الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب على طالبان ومخاطر قصف المدنيين الأفغان

الحرب على طالبان ومخاطر قصف المدنيين الأفغان
14 سبتمبر 2008 02:22
في هذا الأسبوع ونحن نذكر مصرع ما يقارب الـ3 آلاف من مدنيينا بين أنقاض برجي مركز التجارة العالمي والبنتاجون وكذلك في ولاية بنسلفانيا إثر هجمات 11 سبتمبر 2001 ، علينا التفكير في مأساة القتلى من المدنيين الأفغان، الذين لا تزال أعدادهم ترتفع حتى اليوم· ولنذكر على سبيل المثال الضربات الجوية التي نفذتها القوات الأميركية في قرية عزيز أباد الواقعة غربي أفغانستان في الثاني والعشرين من شهر أغسطس المنصرم· فهناك يؤكد كل من مسؤولي الأمم المتحدة والحكومة الأفغانية وشهود مستقلون، أن الضربات الجوية التي نفذتها القوات الأميركية خلفت وراءها نحو 90 مدنياً معظمهم من النساء والأطفال· وتظهر صور فيديو التقطت بواسطة الهواتف النقالة في مواقع الضربات، صوراً لأطفال ونساء قتلى· ووفقاً لتقرير أعدته ''كارلوتا جال''، مراسلة صحيفة ''نيويورك تايمز'' هناك، فقد انتشرت عشرات المقابر الحديثة في شتى أنحاء القرية، مع ملاحظة أن بعضها من الصغر بحيث لا تسع إلا لدفن الأطفال· من ناحيتها كانت الولايات المتحدة قد زعمت أن عدد القتلى المدنيين جراء تلك الغارات منخفض جداً، إلا أنها وعدت لاحقاً بإجراء تحقيق شامل حول الغارات· وهذا حدث مأساوي للغاية، إلا أنه ليس معزولاً بأية حال· ففي شهر يوليو الماضي -أي قبل شهر واحد فحسب من غارات قرية عزيز أباد- ذكر مسؤولون أفغان أن غارات جوية أميركية نفذت بقرب العاصمة كابول أودت بحياة 27 مدنياً كانوا يشاركون في حفل زفاف، وأن قائمة القتلى شملت العروس· وفي غارة مماثلة وقعت في الرابع من شهر مارس من عام ،2007 قتل 9 مدنيين جراء قصف منزلهم المبني من الطين في شمالي كابول بقنبلتين تزن كل واحدة منهما 2000 رطل بواسطة إحدى المقاتلات الجوية الأميركية· وبحسب تقارير منظمة ''هيومان رايتس ووتش'' فقد كان تفسير الولايات المتحدة لتلك الغارة أن طائراتها كانت تستهدف اثنين من المتمردين لجآ إلى المنزل المذكور، بعد إطلاقهما صاروخاً على إحدى محطات التفتيش الأميركية في المنطقة· وليس ثمة غرابة أن تثير حوادث قتل المدنيين المتكررة هذه غضب الأفغان· فبعد أيام فحسب على وقوع العملية الأخيرة، هاجمت مجموعة من الأفغان الشركات والفنادق المملوكة للأجانب، ووقعت أحداث عنف أودت بحياة 14 قتيلا بينما أصيب ما يزيد على الـ90 شخصاً فيها· وتوصل تقرير صادر عن الأمم المتحدة في شهر سبتمبر من العام الماضي إلى أن عمليات القصف الجوي التي تنفذها القوات الغربية في أفغانستان، تعد بين أهم العوامل التي تحفز الانتحاريين الأفغان على شن عملياتهم، إلى جانب إشعالها لمشاعر الغضب الشعبي ضد مسؤولي الحكومة والقوات الأجنبية الغربية· يذكر أن العمليات الانتحارية شهدت ارتفاعاً بمعدل 6 أمثال ما كانت