الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العالم العربي... خارج زمن العولمة !

22 ابريل 2011 22:31
يبدو أن بعض الساسة في وطننا العربي ينسون أنهم وجدوا لخدمة الشعب. وهذا هو الشعار الذي يرفعه كل مترشح للانتخابات (سواء كانت تشريعية أو رئاسية). لكن، بعد الفوز في الانتخابات وإضافة طابع الشرعية على الفوز، فذلك حديث آخر. وعند أول انتفاضة شعبية يتم استعمال قوى الأمن والجيش ضد المتظاهرين العزل. وفي هذا الإطار، أتوجه بالسؤال التالي: لماذا يتدخل الجيش مادام يوجد لحماية البلد والمواطنين ليس فقط من التدخلات الأجنبية لكن أيضاً من ما يهدد استقرار البلد؟ لذا، يجب الانصياع لما يريده الشعب لأن سلامته هي سلامة البلد. وأما القائد المنبوذ، فإنه لم يكن ينظر إلى الأشياء بحجمها الحقيقي أو يجمع حوله أشخاصاً يحجبون عنه الشمس ويخفون عنه الوقائع إلى درجة لم يعد بإمكان الشعب تحملها. وبالإمعان جيداً في حال الدول العربية التي تعيش أحداثاً ساخنة منذ الشهور الأولى للسنة الجارية، يمكن أن نتطرق إلى بعض الحالات العربية. الحالة التونسية على غرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي صرح في خطاب له بأنه فهم الشعب التونسي، وذهب دون رجعة. لهذا، فإني أعتبر فرار الرئيس التونسي قرارا شجاعا لأنه فهم -ولو متأخرا- أن الشعب لا يرغب في بقائه على رأس الدولة وذهب دون إراقة دماء، لكن ذنبه الوحيد أنه ختمها بسرقة أموال الشعب. الحالة المصرية، حيث أصر مبارك وقاوم رئيسه إلى أن رأى بأنه لا جدوى من المقاومة أمام إصرار الشعب، لكن حالة الرئيس المصري تعتبر جد محرجة، لأنه تمسك بالحكم في حين أن الشعب طالبه بالتخلي. في الحالة الليبية، زعم القذافي أن الحكم في يد اللجان الشعبية، لكنه في الأخير عمل بمبدأ “علي وعلى أعدائي” فأعطى أوامره للجيش بالتدخل لردع المتظاهرين بالمدرعات والطائرات الحربية، كما نجح في خلق انقسام في المجتمع الدولي بين مؤيد ومعارض للتدخل الأجنبي في ليبيا خوفاً من تكرار المأساة العراقية. باقي الدول العربية تختلف بين اليمن الذي أعلن رئيسه عن حالة سياسية غريبة في اتخاذ قراراته (فهو يصرح بالشيء وفي اليوم الموالي يصرح بنقيضه) وسوريا (الذي خاطب رئيسها الشعب السوري دون أن يقول أي شيء عن الإصلاحات التي طالب بها الشارع السوري)، والجزائر التي قمعت مسيرة دعت إليها التنسيقية الوطنية للتغيير والديمقراطية لكنها أجهضت في بدايتها. مسكين هذا العالم العربي الذي كثيراً ما تغنى شعراؤه بالحرية وتداعى قادته بالديمقراطية، لكن سرعان ما اهتز عندما هبت أول رياح التغيير. فكل هذه التجاوزات التي يعيشها العرب اليوم تكرس مفهوم الخاصية العربية البعيدة كل البعد عن المفاهيم الحقوقية المتعارف عليها دولياً. والحمد لله أن العالم أصبح قرية صغيرة وأن أي تحرك أو نشاط كيفما كان نوعه يكون له أثر في كل بقاع العالم ليكشف عن حقائق وجرائم يرتكبها هؤلاء الحكام ضد شعوبهم المطالبة بالتغيير أو الإصلاحات. فبعض الحكام العرب طالما طلبوا ود شعوبهم للصعود إلى الحكم واكتساب الشرعية، لكن بعد ذلك انقلبوا إلى دكتاتوريين ومقاومي التغيير. فتناسوا الحكامة الجيدة وتعاطوا للمحسوبية وطغوا وأسمعوا صوتهم الواحد والوحيد، بدل الإصغاء لما يقوله الآخرون لأن الرأي الآخر غالباً ما يضيف أشياء بإمكان الحاكم إغفالها وجهلها أو تجاهلها. إنه لا مفر من الإنصات إلى الشعب عبر مؤسساته الحقيقية والمنتخبة ديمقراطياً. وكذلك يجب الإنصات إلى المعارضة الحقيقية، التي تهتم بمشاكل الشعب ومطالبته بالحرية والعيش الكريم والاقتسام الحقيقي للثروات وليس المعارضة التي تجري فقط وراء المناصب لأن غياب مؤسسات تمثل المواطن يترك الفراغ الذي يؤدي في الغالب إلى الفوضى، كما وقع في هذه الدول، التي نعيش أحداثها متأسفين على ما يقع في العالم العربي الذي دخل الثورة الصناعية والثورة الرقمية، لكنه لم يدخل بعد الثورة الديمقراطية. لكن الغريب في الأمر أن بعض القادة العرب لم يريدوا الاعتراف بتخلف بلدانهم على المستوى الحقوقي والاقتصادي وبحثوا عن أكباش فداء لتبرير هذه التحركات الشعبية. وهكذا، تم إلقاء اللائمة على: بعض التدخلات الأجنبية التي تسعى لإشعال فتن طائفية أو إلى بعض الوزراء فغيروهم، ثم بعد ذلك أقالوا الحكومات بأكملها من أجل امتصاص الغضب الشعبي وفي بعض الحالات نسبوا هذه الحراكات الشعبية إلى منظمة "القاعدة". أين كان التدخل الأجنبي في الماضي؟ لماذا الآن بالضبط؟ ما يروج في الدول العربية اليوم يسميه الساسة بالربيع العربي. لكنني أفضل أن أسمي هذا الحراك بالصحوة الشعبية العربية ولو متأخرة شيئا ما. لهذا، فإن لجنة جائزة نوبل عليها أن لا تعطي لأحد جائزة نوبل للسلام لسنة 2011 لأن من يستحقها هو الشعب العربي برمته الذي انتفض أخيراً وأزال ورقة التوت عن بعض الأنظمة العربية التي تدعي الشعبية والديمقراطية وكل الشعارات الرنانة التي أبان الواقع أنها تخفي جبروت هذه الأنظمة. أحمد أولاد الفقير - باحث مغربي ينشر بترتيب مع «مشروع منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©