الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الخشب يشكل نصف استهلاك أوروبا من الطاقة المتجددة

الخشب يشكل نصف استهلاك أوروبا من الطاقة المتجددة
19 ابريل 2013 22:59
ما هو أهم مصدر طاقة متجددة للاتحاد الأوروبي؟ لعلها الطاقة الشمسية؟ إذ أن أوروبا تشكل ثلاثة أرباع سعة إجمالي الطاقة الفوتوفولتية الشمسية في العالم، أو ربما طاقة الرياح؟، حيث إن ألمانيا زادت سعة طاقة رياحها إلى ثلاثة أمثالها في العقد الماضي. الإجابة هي لا الطاقة الشمسية ولا طاقة الرياح، إنه الخشب، فهو المصدر الأكبر للطاقة المتجددة في أوروبا. يشكل الخشب في صوره المختلفة (مثل العيدان أو المكعبات أو النشارة) أو ما يسمى حديثاً بالكتلة العضوية نحو نصف استهلاك أوروبا من الطاقة المتجددة، بل في بعض الدول مثل بولندا وفنلندا يلبي الخشب أكثر من 80% من المطلوب من الطاقة المتجددة. حتى في ألمانيا التي تعد موطن تحول الطاقة والتي خصصت حزم دعم هائلة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يشكل الخشب 38% من استهلاك الوقود غير الأحفوري. فبعد سنين تفاخرت فيها الحكومات الأوروبية بثورة طاقتها منخفضة الكربون عالية التقنية، يبدو الآن أن الوقود الذي كان المفضل لدى مجتمعات ما قبل عصر الصناعة، عاد الآن ليصبح هو مصدر الطاقة المتجددة الرئيسي. فكرة أن الخشب وقود منخفض الكربون تبدو غريبة، غير أن السبب الأصلي وراء إدراجه في قائمة الاتحاد الأوروبي لمصادر الطاقة المتجددة يعتبر وجيهاً، إذ إنه لو أتى الخشب المستخدم في محطات الكهرباء من غابات فإن الكربون الناتج من تلك المحطات يساوي الكربون الذي تمتصه وتخزنه الأشجار الجديدة التي تزرع، بمعنى أنه من الممكن أن يكون الخشب متعادل الكربونية، وسواء ثبتت صحة هذه النظرية من عدمها، إلا أنه بمجرد أن تقرر اعتبار الخشب طاقة متجددة تزايد استخدامه بشكل كبير. في قطاع الكهرباء هناك مزايا متعددة للخشب، إذ إن إنشاء حقول طواحين الرياح أمر باهظ التكلفة، بينما يمكن تعديل محطات الكهرباء بحيث تستهلك خليطاً من الفحم بنسبة 90% والخشب بنسبة 10% بقليل من التكلفة. وعلى عكس مزارع طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية الجديدة، تتميز محطات الكهرباء بأنها موصلة أصلاً بشبكة الكهرباء، هذا فضلاً عن أن طاقة الخشب ليست متقطعة مثل الطاقة المنتجة من الشمس أو الرياح، وهي لا تحتاج إلى مصدر احتياطي من الطاقة ليلاً أو في أيام سكون الرياح. وحيث إنه من الممكن استخدام الخشب في محطات الكهرباء التي تستخدم الفحم المعرضة للإغلاق في أحوال أخرى بموجب المعايير البيئية الجديدة، فإن محطات الكهرباء تحبذ استخدامه. والنتيجة أنه سرعان ما تكوَّن حلف يشجع ضخ حزم دعم لاستخدام الخشب. هذا الحلف يجمع ما بين المحافظين على بيئة خضراء المعتقدين بأن الخشب متعادل الكربونية، وبين مؤسسات المرافق العامة التي ترى أن في استخدام الخشب سبيلاً غير مكلف إلى الإبقاء على محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم، وبين الحكومات التي تعتبر الخشب الطريقة الوحيدة للوفاء بأهداف الطاقة المتجددة. ذلك أن الاتحاد الأوروبي يخطط لأن تكون 25% من طاقته مستمدة من مصادر متجددة بحلول عام 2020، وإذا اعتمد على طاقة الشمس والرياح فقط فإنها لن تبلغ هذا الهدف. وقال محللون إن السعي إلى الوفاء بهدف 2020 يخلق نوعاً جديداً من أنشطة الطاقة، ففي الماضي كانت الكهرباء المولدة من الخشب عملية تدوير نفايات صغيرة تحرق الأغصان ونشارة الخشب، ثم جاء بعد ذلك تغير طفيف حين ابتكر مزيج الخشب والفحم، غير أنه في عام 2011 قامت مؤسسة آر دبليو إي للمرافق العامة