عليه عام 2005 مقارنة بعام 2006 الذي ارتفعت فيه إلى 136 عملية، بينما انفردت حركة ''طالبان'' وحدها بشن 140 عملية انتحارية داخل أفغانستان خلال عام ·2007 ويبدو أن قتل المدنيين الأفغان يمثل عاملاً رئيسياً في تراجع الدعم الشعبي لوجود القوات الأميركية في البلاد· وتكشف نتائج استطلاعات الرأي التي أجريت، أن نسبة تقدر بنحو 68 في المائة كانت تؤيد الجهود التي تبذلها القوات الأميركية في أفغانستان عام ،2005 ولكن سرعان ما انخفضت هذه النسبة إلى 57 في المائة عام ،2006 ثم إلى 42 في المائة فقط عام ·2007 ولا يزال عدد القتلى المدنيين مرتفعاً حتى الآن، رغم مضي سبع سنوات على شن الحرب· فوفقاً لتقرير نشرته منظمة ''هيومان رايتس ووتش'' الأسبوع الحالي، لقى 230 مدنياً أفغانياً مصرعهم جراء هجمات نفذتها إما قوات ''الناتو'' أو القوات الأميركية، بينما بلغ عدد قتلى عمليات القصف الجوي بين هؤلاء 116 قتيلاً· أما في عام ،2007 فلا يقل عدد قتلى عمليات القصف الجوي التي نفذتها القوات الغربية عن ·321 وحتى شهر سبتمبر الجاري، فإن أقل عدد لقتلى هذه العمليات هو 119 من بين المدنيين الأفغان· يجدر بالذكر أن إحصاءات قتلى العام الحالي لا تشمل ضحايا قرية عزيز أباد، بسبب المعلومات الصادرة عن الجيش الأميركي، التي قدرت عدد القتلى المدنيين في الهجوم بنحو 5 إلى 7 أشخاص فحسب· غير أن صور الفيديو والصور الفوتوغرافية التي التقطت بالهواتف النقالة لا تؤيد هذه الأرقام حتى وإن لم تقدم دليلاً قاطعاً على خطئها· والذي تؤكده هذه الصور، إثارتها لقدر عال من الشك في صحة التقديرات الأميركية لعدد القتلى المدنيين في الهجوم، ما دفع الجنرال ''ديفيد دي· ماكايرنان'' -القائد الأعلى لقوات ''الناتو'' في أفغانستان- لإصدار أمر بإجراء تحقيق رفيع المستوى حول العملية· وبسبب إدراكه للحساسية السياسية التي ينطوي عليها القتل المتكرر للمدنيين من قبل القوات الغربية، دعا الرئيس حامد قرضاي منذ بضع سنوات، إلى فرض قيود مشددة على عمليات القصف الجوي للمناطق المأهولة بالمدنيين· تبعاً لذلك وفي أعقاب غارة عزيز أباد مباشرة، أمر حامد قرضاي بمراجعة ما إذا سيسمح للقوات الأميركية وقوات ''الناتو'' بتنفيذ أي عمليات قصف جوي داخل القرى أو حولها· وتعود أسباب تزايد قتل المدنيين في أفغانستان إلى عدة عوامل، أهمها نقص عدد الجنود الميدانيين مقارنة بعددهم في العراق، مع العلم أن أفغانستان تكبر مساحة عن العراق بنحو 150 في المائة وتزيد عليه كثافة سكانية كذلك· ومن بين العوامل أيضاً استخدام قوات ''طالبان'' للمدنيين باعتبارهم دروعاً بشرية· وهكذا يجد المدنيون الأفغان أنفسهم بين نارين دائماً على مر الحقب والسنين· ولكن حان الوقت لوضع حد للعدوان على المدنيين· بيتر بيرجن زميل رئيسي بـ نيو أميركا فاونديشن كاثرين تيدمان مشاركة في برامج المؤسسة نفسها ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©