الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المولود الجديد يحتاج دائماً إلى الدفء العاطفي

المولود الجديد يحتاج دائماً إلى الدفء العاطفي
27 يونيو 2010 21:18
ما من شك في أن الأطفال يشكلون للوالدين مصدر حماية وترابط وتماسك ضد العديد من العواصف النفسية والاضطرابات العاطفية والصراع الاجتماعي، حيث يجد الوالدان فيهم تفاعلاً مستمراً مشتركاً أساسه الحب والأمن والصداقة والتملك، كما يجدان فيهم معايير صائبة لتخطيط الحياة وآمالهم وطموحاتهم فيها. وكثيراً ما يجد الآباء والأمهات في أطفالهم إعادة لتاريخ طفولتهم وذكريات حياتهم، إنهم يرونهم يمرون بالخبرات والمواقف نفسها التي مروا بها أثناء طفولتهم، فيبدو للوالدين وكأنهما قد خلقا من جديد بنفوس جديدة، في أجسام جديدة وحياة جديدة، والزوجان من دون أطفال يعيشان في جو من الوحدة والفراغ، وينشغلان في دوامة من الهموم، بدلاً من الانشغال في الإثراء العاطفي والإثراء العملي، وحتى في حالات الإثراء العملي، فإن فكرة عدم الإنجاب كثيراً ما تطل برأسها الكئيب لتبدد الإحساس بقيمة هذا الإثراء، ولا يجد الزوجان المتنفس المبتغى لتفريغ الشحنات الانفعالية والطاقة النفسية، الإنجاب إذن دعم نفسي هائل للوالدين، وكل هذه الأحاسيس تفسر لنا بعض الأسباب الخاصة بالصراع بين الزوجين حول الأطفال، فكلاهما يريد أن يكونوا تحت ولايته وحضانته إذا ما احتدم الخلاف أو تم الطلاق. من جهة أخرى، فإن إنجاب الأطفال يمثل لدى البعض القدرة على الإنجاز الاجتماعي والإنتاج البيولوجي، فالكثير من الأمهات والآباء يجدون في أطفالهم بذرة تم غرسها وإحاطتها بالرعاية والاهتمام حتى نبتت وكبرت حتى اشتد عودها وسوف تؤتي الثمار، ويزداد هذا الإحساس قوة كلما كبر الأطفال، ويتعاظم أهمية في حياة الوالدين، إذا وجدا أطفالهما قد أصبحوا شباباً ورجالاً وأجادوا فن الحياة، حينئذ يكون الأبناء مصدراً للفخر والاعتزاز، إن الوالدين يرون في نجاح الأبناء نجاحاً شخصياً لهما، ويعتبران ذلك شهادة تقدير على عظمة إنجازهما وجودة إنتاجهما، وإن كفاحهما عبر السنين قد أتى ثماره المرجوة. إن المناخ العائلي المليء بالعواطف يرتكز في أساسه على الدفء العاطفي بين الزوجين، كما يتدعم (بقبول الطفل)، فالعيش في الأسرة حق طبيعي للمولود، إنه لا يمكن أن ينمو نفسياً وجسمياً ومعرفياً وعقلياً على النمو السليم من دون المناخ العائلي، الدافئ من المنظورين الفيزيقي والعاطفي - فالطفل في هذا المناخ يقابل عادة بالسعادة والفرح بصرف النظر عن جنس المولود، وفي هذا المناخ أيضاً يتغلب الحنان والعطف على القلق والتعب، فالمولود يؤثر في الراحة المعتادة للأبوين، ويحد من حريتهما، ويؤثر في برنامجهما اليومي وقد يجعلهما يعيشان الليالي الطوال في المعاناة من السهر والقلق والتوتر، ولكنهما مع ذلك يتغلبان على هذه المصاعب ويعتادان حياتهما الجديدة فيركزان على إشباع حاجاته الجسمية والنفسية. وفي المرحلة الأولى من حياته لا يعرف الطفل سوى أسرة واحدة له هي «الأم» باعتبارها هي التي تؤمن له الرعاية المطلوبة والتي لا يمكن أن يوفرها أي إنسان آخر مهما كانت كفاءته وحساسيته وثقافته، وتعتبر عملية الرضاعة هي العلاقة الأولى بين الأم ووليدها بمجرد قدومه للحياة، ومن خلال هذه العملية يتحقق ويعتبر الفشل العاطفي من أسباب الاكتئاب وغيره من الأمراض النفسية، فالذين عاشوا تجربة حب عميقة مثلاً كانوا قد أعطوها الكثير من الأمل والجهد والمثابرة والتضحية، وفجأة تغيرت العلاقة وفترت ثم ماتت فضاع كل شيء أمامهم فكأن عليهم أن يعيشوا من دون أن يجنوا ثمار ما زرعوا، إنها صدمة عنيفة، وتجربة فشل عاطفي تطبع الفرد بصورة سلبية يتم تعميمها على أمور كثيرة، فالفتاة التي يتركها الشاب الذي جمع بينهما الحب قد تفقد الثقة بكل الرجال، وقد يدعم هذا ما تتذكره أو تسمعه من قصص مشابهة لما حدث لها فيزداد ويترسخ اعتقادها في شرور جنس الرجال بصفة عامة، ثم إنها - لا شعورياً - تعتقد أن فتاها قد تركها لأنها ليست جذابة أو حسنة المظهر أو لا ترتدي الأزياء المناسبة أو لا تتحدث باللغة الراقية التي ترفع من شأنها أو لأنها لم تتجاوب مع مطالبه أو لأسباب أخرى عديدة فتفقد الثقة في ذاتها، ثم يلي ذلك عقاب النفس وإذلالها والحد من التطلعات والآمال، ثم ترى أن الحياة قاسية لأنها حرمتها من تجربة أخلصت لها وبذلت لها كل الجهد والإخلاص.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©