الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القطب الشمالي... سباق دولي على النفوذ

11 يناير 2011 20:50
أثناء تحليقها فوق الدائرة القطبية الشمالية، كان هدير طائرة خفر السواحل (سي 130) يتغير وهي تنتقل ما بين 500 و2500 قدم، في وقت كانت تقوم أجهزتها ومعداتها المتطورة برصد ومراقبة كثافة وامتداد الجليد بمحاذاة حدود ألاسكا الشمالية في صمت. فعلى غرار بقية المنطقة الممتدة على مساحة 2.5 مليون قدم مربع على قمة العالم، يذوب هذا الجزء الأميركي من القطب الشمالي بسرعة بسبب تغير المناخ السريع. وقد دفعت آفاق ظهور ممرات بحرية جديدة جراء ذوبان الجليد وتوفر موارد بحرية كثيرة من جديد الدول على التسابق إلى أخذ مواقع لها. وعلى هذه الخلفية، يخشى مسؤولون حكوميون وعسكريون ألا تتحرك الولايات المتحدة بالسرعة الكافية لحماية المصالح الأميركية في هذه المنطقة التي تتغير بسرعة؛ حيث يقول الرائد بحري "ناشون ألماندموس"، وهو يقود الطائرة الضخمة خلال رحلة دامت تسع ساعات من "كودياك" إلى الحدود الشمالية ثم بمحاذاة الساحل عبر مضيق بيرينج: "إننا لسنا بخير"، مضيفاً "نحن قطعاً لا نمتلك البنى التحتية للعمل لفترة ممتدة في القطب الشمالي خلال الصيف، ناهيك عن العمل في الشتاء عندما يكون ذلك أكثر أهمية لأهداف لوجيستية". وعلى غرار إدارة بوش، تعتبر إدارة أوباما القطب الشمالي منطقة ذات أهمية استراتيجية أساسية، ولاسيما أن الجيش الأميركي يتوقع أن يصبح القطب الشمالي "خالياً من الجليد" لعدة أسابيع خلال الصيف بحلول 2030، وربما ابتداء من 2013. ولكن الولايات المتحدة لا تتوفر على الموارد المدنية والعسكرية، التي تقول إنها تحتاجها من أجل العمل بنجاح وفعالية هناك حيث أشار مكتب محاسبة الحكومة في تقرير صدر في سبتمبر الماضي إلى أن خفر السواحل يفتقر إلى المعدات أو البنى التحتية الكافية في القطب الشمالي، وإن تمويله لمثل هذه البرامج غير أكيد. ويُعتقد أن القطب الشمالي يحتوي على ربع موارد العالم الطبيعية غير المستغلة تقريباً، وأن ممراً جديداً يمكن أن يزيل نحو 40 في المئة من الوقت الذي تستغرقه شركات الشحن التجاري للسفر من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي. وفي هذه الأثناء، تستعد الدول القطبية – روسيا وكندا والدانمارك والنرويج والولايات المتحدة – للمطالبة بأجزاء أكبر من المنطقة في إطار بند في الاتفاقية التي تنظم مياه العالم؛ بل حتى إن الدول غير القطبية مثل الصين وكوريا الجنوبية بدأت تتطلع أيضاً إلى الإمكانيات الاقتصادية في الشمال الأقصى. وفي هذا السياق، يقول الأدميرال كريستوفر كولفن، قائد المنطقة السابعة عشرة التابعة لخفر السواحل: "بالنظر إلى الـ20 في المئة من النفط والغاز والمعادن، التي لم تكتشف بعد والمتبقية في العالم والموجودة في القطب الشمالي، فإن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تجازف بخسارتها". وقد انتبهت وزارة الدفاع الأميركية إلى هذا الأمر حيث جاء في مراجعتها الدفاعية الرباعية أن فهم المواضيع الأمنية والبيئية في القطب الشمالي يعتبر تحدياً رئيسياً. وفي أواخر 2009، أصدرت اللجنة الخاصة المكلفة