الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الكوابيس تطارد العمالة الأوروبية بسبب المخاوف من فقدان الوظائف في ظل الأزمة العالمية

الكوابيس تطارد العمالة الأوروبية بسبب المخاوف من فقدان الوظائف في ظل الأزمة العالمية
29 نوفمبر 2009 23:37
ظلّت الكوابيس تطارد فيليس البالغة من العمر 33 عاماً لأسابيع بعد أن اضطرت إلى ترك وظيفتها في شركة في لندن. فقد عانت من الأرق وفقدان الشهية ونوبات القلق النهارية، كما أصيبت بطفح جلدي حول العنق واليدين واكتشفت أن ذلك كل بسبب الضغط النفسي والعصبي الشديد.ويعاني العاملون الأوروبيون مثلهم مثل فيليس من ضغوط قصوى نتيجة شبح تسريحهم من شركات تسعى جاهدة إلى تقليص النفقات لتنجو من الأزمة. ويرى نحو ثلث الموظفين الأوروبيين أن الضغط النفسي يعتبر أكثر التهديدات شيوعاً التي يفرضها مناخ العمل بحسب دراسة أجراها الاتحاد الأوروبي في شهر سبتمبر وهي أول دراسة تنشر عن هذا الموضوع خلال خمس سنوات. ويخسر الاقتصاد البريطاني وحده 13,7 مليون يوم عمل كل عام نتيجة ضغوط أماكن العمل بحسب تقرير أصدره المعهد الوطني للتميز الصحي. ويترتب على ذلك خسارة أصحاب العمل إنتاجية تصل إلى 28,3 مليار جنيه استرليني في العام. ورغم عدم توفر أرقام جديدة عن آثار الخسائر الناجمة عن الضغط النفسي على الاقتصادات الأوروبية فإن محللين يقدرون أن الخسائر تتجاوز كثيراً مبلغ 20 مليار يورو (30 مليار دولار) الذي يقال إنه كلف الاتحاد الأوروبي حين لم يكن يتألف سوى من 15 دولة عام 2002. ويحذر خبراء من أن آثار الضغوط النفسية تدوم طويلاً وأحياناً تكون مدمرة. وقد تؤدي إلى القلق المباشر والاكتئاب بل ربما تنتهي في بعض الحالات إلي أزمات قلبية نتيجة ارتفاع ضغط الدم وزيادة الكوليسترول فيه. وفي الحالات القصوى يصل الأمر بالعمال إلى نتائج مأساوية، فحتى الآن انتحر 25 موظفاً من شركة “فرانس تليكوم” واتهمت اتحادات العمال برنامج إعادة الهيكلة بالتسبب في ذلك. ولدى “فرانس تليكوم” نحو 100 الف موظف، وتقول إن نسبة الانتحار تقع في حدود المتوسط القومي بحسب منظمة الصحة العالمية، ومع ذلك فقد جمّدت إعادة الهيكلة لغاية آخر العام لكي تعالج المشكلة وأنشأت خطوط اتصال تقدم مساعدة خصوصية للعاملين وأسرهم. ورغم الخسائر الواضحة التي تتكبدها الشركات الأوروبية، يتجاهل معظم المدراء المسألة برمتها، بحسب يوسيبيو ريال جونزاليز باحث الاتحاد الأوروبي المتخصص في المسائل المتعلقة بضغوط العمل في برشلونة. ويقول “إن الصحة عنصر لا يجوز تجاهله في الأوقات الحرجة فإذا أردت أن تظل منافساً فإن ذلك ليس هو الوقت المناسب لتجاهل الصحة والسلامة. وإن لم يكن في مقدور موظفيك الحفاظ على حالة ذهنية متوازنة لابد أن يعاني الابتكار والتنافسية”. وأضاف أن الشركات في الاتحاد الأوروبي لا تمد موظفيها بآلية الدعم المناسب لمعالجة ضغوط العمل وحذر من أن العديد من الشركات لن تفعل ذلك حتي نهاية العام. وقال جونزاليس إن ضغوط العمل باتت موضوعاً محظوراً ونتيجة لذلك فقد أضر ليس فقط بصحة العاملين الجسمانية والنفسية بل أيضاً بسمعة الشركات وأدائها. وأضاف أن الابتكارية والانتاجية والتجديد والعناية بالزبائن وسلامة المرضى أو الركاب تتأثر جميعها إذا كان العاملون يعانون من مناخ نفسي متدن. وتقول راشل وولف خبيرة فن القيادة في مركز تنمية الأداء العالي في لندن إن الشركات تكتفي بتجاهل كلياً المشاكل الناجمة عن الضغوط. وتضيف “قد تعتقد أن الضغوط موضوع يدرس ويدار في موقع العمل. ولكن بدلاً من ذلك لا يلاحظ الضغط إلا حين يحصل الموظفون على إجازة مرضية. فالشركات في وضعية أزمة ولها أولويات أخرى”. وتقول إنه “مع اقتراب السنة الجديدة سيغادر الكثير من الموظفين الموهوبين أماكن أعمالهم وستشهد الشركات التي لا ترعى موظفيها بشكل ملائم خلال الأوقات غير المواتية مغادرة كثير من العقول والمواهب عند عودة الأوقات المواتية”. ولا تقتصر المعاناة من المخاطر الصحية على الأشخاص الذين تم تسريحهم فحسب بل إن من نجح منهم في التمسك بوظيفته يواجه أيضاً المخاطر المصاحبة لمستويات ضغوط متزايدة. ذلك أن من نجا من التسريح مضطر إلى بذل جهد أكبر والعمل لساعات أكثر وفي مهام لم يدربوا عليها في كثير من الأحيان. وهذا السيناريو الجديد قد ينطوي على الإضرار بنمط نوم الشخص ونوعية معيشته وقد يدفعه إلى اللجوء إلى تعاطي الأدوية أو التدخين أو الكحول هروباً من الضغط وسعياً للنوم. وكشفت مؤسسة افايفا الصحية البريطانية أن العام الماضي شهد زيادة نسبتها 79? في مكالمات برنامج مساعدة الموظفين على التعامل مع مشاكلهم الشخصية. كما كشف تقرير أصدرته نفس المؤسسة عام 2009 عن أن أربعة أخماس المديرين يعانون من ضغوط العمل. ويقول خبراء إن أكثر من ربع العاملين في المملكة المتحدة يعتبرون صحتهم الذهنية متوسطة أو متدنية وأن 90 في المئة ممن يعانون من تدهور الصحة الذهنية تأثر أداؤهم في العمل بينما يصعب على ثلاثة أرباعهم التركيز أثناء العمل. ووفقاً للخبراء فإن أساس معالجة الصحة الذهنية في مكان العمل هو حسن إدارة الأفراد من قبل المديرين المباشرين والمشرفين. فالمدير الذي يحسن التواصل والتوجيه والتدريب وتطوير موظفيه سيحقق في أغلب الأحوال النجاح من خلال تمتع مرؤوسيه بصحة نفسية وذهنية سليمة. عن “وول ستريت جورنال”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©