السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفديــة

الفديــة
14 سبتمبر 2008 02:06
نذرعبدالمطلب بن هاشم أنه متى رزق عشرة أولاد ذكوراً، ورآهم بين يديه رجالاً أن ينحر أحدهم عند الكعبة شكراً لربه! فلما استكمل ولده العدد، وصاروا من أظهر العدد، قال لهم: يا بني؛ كنت نذرت نذراً علمتموه قبل اليوم، فما تقولون؟ قالوا: الأمر لك وإليك، ونحن بين يديك! فقال: لينطلق كل واحد منكم إلى قدحه، وليكتب عليه اسمه، ففعلوا؛ ثم أتوه بالقداح فأخذها· ثم دعا بالأمين الذي يضرب بالقداح، فدفع إليه قداحهم، وقال: حرك ولا تعجل· وكان أحب ولد عبدالمطلب إليه عبدالله، فضرب صاحب القداح السهم، فخرج على عبدالله؛ فأخذ عبدالمطلب الشفرة، وأتى بعبدالله وأضجعه بين إساف ونائلة، وهمَّ بذبحه، فوثب إليه ابنه أبوطالب، وكان أخا عبدالله لأبيه وأمه، وأمسك بيده عن أخيه· فلما سمعت بنو مخزوم بذلك -وكانوا أخواله- وثبوا إلى عبدالمطلب، فقالوا: يا أبا الحارث، إنا لا نسلم إليك ابن أختنا للذبح، فاذبح من شئت من ولدك غيره! فقال: إني نذرت نذراً، وقد خرج القدح، ولابد من ذبحه! قالوا: كلا! لا يكون ذلك أبداً، وفينا روح؛ وإنا لنفديه بجميع أموالنا من طارف وتالد· ثم وثب السادات من قريش إلى عبدالمطلب، فقالوا: يا أبا الحارث؛ إن هذا الذي عزمت عليه لعظيم، وإنك إن ذبحت ابنك لم تتهنأ بالعيش من بعده، ولكن تثبت حتى نصير معك إلى كاهنة بني سعد، فما أمرتك من شيء فامتثله، فقال عبدالمطلب: لكم ذاك· ثم خرج في جماعة من بني مخزوم نحو الشام إلى الكاهنة؛ فلما دخلوا عليها أخبرها عبدالمطلب بما عزم عليه من ذبح ولده، فقالت الكاهنة: انصرفوا عني اليوم· فانصرفوا وعادوا من الغد، فقالت: كم دية الرجل عندكم؟ قالوا: عشر من الإبل، قالت: فارجعوا إلى بلدكم، وقربوا هذا الغلام الذي عزمتم على ذبحه، وقدموا معه عشراً من الإبل، ثم اضربوا عليه وعلى الإبل القداح، فإن خرج القدح على الإبل فانحروها، وإن خرج على صاحبكم فزيدوا على الإبل عشراً عشراً حتى يرضى ربكم· فانصرف القوم إلى مكة؛ وأقبلوا عليه يقولون: يا أبا الحارث؛ إن لك في إبراهيم أسوة حسنة؛ فقد علمت ما كان من عزمه على ذبح ابنه إسماعيل وأنت سيد ولد إسماعيل، فقدم مالك دون ولدك! فلما أصبح عبدالمطلب قرّب عبدالله وعشراً من الإبل، ثم دعا بأمين القداح وجعل لابنه قدحاً، وقال: اضرب ولا تعجل، فخرج القدح على عبدالله، فجعلها عشرين، فضرب فخرج على عبدالله؛ فجعلها ثلاثين فضرب فخرج القدح على عبدالله؛ فجعلها أربعين،··· وكلما خرج القدح على ابنه زادها عشراً، حتى جعلها مائة، فضرب فخرج القدح على الإبل، فكبر عبدالله وكبرت قريش، وقالت: يا أبا الحارث؛ إنه قد رضي ربك، وقد نجا ابنك من الذبح· فقال: لا والله حتى أضرب عليه ثلاثاً! فضرب الثانية فخرج على الإبل، فضرب الثالثة فخرج على الإبل، فعلم عبدالمطلب أنه قد بلغ رضا ربه في فداء ابنه· فقربت الإبل، وهي مائة من جلة إبل عبدالمطلب، فنحرت كلها، فداء لعبدالله، وتركت في مواضعها، لا يصد عنها أحد ينتابها ممن دب ودرج، وانصرف عبدالمطلب بابنه عبدالله فرحاً·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©