بتغير المناخ التابعة للبحرية وثيقة هي عبارة عن مخطط يمتد لخمس سنوات بعنوان "خريطة طريق القطب الشمالي"، وتحدد 35 خطوة بشأن متطلبات العمل في المنطقة الصعبة. ويقول النقيب تيم جالودي، وهو عضو في هذه اللجنة: "أعتقد أن النتيجة الواضحة التي نحتاجها هي تحسين قدرتنا على مراقبة ورصد وتوقع حركة الجليد في المنطقة – على نطاق زمني قصير، يمكن أن تستعمله سفينة ما، أو حتى على نطاق زمني أكبر من أجل التخطيط للانتشار، أو حتى التخطيط لعدد العمليات التي سنقوم بها خلال العقد المقبل". والواقع أن بوش الابن حدد الأمن القومي باعتباره أولوية في السياسة الأميركية بخصوص القطب الشمالي، وكذلك فعل أوباما في استراتيجية الأمن القومي الأولى التي أفرج عنها في مايو الماضي. غير أن هذه الجهود لم ينتج عنها تحسن كبير للقدرات، حيث يقول مسؤولون عسكريون أميركيون في القطب الشمالي إنهم طلبوا مزيداً من الموارد، ولكن طلباتهم أُجلت أو رُفضت، كما يقولون. وفي هذا السياق، يقول كولفن: "بيت القصيد هو أننا لا نحقق ما وجه الرئيس بتحقيقه" في السياسة الأميركية الخاصة بالقطب الشمالي. الاتفاقية الدولية الوحيدة التي تنطبق على القطب الشمالي هي اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي صادقت عليها أكثر من 150 دولة. ولكن ورغم أنها ساهمت في صياغة الاتفاقية والمراجعات التي تلتها، لم تصادق الولايات المتحدة عليها، حيث يقول"المحافظون" إنها تمس بالسيادة الوطنية الأميركية. ووفق هذه الاتفاقية، فإن أي دولة تستطيع إثبات أن رصيفها القاري يتجاوز الحدود الحالية المحددة في 200 ميل من خطها الساحلي، يمكن أن تُمنح ما قد يصل إلى 150 ميلاً إضافية من قاع البحر. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول الفريق "دانا آتكينز"، قائد قيادة ألاسكا والقوة الجوية الحادية عشرة: "إن 150 ميلاً إضافية من الرصيف القاري قد تعني مليارات أو تريليونات الدولارات من الموارد". وحتى الآن، يتم استكشاف واستعمال القطب الشمالي على نحو ودي، حيث تعاونت أميركا وكندا في عمليات علمية وعسكرية الصيف الماضي؛ كما تم حل نزاع عمره 40 عاماً بين روسيا والنرويج العام الماضي عبر تقسيم منطقة بحر "بارنتس" مناصفة بين البلدين. غير أن بعض الدول بدأت تتخذ خطوات ملموسة من أجل أخذ مواقع لها. ففي 2007، قامت روسيا بوضع علم في المياه تحت القطب الشمالي؛ ثم وضعت روسيا علماً بالقرب منه بعيد ذلك بفترة قصيرة. ومن جانبها، قامت الدنمارك بوضع علم على جزيرة "هان" المتنازع عليها في القطب الشمالي، ولكن كندا سرعان ما أزالته وأعادته للسلطات الدنماركية. كما اشترت كندا أساطيل من مقاتلات إف - 35 وتقوم حالياً ببناء قاعدة جديدة بمحاذاة ساحلها القطبي. ومن جهتها، تقوم روسيا ببناء كاسحات ثلوج جديدة ومحطات جديدة للطاقة النووية على ساحلها الشمالي. ويقول الفريق أتكينز: "إذا كنا نعتقد أننا في حاجة لأن يكون لدينا نوع من الحضور، سواء أكان حضوراً بحرياً أو جوياً أو حتى فضائياً فوق المنطقة القطبية، فقد كان علينا أن نبدأ ذلك بالأمس"! جاكلين رايان كودياك، ألاسكا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©