الألمانية بتحويل محطتها الكهربية تيلبوري بي في شرقي اإنجلترا لتعمل باستخدام مكعبات الخشب (وهو شكل شائع لإحراق الخشب صناعياً). وما لبثت أن قالت دراكس إحدى كبرى محطات كهرباء أوروبا التي تعمل بالفحم إنها تعتزم تحويل ثلاث من غلاياتها الست إلى استخدام الخشب. وحين يتم تشغيلها عام 2016 ستولد 12,5 ميجاوات ساعة من الكهرباء سنوياً. وستحصل هذه الطاقة على دعم يسمى شهادة الالتزام بالمصادر المتجددة تساوي 45 جنيهاً إسترلينياً (68 دولاراً) لكل ميجاوات ساعة، وبذلك يمكن لمؤسسة دراكس الحصول على 550 مليون جنيه إسترليني سنوياً في هيئة حزم دعم لاستخدام الخشب بعد عام 2016، وهو مبلغ يزيد على أرباحها قبل الضريبة لعام 2012 التي بلغت 190 مليون جنيه إسترليني. وبحوافز من هذا القبيل، تبحث الشركات الأوروبية عن الخشب في أنحاء الكرة الأرضية، يذكر أن أوروبا استهلكت 13 مليون طن من مكعبات الخشب عام 2012، حسب شركة أسواق الخشب الدولية الكندية. وبناء على التوجهات الراهنة ينتظر أن يزيد الطلب الأوروبي على الخشب إلى ما يتراوح بين 25 و30 مليون طن سنوياً بحلول عام 2020. لا تنتج أوروبا أخشاباً تكفي لتلبية ذلك الطلب الإضافي. ولذلك ينتظر أن يأتي قدر كبير منها من الواردات، وزادت واردات مكعبات الخشب إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 50% عام 2010 وحده ومن الممكن أن تزيد تجارة الخشب العالمية (على خلفية الطلب الصيني بجانب الأوروبي) إلى خمسة أو ستة أمثالها من 10-12 مليون طن سنوياً إلى 60 مليون طن سنوياً بحلول عام 2020 حسب المجلس الأوروبي لمكعبات وقود الخشب. نقلاً عن: «ايكونوميست» ارتفاع الأسعار ? تتزايد أسعار الخشب بوتيرة متسارعة، حيث ارتفع سعر طن مكعبات الخشب من 116 دولاراً في أغسطس 2010 إلى 129 دولاراً في أواخر 2012، كما ارتفعت أسعار الخشب الصلب الوارد من غربي كندا بنسبة تقارب 60 % منذ أواخر 2011. وهذا يشكل ضغوطاً على الشركات التي تستخدم الخشب. ولذلك أغلق نحو 20 مصنع ألواح خشب كبيرا، تستخدم في صناعة التشييد في أوروبا خلال السنوات الخمس الماضية حسب مؤسسة باوري الاستشارية الفنلندية (وإن كان تدهور صناعة التشييد بالاتحاد الأوروبي مسؤولاً أيضاً عن ذلك). وتعمل أسعار الخشب المرتفعة على الإضرار بمصانع الورق واللب الخشبي التي تشكو من سوء أحوالها أصلاً. ولا يزال إنتاج الورق والكرتون في أوروبا أدنى بنسبة 10 % من ذروته عام 2007، وفي بريطانيا يشكو صناع الأثاث مر الشكوى من المنافسة الآتية من منتجي الطاقة. غير أنه لو كان دعم طاقة الخشب طريقة مجدية لتقليص انبعاثات الكربون ربما يمكن التغاضي عن آثار هذا الإضرار المصاحب، كنتيجة سلبية لسياسة مفيدة عموماً، فهل هذه المعادلة ذات جدوى فعلاً؟ يذهب بعض المحللين إلى أنها غير ذات جدوى. إنتاج الكربون ? الخشب ينتج الكربون مرتين، مرة في محطة الكهرباء ومرة خلال سلسلة التوريد، إذ أن عملية تصنيع المكعبات من الخشب تشمل تجليخه وتحويله إلى عجين وإخضاعه لضغط عال. وهذا بجانب عملية الشحن يستلزم طاقة وينتج الكربون، أي أنه يصدر 200 كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون لكمية الخشب اللازمة لتوليد ميجاوات ساعة من الكهرباء. خلال السنوات القليلة الماضية خلص علماء إلى أن نظرية أن الكربون المستهلك في الغابات يعادل الكربون الناتج من محطات الكهرباء هي نظرية مبالغ في تبسيطها. ففي الواقع، تعتمد تعادلية الكربون على نوع الغابة وعلى مدى سرعة نمو الأشجار وعلى ما إن كان المستخدم هو نشارة الخشب أو قطع أشجار كاملة أو غير ذلك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©