الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثقافة الصدق المفقودة

ثقافة الصدق المفقودة
14 سبتمبر 2008 23:31
هذا عصر اختلط فيه الأمر، وارتكن فيه الناس إلى الحياة الدنيا، وحاولوا أن يقطفوا زهرتها وزينتها، وأن يخرجوا عن كلمة الله سبحانه وتعالى، وعن أوامره ونواهيه تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا الكهف :·28 وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يريد زينتها ولا زهرتها، وكان يأمر الناس بالصدق ويقول:(إنَّ الصدقَ يَهدِي إلى البِرّ، وإن البرَّ يَهدي إلى الجنَّة، وإن الرجلَ لَيَصدُق حتى يكون صدِّيقًا· وإن الكذبَ يَهدِي إلى الفجور، وإن الفجورَ يَهدِي إلى النار، وإن الرجلَ لَيَكذِب حتى يُكتبَ عند اللهِ كذّابًا) (البخاري) وقال :(مَنْ كَذَبَ عَلَيّ مُتَعَمِّداً فلْيَتَبوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النار) (البخاري)· وحذرنا من الكذب، ومن الاستمرار فيه؛ فالكذب افتراء على الله، والاستمرار فيه يهدر الثقة بكلام الناس، وإن كان هذا الاستمرار من شأن الكذابين قديما وحديثا· فيكذب ويكذب حتى يصدق نفسه! والعجيب في هذه الأزمان أن الناس كثيراً ما تصدِّق الكذب· والنبي صلى الله عليه وسلم يحذرنا من هذا فيقول من علامات الساعة: (ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلاَ يُسْتَحْلَفُ، وَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ وَلاَ يُسْتَشْهَدُ) (أورده الترمذي في سننه)· ويقول: (كَيْفَ بِكُمْ إذَا تَرَكْتُمْ الأمْرَ بالمَعْرْوفِ والنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ؟)· قالوا: يا رسول الله، إنَّ هذا لكائن؟، قال: (نَعَمْ وأَشَدُّ مِنْهُ، كَيْفَ بِكُمْ إذَا رَأَيْتُمْ المُنْكَرَ مَعْرُوفًا، والمَعْرُوفَ مُنْكَرًا؟) (أورده الطبراني في الأوسط) ويكذب المرء الآن ثم يصدق كذبه كأنه الحقيقة، وهذه مصيبة كبرى وبلية عظمى نراها الآن على شبكات الإنترنت، وفي مجالات كثيرة في السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها· القرآن موثَّق والسنّة موثقة وكذلك الكتب الشرعية والعلمية المرعية، وكان من المفترض أن تشيع بيننا ثقافة الصدق والتوثيق، ولكن شاعت بيننا ثقافة جديدة علينا وهي أن نسمع كل شيء فنظنه صدقًا··! ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه: (كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)· الكذب كله شر ولو رأيت فيه منفعتك، والصدق كله خير ولو رأيت فيه مهلكتك· والسؤال الآن كيف نخرج من تلك الورطة وتلك الأزمة؟ وهل هناك أمل! أرى أننا لابد علينا أن نعيد مهنة اندثرت أو كادت، وهي ''محفظ القرآن'' الذي كان يدخل البيوت ليعلم الأبناء كتاب الله وليعلم الناس كيف يتلونه؛ فإن القرآن له طلاوة وعليه حلاوة، أعلاه مثمر وأسفله مغدق، وما هو بكلام البشر· كتاب الله ينير القلوب ويغفر الذنوب· هو حبل الله المتين، لا تنتهي عجائبه ولا يخلَق من كثرة الرد· فإذا ما وقعت في الخطأ أو الخطيئة رأيت الكتاب يرجع بك إلى رب العالمين·فلابد على المسلمين أن يجعلوه ديدنهم وأمرًا فيما بينهم· ينشئوا المؤسسات في شأنه، والمقارئ، والجمعيات··والوظائف من أجل أن يعود كتاب الله سبحانه وتعالى في كل صدر، وفي كل حين· ؟ مفتي الديار المصرية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©