الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نقاط التفتيش.. عقبة أمام سلام الشرق الأوسط

1 مايو 2014 00:50
ماثيو لونجو: باحث في العلوم السياسية بجامعة «يل» الأميركية دافنا كانيتي: أستاذ مساعد في علم النفس السياسي بجامعة حيفا نانسي هايت: أستاذ مساعد للعلوم السياسية بمدرسة فليتشر في جامعة توفتس يبدو أن خطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لاتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط بعد تسعة أشهر من أحياء المفاوضات كانت مفرطة في التفاؤل، لكن فكرة وجود صفقة كبرى أمر جيد. والأزمات الإقليمية المتعددة مثل التجربة الديمقراطية الناشئة في مصر والتحلل المدني في سوريا والبرنامج النووي الإيراني يمت بصلة للهم المشترك المتعلق بالمأزق الفلسطيني الإسرائيلي. وهذا ليس صحيحاً على المسار السياسي فقط بل على المسار الدبلوماسي أيضاً لأنه يمثل لب النفوذ الأميركي في النزاعات الأخرى. فمن دون قطع خطوات حقيقية في مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية فمن غير المرجح أن تتحقق انفراجات دبلوماسية فيما بعد في هذه المناطق الأخرى. والتوصل إلى اتفاق شامل هو الهدف الحقيقي. لكن لتحقيق أي تحرك لابد من البدء بخطوة صغيرة. ورغم أنه من المغري التركيز على الأسئلة الكبيرة، مثل السيادة الفلسطينية ومشكلة القدس و«حق عودة» اللاجئين الفلسطينيين فإن لب الصراع في الواقع يتعلق بجوانبه الحية وهي «الحقائق على الأرض». وهذا يعني للإسرائيليين العنف ورداء الخوف التي يعيش داخله المواطنون وبالنسبة للفلسطينيين هذا يعني المستوطنات ونقاط التفتيش التي تعطل النشاط الاقتصادي الفلسطيني وتفرق شمل العائلات. وباختصار، فإن أهم القضايا التي تمثل اللب البنيوي والعاطفي من الصراع مازالت مهملة، وفي الحقيقة فإن الأمور تتدهور في كلا الجانبين. ومن عام 2008 إلى عام 2012، أجرينا أبحاثاً في كل من إسرائيل والضفة الغربية على مدى تأثير تجربة المرور بنقاط التفتيش الإسرائيلية على توجهات الفلسطينيين تجاه العنف ضد إسرائيل ودعمهم لحركة «حماس» المتشددة. فبعض مؤسسات القمع لها تأثير في إحباط المقاومة والأخرى تحفزها. وقد أردنا أن نفهم تأثير نقاط التفتيش في الضفة الغربية، على سبيل المثال، إذا كانت تجعل الفلسطينيين يريدون وقف القتال والعودة إلى طاولة المفاوضات أم إنها تحفزهم على القتال بشكل أكبر. وتكشف دراستنا التي ستنشر في دورية «أميركان جورنال أوف بوليتيكال ساينس» عن أن نقاط التفتيش تديم العنف مما يفاقم المشكلة نفسها التي استهدفت نقاط التفتيش حلها. وهذه نتيجة مهمة لأن نقاط التفتيش غير عنيفة في طبيعتها. فالأمم المتحدة تصف نقطة التفتيش بأنها أي عائق مادي يديره أشخاص لمنع انتقال أشخاص آخرين عبر أراض. وفي السياق الفلسطيني الإسرائيلي، فقد أقيمت نقاط التفتيش لتنظيم حركة الفلسطينيين داخل الضفة الغربية وحماية المستوطنات الإسرائيلية والسماح بإقامتها. فنقاط التفتيش مختلفة عن بوابات المعابر في الحاجز الأمني الذي يفصل الأراضي الفلسطينية عن إسرائيل. واعتمد