومبيا التي أجرت جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية في العشرين من يونيو الجاري، جولة فاز بها المرشح المدعوم من قبل الحكومة خوان مانويل سانتوس. وعلى الرغم من أن كولومبيا لم تتأهل إلى كأس العالم، إلا أن معظم الكولومبيين تابعوا المباريات يوم الاقتراع؛ إيطاليا بطل الدورة السابقة ضد نيوزيلاندا، والبرازيل الفائزة باللقب خمس مرات ضد ساحل العاج. وكان المراقبون قد توقعوا نسبة مشاركة ضعيفة في التصويت، ما أضر بحظوظ مرشح المعارضة أنتاناس موكس، بالنظر إلى تقدم سانتوس المريح في استطلاعات الرأي وآلته السياسية القوية. - البرازيل التي تعد أحد أكثر البلدان هوسا بكرة القدم، ستجري انتخابات رئاسية في أكتوبر المقبل. وحتى الآن تشير استطلاعات الرأي إلى تقارب فرص مرشحة يسار الوسط ديلما روسف ومرشح المعارضة من الوسط خوسي سيرا، لكن مما لا شك فيه أن انتصاراً برازيليا في المونديال سيساعد المرشحة المدعومة من قبل الحكومة. والواقع أن البرازيل تحرز تقدماً لافتاً حيث من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بمعدل 6.4 هذا العام، في ما يعد أفضل أداء له منذ 15 عاما. وعلاوة على ذلك، فقد فازت البلاد باستضافة كأس العالم 2014 والألعاب الأولمبية في 2016، كما يعد رئيس البلاد لويس إينياسيو لولا دا سيلفا واحدا من أكثر الزعماء شعبية في العالم. وفي حال فازت البرازيل بالمونديال، فالأرجح أن لولا سيقول إن البرازيل تعيش واحدة من أفضل لحظاتها في التاريخ القريب، وستحظى المرشحة التي يدعمها بدفعة قوية. - وفي الأرجنتين، ستتاح للرئيسة الشعبوية كريستينا فرنانديز دي كرشن، التي مررت البث التلفزيوني لكرة القدم للشبكة التي تديرها الحكومة، الفرصة للنهوض بعد تراجع شعبيتها والصعود من جديد في حال فوز المنتخب الوطني لبلادها. وفي هذا الإطار قال لي موراياما: "إذا أبلت الأرجنتين بلاء حسنا، فإن ذلك سيمنح فرنانديز دي كشنر خزان أوكسيجين سياسي على المدى القصير". غير أنه بحلول انتخابات أكتوبر 2011 الرئاسية، يضيف موراياما، سيكون معظم تأثير كأس العالم قد تلاشى وتبدد. - أما في المكسيك، فمن المستبعد أن يخلق أداء جيد للمنتخب الوطني شعورا قويا بما يكفي ليستمر حتى انتخابات 2012، ولكن الرئيس فيليبي كالديرون، الذي حضر المباراة الافتتاحية، والتي تعادل فيها منتخب بلاده مع جنوب إفريقيا وقدم فيها أداء جيدا، يمكن أن يحصل على بعض المساعدة التي يحتاجها أشد الاحتياج في حال أبلى المنتخب بلاء حسناً، ذلك أن الاحتفالات يمكن أن تساعد المكسيكيين على أن ينسوا مؤقتا الأزمات الاقتصادية والمشاكل المرتبطة بالمخدرات التي هزت البلاد خلال السنتين الماضيتين، وأن تدفع العديد من المكسيكيين إلى رؤية العالم بأعين أكثر تفاؤلا. وشخصيا، أعتقد أنه سيكون لنتيجة كأس العالم تأثير سياسي قصير المدى في البلدان التي تجرى فيها انتخابات خلال الأشهر المقبلة، وهذا يعني أنها ستؤثر على الانتخابات البرازيلية، لكن ليس على الانتخابات الأرجنتينية أو المكسيكية ربما. غير أن التأثير السياسي الأكبر لهذا الحدث العالمي ربما هو "فرصة صرف الانتباه" التي يتيحها لبعض الحكومات للقيام بأمور مشكوك فيها بينما تتابع بقية العالم البطولة. وهنا يمكنني أن أتخيل مستشاري الزعماء السلطويين أو الفاسدين وهم يقولون لرؤسائهم أثناء مناقشة تدابير مشكوك في قانونيتها: "ممتاز! لكن يجب أن نقوم بذلك الآن بينما الجميع منشغل". والواقع أن ثمة منذ الآن كلاما يفيد بأن الرئيس الفنزويلي شافيز يعتزم اتخاذ تدابير جديدة ضد حرية الصحافة وتغيير قوانين انتخابات سبتمبر التشريعية أكثر لصالحه. لكنه لن يكون الوحيد. وعليه، فإني أقترح، وبينما نستهلك بنهم ونستمتع بالتغطية الإعلامية المكثفة لكأس العالم، أن ننتبه ونظل يقظين لأن بعض الزعماء يعتزمون استغلال "فرصة تشتت الانتباه" لصالحهم. أندريس أوبنهيمر مراسل صحيفة "ميامي هيرالد" لشؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي . إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©