يبدو مشهد الباعة الجوالين مألوفاً في أحياء دمشق الشعبية خلال شهر رمضان الكريم، منهم لأصناف الحلوى ومنهم للمعجنات ومنهم للعصائر، كباعة التمر الهندي، الذين يحملون على أكتافهم تلك الآلة المعدنية الضخمة، وينادون مع اقتراب موعد الإفطار بأعلى أصواتهم: بارد يا تمر هندي·· منعش يا تمر هندي ·
يطلق على الآلة في أوساط الباعة ''صندوق العدة'' المؤلف من إبريق معدني كبير مطلي داخله بالنحاس، ومزين بشمعدانات وأضواء وخيوط من الخرز في نهاياتها دنانير ذهبية اللون تصدر أصوات ''خشخشة'' مع كل حركة يأتيها البائع· وللإبريق صنبور طويل ''مصب'' يمتد تحت إبط البائع مربوط بحزام جلدي سميك وموصول من أكتاف وظهر البائع إلى صدره وبطنه، حيث في المقدمة يُربط إليه حزام معدني أشبه بجرن صغير مستطيل، يضع فيه نصف دزينة كؤوس زجاجية، وقارورة ماء زهر يرش منها فوق كأس التمر الهندي، وإبريقاً معدنياً صغيراً يحوي ماء يضعه على جانبه الأيمن، يغسل به الكؤوس ويلقيها في الهواء بحركات بهلوانية تلفت الأنظار·
يساعده زيه الفلكلوري في تحمل ثقل ''صندوق العدة'' إذ يتألف الزي من أربع قطع: قميص أبيض محشو باطن كتفيه بمسندين من الإسفنج، وفوقه سترة سميكة من غير أكمام منسوجة يدوياً، وسروال أسود فضفاض، وطربوش أحمر·
يقول فادي حلتي -بائع تمر هندي جوال-: ''يقبل الناس عليّ من كافة الفئات العمرية لاحتساء عصير التمر الهندي بمجرد انطلاق أذان المغرب، قبيل وصولهم إلى بيوتهم لتناول طعام الإفطار، بحيث لا أتمكن من تذوق ما تصنعه يداي إلاّ بعد أن ينفض الناس عني، فأفطر أحياناً على عصير التمر الهندي بعد انقضاء نحو ساعة على صلاة المغرب''·
ويوضح طريقة تحضيره لعصير التمر الهندي بقوله: ''أنقع حوالي 2,50 كيلوجرام من معجون التمر الهندي مع كوب كبير من السكر في حوالي 20 ليتر ماء (سعة الصندوق) وأقوم بتحريكه طوال ساعات الصباح، ثم أرفع بقايا المعجون، وأخلّص المحلول من الشوائب، وقبيل ساعة الإفطار، أضع قالب ثلج مكسر داخل الإبريق الكبير ليظل بارداً منعشاً''·
ويشير حلتي، إلى ''أن الصندوق يزن نحو 10 كيلوجرامات ويستوعب سعة حوالي 200 كأس، أبيع المحتوى خلال فترتي المغرب والعشاء، وأحياناً أعود بعد منتصف الليل لبيع صندوق آخر من محلول التمر الهندي، مستمراً بالبيع إلى وقت الإمساك ''السحور'' بقيمة 10 ليرات سورية -درهم واحد- للكأس، واضعاً الغلة -الفلوس- في طربوشي''!
وأسوة بمعظم الأسواق العربية، تتوفر عبوات التمر الهندي في كافة الأسواق والمحال بأبوظبي وباقي إمارات الدولة، إذ يشير رامبال -مدير سوبر ماركت في أبوظبي- إلى أنه ''يتم استيراد ثمار التمر الهندي المعلبة ''معجون'' من الهند، خاصة مدينة ''بومباي''، وتباع بعدة أحجام وأوزان، فهناك عبوة 200 جرام تباع بدرهم واحد فقط، وعبوة 500 جرام تباع بأربعة دراهم، وعبوة كيلوجرام تباع بسبعة دراهم، تقتنيها ربات البيوت بكثرة في شهر رمضان المبارك لتحويلها إلى شراب التمر الهندي''·
يتوافر التمر الهندي أيضاً في زجاجات عصير جاهز للشرب، تباع في محال العصائر والمرطبات والمقاهي·· يقول محمدين -بائع في محل لبيع العصائر- ''يتوفر عصير التمر الهندي في عبوة ليتر واحد تباع بقيمة 8 دراهم، وثمة عبوة ليترين تباع بقيمة 15 درهماً، وتقوم لجنة رقابة مشتركة من وزارة الصحة وبلدية أبوظبي بالمراقبة والتفتيش دورياً لضمان خلو العبوات من أي شوائب أو ضرر على المستهلك''·
من جهته، ينصح الدكتور فائز صبري -أخصائي طب أسنان- أولياء الأمور بالانتباه إلى أطفالهم خلال تناولهم ثمار أو معجون التمر الهندي ''يميل الأطفال إلى مص ومضغ معجون التمر الهندي نظراً لمذاقه المحبب، لكن الإكثار منه يتسبب بتسوس الأسنان وخدش مادة المينا فيها، كما يُفقد الحليمات الذوقية في اللسان أداء وظيفتها، فضلاً عن خدشه جدران المعدة، لكون الأحماض تدخل في تركيبته، لذا من الأفضل الاكتفاء بتناوله كعصير''·
عدد اليوم
