الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوسف سيده.. الحرف العربي تعبير عن الهوية ورمز للقومية

يوسف سيده.. الحرف العربي تعبير عن الهوية ورمز للقومية
19 مايو 2018 20:07
مجدي عثمان (القاهرة) لم يكن ارتباط يوسف سيده، كغيره من الفنانين في التعاطي مع إبداعات الفنان المسلم، فقد جعل ذلك التراث جزءاً من دراسته، ذلك الشاب الذي ترك مدينة دمياط نازحاً إلى القاهرة، ليلتحق بمدرسة الفنون التطبيقية آنذاك، ويعقبها بالدراسة في المعهد العالي للتربية الفنية، فيتأثر بمنهج المعلم الرائد يوسف العفيفي الذي كان يشجع الطلاب على استلهام التراث برؤية أكثر جرأة وحداثة، فكانت ضالته جمالية الحرف العربي، التي رأى فيها تعبيراً عن حضارته وقوميته معاً، منطلقاً بها منذ عام 1942، فأدخل الحرف العربي في تجربته الفنية الحديثة، وتعامل معه في تشكيل مجرد من قوانينه وكلاسيكيته المعروفة. أشكال متعددة وقد تأكد لدى «سيده» ذلك الحس الجمالي عندما التحق بالدراسة بالولايات المتحدة ليحصل على درجة الماجستير من جامعة مينيسوتا عام 1951، فاطلع بشكل أكبر على أساليب الفن الحديث وتوجهاته الجديدة التي لم يكن يعلم عنها شيئاً في مصر إلا من خلال الكتب والدوريات المختلفة. ثم تحسم السفرة الثانية إلى أميركا علاقته بالحرف فيختار عنوان رسالته لنيل درجة الدكتوراه من جامعة أوهايو عام 1965 «الخط العربي في التصوير الجداري المعاصر وعلاقته بالتراث والفن العربي». فكرة أصيلة كانت رسالة يوسف سيده للدكتوراه بداية رحلته مع الحرف العربي كعنصر موضوعي وحيد في تشكيل اللوحة محققاً رؤيته القومية الحديثة للفن المصري والعربي، وحين عرض تلك الأعمال في أميركا أثارت ردود فعل متباينة، لم تكن كلها مستحبة، إلا أنه واصل تجربته بعد عودته لمصر دون أن يتأثر بالنسق أو الاتجاهات السائدة في الغرب، على الرغم من استفادته منها بدرجة كبيرة بما يتلاقى وفكرته الأصيلة، وصولاً من ذلك إلى صيغة قوية جديدة للفن، حيث اختار في استلهامه للحروف العربية النمط الشعبي الحر، دون الارتباط بالخط التقليدي، حتى يقرب المتلقي منها باعتبارها مشهداً يومياً يراه في معيشته على جدران المباني والشوارع، فكان يوظف الحرف العربي توظيفاً غير مرتبط بجمالياته. وقال عنه الناقد محمد حمزة تحت عنوان «الأبجدية والتجريد»: كان ينقل عدوى التأمل والغوص في أعماق المجهول إلى رفاقه وتلاميذه وزوار معارضه الشخصية الكثيرة، سواء في بدايته الشخصية وحوار ألوانه الساخنة والباردة التي تكسوها غلالة شفافة غير مرتبة أو حينما يدخل ضمن إنتاجه بخامات وأشكال غير مطروقة بشكل ملحوظ، نجده يشكل من أنواع الكولاج والحروف الأبجدية وقصاصات وأوراق الصحف ما يعكس فكره المتجدد وباطن شاعره. دراسة نظرية وذهب «سيده» في المرة الأولى إلى الولايات المتحدة عام 1950 للدراسة لمدة سنة في منحة «فولبرايت»، وهناك أثناء عروضه الشخصية العديدة، طلبت منه الحكومة المصرية الاستمرار لنيل درجة الماجستير في التربية الفنية من جامعة «مينيسوتا» وعاود للمرة الثانية الذهاب إلى الولايات المتحدة عام 1961 للحصول على الدكتوراه من جامعة «أوهايو» وكانت رسالته بحثاً شائقاً من الناحية الفنية مصاحباً لدراسته النظرية لمدة خمس سنوات عن الكتابة العربية وعلاقتها التشكيلية التي أثبت فيها بالنظرية والتطبيق أن الكلمة العربية المكتوبة بما لها من قدسية خاصة عند المسلمين منذ آلاف السنين يمكنها القيام بدور مهم في خلق ثقافة تشكيلية جديدة حول العالم العربي عن طريق بناء أشكال فنية تتداخل فيها الحروف الهجائية بين الخطوط والألوان، مسايرة للغة العصر السائد مع الاحتفاظ بالحضارة والتقاليد الشرقية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©