الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أسعار الطاقة تهدد عودة قطاع الصناعة البريطاني إلى الانتعاش

أسعار الطاقة تهدد عودة قطاع الصناعة البريطاني إلى الانتعاش
27 نوفمبر 2009 22:02
من المرتقب أن يبدأ اقتصاد المملكة المتحدة في التعافي بحلول آخر هذا العام أو مطلع العام المقبل، بعد أن استعادت كل من ألمانيا، وفرنسا، واليابان نموها في الربع الثاني من هذا العام وإيطاليا والولايات المتحدة في الربع الثالث. ولكن فيما يتطلع بعض البريطانيين إلى قطاع التصنيع كمنقذ محتمل نجد أن هناك تهديداً ضاراً بالتنافسية ماثلاً بل متزايداً هو مسألة تنافسية أسعار مصادر الطاقة وموثوقيتها. ومن الصعب التكهن بالإجابة على سؤال هو: من أين سيأتي النمو المرن في بريطانيا؟ فإنفاق المستهلك سيكون مفيداً بالنظر إلى أن قطاع الأسر سيواصل إصلاح كشف موازنته عقب التسيب الائتماني لسنوات ما قبل 2007 وستظل نسبة البطالة عالية، ومن المؤكد أن زيادات الضرائب تضر بالقطاع ضرراً بالغاً في وقت تسعى فيه الحكومة البريطانية إلى معالجة عجوزات القطاع العام الهائلة. وبالمثل يجب أيضاً تقييد الإنفاق العام بعد فترة توسعات سريعة وهو ما يضمن تعزيز النمو، والعامل التالي الذي يساهم في النمو هو الاستثمار، ولكن بالنظر إلى السعة الاحتياطية الضخمة فإن الاستثمار المحدد سيلحق بالنمو ولن يقوده وسيعمل نمو المخزون - بعد فترة تخلص سريع من المخزون - كحافز مؤقت ليس طويل الأجل، لذا فنحن نجد ان بريطانيا معتمدة على آخر عنصر هو الطلب (يعني صافي الفارق بين الصادرات والواردات) بصفته الركيزة الأساسية والسريعة لمعاودة الاقتصاد البريطاني إلى مسار نموه الصحيح. تعاني المملكة المتحدة عجز ميزان تجاري ضخماً - أكبر من 6 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي عام 2008 والذي لا يعوضه جزئياً سوى التوازنات الإيجابية في الإيرادات غير المرئية مثل الخدمات المالية. ورغم أنه ليس من المستحيل أن تكفل صناعات الخدمات الزيادة اللازمة في صافي الصادرات إلا أن ذلك غير مرجح نظراً لمشاكل القطاع المالي. وهذا يجعل بريطانيا أكثر اعتماداً على قطاع التصنيع وعلى طاقة القطاع التصديرية والتعويضية الاستيرادية من أجل تحقيق النمو مستقبلاً. غير أن قطاع التصنيع البريطاني أهمل كثيراً في العشرين إلى الثلاثين سنة الماضية، ولكن يبدو أن قوة وابتكارية صناعة الخدمات المالية مع اعتبار لندن درة التاج قد أدت إلى الاعتقاد أن التصنيع غير مهم. وبذلك فإن بريطانيا أول دولة صناعية تصبح أول دولة في ما بعد العصر الصناعي، ولم يكن ذلك المنهج صائباً وهو بالقطع ليس صائباً الآن، ومن حسن الحظ أن بعض طاقات التصنيع البريطانية صمدت بما يشمل قطاعي الطيران والأدوية الرائدين عالمياً. ولكن فيما يتطلع بعض البريطانيين إلى قطاع التصنيع كمنقذ محتمل نجد أن هناك تهديداً ضاراً بالتنافسية ماثلاً بل متزايداً هو مسألة تنافسية أسعار مصادر الطاقة وموثوقيتها. إن سياسات الطاقة في بريطانيا مثلها مثل باقي دول الاتحاد الأوروبي مرتبطة ارتباطا معقدا بسياسات التغير المناخي اعتقادا بأنه يجب التقليص بشدة من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من أجل تخفيف ارتفاع الحرارة العالمية. ورغم أن هذه