الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صناديق الاقتراع.. ليست دائما على حق

27 نوفمبر 2009 23:02
تستثمر الولايات المتحدة كثيرا في الترويج للانتخابات الحرة عبر العالم، حيث تتوقع أن تشجع هذه الأخيرة بدورها على الحكومات الشرعية والقيم الديمقراطية؛ غير أن الأمور لا تجري دائما على هذا النحو، ليس في العراق، ولا في الأراضي الفلسطينية، ولا في أفغانستان. وبالتالي، فإن تبديد بعض الأساطير الشائعة حول ما تستطيع الانتخابات فعله أو عدم فعله في الديمقراطيات الصاعدة سيساعدنا على مواجهة الفرق بين صندوق اقتراع والحل على نحو أكثر واقعية. 1 - الانتخابات تفرز في الغالب حكومات شرعية؛ بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، أصبحت الانتخابات رمزا من رموز التحديث، حيث وافق الحكام المستبدون في كل مكان على إجرائها؛ وتمت تنحية بعض الحكام السذج، مثل الرئيس الزامبي كنيث كوندا، في انتخابات نزيهة، بعد أن صدقوا ما شاع من أخبار حول شعبيتهم أنتجتها أجهزة البروباجندا التابعة لهم. غير أن الكثيرين أدركوا أنه من الممكن التمسك بالشكل بدون الجوهر؛ فعندما درستُ وزميلتي "أنكي هوفلر" معطيات حول 786 انتخابات في 155 بلدا من 1974 إلى 2004، وجدنا أن أعمال التزوير قد تكون أثرت على النتائج في 41 في المئة منها؛ ولكن ذلك لا ينبغي أن يكون مفاجئا ربما على اعتبار أن الرؤساء المنتهية ولاياتهم الذين يعمدون إلى الغش والتزوير من أجل إعادة انتخابهم يبقون في الرئاسة فترة أطول بمرتين ونصف المرة، مقارنة مع لو أنهم تنافسوا في الانتخابات بشكل عادل ونزيه. 2 - العملية الديمقراطية تشجع على السلام؛ نريد أن نصدق أن الانتخابات تغذي وتدعم السلام الذي نفترض أنه يجب أن يكون حقيقيا؛ ولكن تأثير الديمقراطية على خطر العنف السياسي يعتمد للأسف على دخل البلد؛ فالديمقراطيات التي يفوق فيها متوسط دخل الفرد 2700 دولار هي أقل عرضة للعنف مقارنة مع الدول الأوتوقراطية؛ ومعظم العنف السياسي يحدث في بلدان حيث الدخل هو دون هذا السقف. وقد مثلت الانتخابات خلال السنوات الأخيرة استراتيجيةً فعلية للخروج بالنسبة لقوات حفظ السلام بعد انتهاء النزاع؛ وكانت الفكرة تتمثل في أنه من خلال إقامة حكومة شرعية وقابلة للمحاسبة، تقلص الانتخاباتُ الديمقراطية احتمالَ استمرار الاضطرابات؛ ولكن البحث الذي أنجزته، وجد أنه رغم أن خطر أعمال العنف يقل خلال العام الذي يسبق الانتخابات، إلا أنه يرتفع في العام الذي يليها. وهذا يبدو معقولا بعض الشيء لأنه خلال الأسابيع والأيام التي تسبق الاقتراع، تنصب جهود كسب السلطة على السياسة؛ وبعد الانتخابات، هناك فائز لم يعد يشعر بالضغط للحكم بشكل شمولي وخاسر يعتبر النتيجة مزورة. 3 - الانتخابات النزيهة يمكن أن تجرى في أي مكان؛ غير أن الأدلة على تزوير الانتخابات بين الديمقراطيات الجديدة شكل تحديا لهذه الفرضية؛ ويُظهر البحث الذي قمت به أن الممارسات غير المشروعة في الانتخابات تميل إلى التركز في البلدان حيث دخل الفرد منخفض والتي لديها عدد سكان صغير، وموارد طبيعية غنية، وانعدام فصل مؤسساتي للسلطات ومراقبة بعضها بعضا؛ ولكن أوروبا الشرقية لم تناسب هذه الصورة لأن دخل سكانها متوسط، وليست غنية من حيث الموارد الطبيعية، ولديها امتياز تجربة ديمقراطية سابقة؛ وبالمقابل، فإن معظم البلدان في إفريقيا جنوب الصحراء تمتلك كل الخصائص التي تُضعف الانتخابات، ما يمنحها فرصة 3 في المائة فقط بخصوص إجراء انتخابات نزيهة، حسب حساباتي. ووفق هذه المعايير، فإن أفغانستان ليست استثنائية؛ والممارسات غير القانونية في الانتخابات كانت حتمية تقريبا. 4 - الانتخابات تجبر الحكومات الديمقراطية الجديدة على الإفراط في الإنفاق، مما يفاقم تدهور السياسة والأداء الاقتصاديين؛ غير أن التحقيق أثبت أن الضغط الشعبوي يتسبب بالفعل في تدهور السياسات بعض الشيء خلال العام الذي يسبق الانتخابات، وهذا ما حدث بالفعل في غانا في 2008. غير أن الانتخابات التي تشوبها ممارسات غير قانونية لا يكون لها، في أفضل الأحوال، تأثير على السياسة الاقتصادية لأن الحكومات لا تخضع للمحاسبة. 5 - لا نستطيع أن نقوم بأي شيء بخصوص الممارسات غير القانونية في الانتخابات؛ إذا كانت 41 في المائة من الانتخابات لا تجرى على نحو نزيه، ما يعني عدم خضوع الحكومات للمحاسبة الحقيقية، فإن ثمة مشكلة. ولكن المجتمع الدولي يستطيع اتخاذ خطوات للمساعدة على حلها؛ ومن بين الطرق التي يستعملها الرؤساء المنتهية ولاياتهم لتزوير الانتخابات المحاباة والمحسوبية المموَّلة عبر نهب المال العام، مثلما فعل الرئيس الكيني "دانييل أراب موي”؛ ولذلك، يتعين على البلدان التي تقدم التمويل للانتخابات الديمقراطية، مثل الولايات المتحدة، أن تجعل مساعداتها مرهونة بتحلي الحكومة بالشفافية وقبولها المحاسبة أمام مواطنيها. علاوة على ذلك، فإن دعم الحكومات يمكن أن يوفر حوافز قوية للرؤساء المنتهية ولايتهم لجعل الانتخابات نزيهة؛ ذلك أن أكثر ما يخشاه الرؤساء المنتهية ولايتهم ليس خسارة الانتخابات، وإنما أن يطاح بهم من قبل جيوشهم. وبالتالي، فحين يستطيع المجتمع الدولي حماية حكومة من مثل هذا التهديد، فعليه أن يقوم بذلك، شرط أن تجرى الانتخابات بشكل قانوني وطبيعي. وعلى سبيل المثال، فإن خلع رئيس مدغشقر، المنتخَب بشكل قانوني، في 2008 في انقلاب كان من الممكن تجنبه عبر عمل عسكري دولي سريع. وبالتالي، فإن الميزانيات الشفافة والضمانات الأمنية ربما تكون كافية لدفع هذه الانتخابات حتى تكون أكثر قربا من نموذجنا الديمقراطي. أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة أكسفورد ومؤلف كتاب "حروب وأسلحة وأصوات: الديمقراطية في الأماكن الخطرة" ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©