الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تسوق الأنثى وتسوق الذكر

تسوق الأنثى وتسوق الذكر
29 نوفمبر 2009 23:45
في الأخبار يقال بأنَّ (اللبناني الأصل) إلياس أبو جودة، الأستاذ في جامعة ستانفورد، اكتشف أول عقار يسهم في إحجام المرأة عن التسوق، ومنعها من إنفاق أموال باهظة على شراء أشياء غير ضرورية، وحفظ البقية الباقية من مدخرات الزوج الذي يقف عاجزاً أمام طلبات الزوجة. فقد خضعت نحو 100سيدة لتجربة العقار الذي يحمل اسم “ستيالويرام” وحققن نجاحاً بنسبة 70%، حيث شعرن بالمرح الزائد، وعدم الرغبة بصرف أي مبلغ من النقود. انتهى الاقتباس. من دون التدخل في التفاصيل العلمية وادعاءاتها بالتأثير على خلايا التسوق في الدماغ، فإني أعتقد أنَّ هذا العقار غير حقيقي. إذ لو كان كذلك لتمت تصفية المخترع المزعوم، أو اختطافه وإجباره على ابتكار عقار معاكس، ما دام يفهم المعادلة، يجعل الناس أكثر رغبة بالاستهلاك. لو كان العقار حقيقياً، فإنَّه سيكون المسمار الأخير في نعش الرأسمالية، وسوف يحقق ما فشلت في تحقيقه الشيوعية، ومنظمة بادر- ماينهوف، ومدراء البنوك الفاشلون، وتنظيم القاعدة، وجميع الحركات الدينية المناوئة للرأسمالية من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال. يا مسكين يا (فاكوياما) الذي تنبأ بأنَّ الرأسمالية هي نهاية التاريخ، وآخر منجزات العقل البشري التي ستدوم وتدوم... أين يخبئ وجهه من الأستاذ اللبناني الأصل والفصل إلياس أبو جودة. تخيلوا ماذا سيحصل لو توقفت 70 % من النساء المستهلكات عن التسوق وشراء ما يلزم ولا يلزم.. كساد كبير.. سيكون أكبر كساد في تاريخ البشرية. تخيلوا الأحذية والفساتين والملابس الداخلية والخارجية وما بينهما مرمية في المحال، حيث تدخل النساء.. يقهقهن ويتفرجن على المعروضات ويخرجن بلا شراء. تخيلوا أنهار العطور المكبوبة في نهر السين جراء الكساد، أقلام الحمرة، مساحيق التجميل، أدوات الحف والنتف والتقشير، الفرو، تخيلوا كل شيء... لن تستطيعوا التخيل، لأنه أمر عصي حتى على الخيال. من ناحية أخرى، لماذا نعتقد أنَّ المرأة هي المتسوقة الدائمة، ونتوجه لها بالرسائل الإعلانية والإعلامية.. من شراء القداحة حتى العصارة والسيارة والعمارة؟ ولماذا نوظف المرأة في الإعلان، وهي تتفجر فرحاً عندما تجد سلعة ما مع رجل ما؟ على أساس أنَّه أصبح محبوباً من النساء، لأنه يستخدم هذا العطر أو تلك السيجارة أو هذه السيجارة؟ أستدرك أولاً، صحيح أنَّ المرأة أكثر رغبة في استهلاك المواد الاستهلاكية العادية التي تسهل أو تزين، وأحياناً تعقّد، الحياة، لكن ذلك قد يكون رد فعل نفسياً على انتهاك حقوقها الأخرى. على كل أنا لست في معرض الدفاع عن المرأة هنا، مع أنَّه يشرفني أن أكون كذلك. لكن دعونا معاً نفكر من يستهلك أكثر، المرأة في ما قلناه، وما لم نقله قبل قليل، أم الرجل؟ الرجل الذي يشتري الطائرات والمدافع والقنابل والدبابات والأسلحة الكيماوية والبيولوجية والألغام الأرضية والبحرية والرشاشات والمسدسات.. وما شابهها... أم المرأة؟ تعرفون طبعاً أنَّ سعر صاروخ باليستي واحد عابر للقارات، يكفي لتسوق جميع نساء الأرض لمدة أسبوع أو أسبوعين؟ فمن يصرف أكثر؟ من ناحية ثانية أو ثالثة: المرأة تتسوق لغايات التجمل والراحة وجعل الحياة أكثر بهجة وتلويناً، أمَّا الرجل فيتسوق لقتل أخيه الإنسان وتدمير العالم.. فمن هو الأفضل؟ وليس آخراً: مع عدم قناعتي بوجود عقار كهذا، إلا أني أتمنى على الأستاذ المكتشف، أن يتوجه إلى الرجال لمنعهم من تسوق أسلحة الدمار.. أما تسوق النساء، فمقدور عليه. ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©