المقاربة تضر في مضمونها بالوضعية التنافسية لكثير من صناعات الاتحاد الأوروبي من خلال رفع أسعار الطاقة فإن الضرر الكامن الواقع على بريطانيا أكبر كثيراً. يذكر ان المملكة المتحدة تعتبر سباقة إلى التوجه نحو اقتصاد منخفض الكربون بحماس والتزام، ولكن في خضم الظهور بمظهر “أخضر” أهرعت السلطات على ما يبدو تداعيات قرارات السياسة السلبية على التنافسية، ذلك ان لبريطانيا تعهدين تشريعيين صارمين فيما يتعلق بتقليص الانبعاثات الكربونية، أولهما هو قانون تغير المناخ لعام 2008 الرامي إلى خفض 34 في المئة من الانبعاثات بحلول عام 2020 مقارنة مع عام 1990 وخفض 80 في المئة بحلول عام 2050، وسيكون الوفاء بهذين الهدفين بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً. وثانيهما هو توجيهات الاتحاد الأوروبي بشأن الطاقة المتجددة لعام 2008 التي بموجبها يكون للمملكة المتحدة هدف الوفاء بنسبة 15 في المئة من استهلاكها النهائي للطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2020، وكان ذلك الهدف 1.5 في المئة فقط عام 2005 ولكن بعض المعلقين يعتقد أن هدف 15 في المئة قابل للتحقيق، وبذلك يعتبر إلزام المملكة المتحدة بهذا الهدف الأكثر صعوبة وتحدياً من التزام أي من اقتصادات الاتحاد الأوروبي الكبرى. وأحد مضامين الالتزام بنسبة مصادر متجددة تبلغ 15 في المئة هو أن يخطط رسميا وبشكل غير واقعي لزيادة الكهرباء المتولدة من مصادر متجددة من النسبة الحالية البالغة 5.5 في المئة الى نحو 30 في المئة بحلول عام 2020 وتجدر هنا ملاحظة أن المصدر المتجدد المتاح لبريطانيا باهظ التكلفة ولا يمكن الاعتماد عليه المتمثل في طاقة الرياح. ومن أجل التحرك صوب هذين الهدفين المترابطين المتمثلين في تقليص انبعاثات الكربون وزيادة استخدام المصادر المتجددة تم وضع سياسات تزيد أسعار الطاقة، ففي عام 2008 قدرت هذه الزيادة في الأسعار بـ21 في المئة من متوسط فاتورة الشركات و14? من فواتير المنازل. وتشير التقديرات المعلنة في شهر يوليو 2009 إلى أن زيادات الأسعار يمكن أن تصل كحد أقصى إلى 70 في المئة للشركات و33 في المئة للمنازل بحلول عام 2020. إن ضخامة أعباء زيادة الأسعار تلك من شأنها بلاشك هروب المشروعات إلى خارج بريطانيا أو منع تأسيس شركات فيها أو الاثنان معاً، وسينطبق ذلك خصوصاً على أنشطة التصنيع كثيفة الطاقة مثل الكيماويات الأولية والغازات الصناعية والصلب والسيراميك والزجاج والخرسانة، وربما تستعيد هذه الصناعات للأسباب المذكورة وقد يزعم البعض أنه يمكن الاستغناء عنها، غير ان هذا رأي قاصر لأنه لو اختفت هذه الصناعات لهاجرت على الأرجح العمليات الأخرى المعتمدة عليها، وهناك مثال على ذلك هو صناعة الكيماويات التي تعتمد عليها صناعات تابعة هامة منها مستحضرات التجميل والمنظفات والبلاستيكيات والايروسول والأصباغ والمواد اللاصقة وكيماويات التصوير. ولكي يزدهر الكثير من النشاط التصنيعي البريطاني وبالتالي الاقتصاد البريطاني يجب أن تكون أسعار الطاقة تنافسية وهذا ليس التماسا خاصا بل إنه أمر واضح وجلي، ولكن سياسات الطاقة الراهنة في بريطانيا ستخفق تدريجياً في تلبية هذا المتطلب الأساسي. عن “وول ستريت جورنال”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©