بحثنا وهو الأول من نوعه على تدخل سياسي حض عليه مفاوض السلام الخاص توني بلير لتسهيل إزالة بعض نقاط التفتيش المحورية كوسيلة لفتح شرايين حياة للأنشطة الاقتصادية الفلسطينية عبر ممر جنين-الخليل. فقد خلق هذا بيئة لتجربة طبيعية. فقد أجرينا عمليات مسح قبل وبعد عملية التدخل وتحدثنا إلى 504 أشخاص من السكان مقسمين بالتساوي بين مجموعتين في قرى متشابهة. والقرى متطابقة فيما عدا جانب واحد وهو القرب من نقاط تفتيش تقرر إزالتها (وهي مجموعة المعالجة) والأخرى على مسافة قريبة من نقاط تفتيش ستبقى كما هي (المجموعة الضابطة). وطرحت نفس الأسئلة على المشاركين في كلتا المجموعتين، وهي تتعلق بالدعم الحزبي السياسي ومعتقدات السكان بشأن حل الدولتين وتوجهاتهم بشأن العنف ضد إسرائيل. ومكنتنا هذه الاستراتيجية التجريبية من التعرف على «تأثير نقطة التفتيش» لفهم تأثير تجربة نقاط التفتيش على توجهات الفلسطينيين بالإضافة إلى التفسيرات البديلة. ويشير بحثنا إلى أن المرور بتجربة عبور نقاط التفتيش يعزز التأييد للعنف. والفلسطينيون الذين يجدون يسرا في عبور نقاط التفتيش يصبحون أقل تأييد للعنف إلى حد كبير ضد إسرائيل. وفي الوقت نفسه فالمناطق التي تكثر بها نقاط التفتيش يتزايد احتمالات تشددها. والقوة الدافعة لهذه التوجهات هو الشعور بالإهانة. ولهذه النتائج تجليات سياسية واضحة. فلا شك تقريباً في أن هذه النقاط تمثل عائقاً لحياة الفلسطينيين، لكن الجدير بالملاحظة أنها تضر بالأمن الإسرائيلي والإقليمي أيضاً. وعلى أفضل الأحوال، فإن إسرائيل تقايض الخطر طويل الأمد بالأمن قصير الأمد، وعلى أسوأ الأحوال، تخلق إسرائيل بيئة ترتفع فيها الأصوات المطالبة بقيام انتفاضة ثالثة ليست في مصلحة أحد. ورغم أن الوقت قد نفد على الأرجح لخطة الوزير الأميركي لكن هذا ليس الفصل الأخير. الأمور لا تمضى على هذا النحو في الشرق الأوسط. فهذه المنظومة من الجهود والمحادثات من المرجح أن تقود لسلسلة من المفاوضات لمحادثات السلام ستتواصل عبر ما بقي لكيري من سنوات في المنصب. فمن الضروري إذن البدء في نظر القضايا الحقيقية التي تمسك بتلابيب المفاوضات. وهذا يعني من بين أشياء أخرى تفكيك نظام نقاط التفتيش في الضفة الغربية. فما لم يجر معالجة القضايا الصغيرة الملموسة التي تؤثر على حياة الناس، فمن الصعب أن يشهد المستقبل أي نجاح للمفاوضات. وهذا ليس سهلاً. فنقاط التفتيش يعتبرها كثيرون جانباً ضرورياً من الأمن الإسرائيلي. لكن كما كشفت مبادرة بلير، فإن إزالة نقاط التفتيش لا تنتج زيادة في العنف ضد إسرائيل. بل إن الحقيقة هي أن نقاط التفتيش التي قصد بها في المقام حماية المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية لا تساهم إلا قليلاً في حماية إسرائيل. لكن المفاهيم الشائعة صعب تغييرها. وهذا ما يجعل الدبلوماسية حاسمة حالياً أكثر مما كانت عليه من قبل. ويشير بحثنا إلى أن آليات إسرائيل من التحكم تؤدي إلى استدامة العنف نفسه الذي تسعى إلى احتوائه. وهذه مقايضة لا يتحملها أحد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©