أن تكون لائحة البرامج التلفزيونية في شهر رمضان عامرة بالمسلسلات والأعمال الدرامية على اختلافها، فهذا لا يعني أن الناس يتابعونها بانتظام· ويخطئ من يظن أن ضيق الوقت خلال شهر الصوم أو تضارب مواقيت العرض، هما السبب فقط وراء تراجع نسبة المشاهدة عند كثيرين·
وفي وقت مازالت بعض الأسر مخلصة لممثل معين تواظب على متابعته من قناة الى أخرى، أو محبة لممثلة قديرة لا تنتقي سوى الأدوار الجادة، فإن أسرا أخرى قررت هذا الموسم تغيير عاداتها أو بمعنى أصح تأجيلها·
تقول ليلى سري الدين وهي ربة بيت متقاعدة: ''برأيي لقد انتهى العصر الذهبي للتلفزيون منذ زمن، ولم يبق منه سوى بقايا أعمال لا تنتشر الا لأنها تضم أسماء'' لامعة لنجوم خفت بريقها في السينما فالتحقت بالتلفزيون''· وترى أن الطفرة الحاصلة بين الفضائيات خلال موسم رمضان الحالي، هي فوق القدرة على الاستيعاب ولا يمكن لأي مشاهد أن يتقبلها أو يحسن الاختيار بينها· ''فمن أين نأتي بالوقت لجوجلة الأعمال وانتقاء ما يحلو لنا مشاهدته اذا كانت القنوات محشوة بالمسلسلات بشكل مبالغ فيه؟'' ولذلك فقد ألغت ليلى التلفزيون من اعتباراتها في هذا الشهر، ولم تعد تقترب منه الا بما ندر لتشاهد أي برنامج يقع عليه نظرها وبشكل عشوائي· وهي ترى من وقت الى آخر مسلسل ''أبلة نورة'' الذي تعتبره ''أفضل المعروض، سواء من حيث اختيار حياة الفهد بطلة له، أو من حيث عرضه ما بعد صلاة العشاء''· وقد أعجبها مسلسل ''ريح الشمال''، لكنها لم تشاهد سوى 3 حلقات منه·
أما خديجة محمد وهي أم لثلاثة أبناء فتبتسم سائلة: ''وهل الوقت يكفي في شهر رمضان لأداء الواجبات الدينية والمنزلية، حتى أتمكن من مشاهدة المسلسلات؟'' وتذكر أنه لما كان أبناؤها صغارا كانت تتابع خلال شهر رمضان مسلسلا خليجيا أو اثنين في اليوم، لكن مع تفاقم مسؤولياتها لم يعد يتسنى لها ذلك، ''خصوصا أن الأعمال المعروضة لم تعد على المستوى نفسه كما في السابق، وأكثر ما يزعجني أن المسلسل يركز على شخصية النجم ويهمل باقي عناصر القصة''· سبب آخر يلغي اهتمام خديجة بالمسلسلات الرمضانية وهو أنها تفضل مشاهدتها بهدوء على مدى أشهر السنة، ''فكل هذه الأعمال تعاد لاحقا على قنوات المسلسلات· وهكذا أشاهدها في فترة ما قبل الظهر أثناء وجود الأطفال في المدرسة''· وهي تنوي متابعة مسلسل ''عيون عليا'' و''شرف فتح الباب''·
برامج الكرتون
تذكر منى الأمين طالبة جامعية: ''في مواسم رمضان السابقة كنت ما إن أنتهي من أداء صلواتي حتى أنكب على ''الريموت كونترول'' وأقلب بين قناة وأخرى لمشاهدة ما أقله 4 الى 5 مسلسلات في اليوم· أما هذه السنة فقد مللت من الوجوه نفسها ولم تعد تشدني الى الشاشة أي موضوعات جديدة· وأنا بطبعي أكره التكرار، وأفضل أن أستغل وقتي بالمذاكرة وقراءة القرآن''· وتنتقد منى التقليد الحاصل بين بعض البرامج، ''ولا سيما تلك التي تعتمد على المواقف التي يفترض أنها طريفة، وكذلك برامج الكرتون التي باتت نسخة من ''فريج'' مثل ''شعبية الكرتون'' و''سوبر هنيدي'' وسواها·
نجوى حسن حديثها مقتضب، تقول: ''عندما قرأت في الصحف أن ''أبا عصام'' لن يكون موجودا في مسلسل ''باب الحارة ،''3 لم أعد متحمسة لمتابعته· وبالفعل قاطعت العمل الذي أعتبر أنه سيخسر جمهورا غفيرا بغياب بطله ''أبي عصام''· وتستطرد بكلامها مشيرة الى الركود في الأفكار الذي أصاب بعض المسلسلات ولا سيما الشامية منها: ''فالكل يلاحظ ذلك التشابه بالأدوار وكذلك الديكور· ومع أنني أعشق الأعمال الدرامية في الأحياء الشعبية السورية، الا أن تكرار الوجوه نفسها في أكثر من عمل، جعلنا نلتبس بين مسلسل وآخر لشدة تشابه مواقع التصوير· وبصراحة بتنا نتوقع مجريات الأحداث في تلك الأعمال''· ومن بين المسلسلات التي تذكرها وهي تعرض حاليا على قنوات مختلفة: ''ليالي الصالحية''، ''باب الحارة بأجزائه الثلاثة، ''بيت جدي''، ''الحوت'' وسواها·
ازدحام المحطات
محمود القيسي موظف في شركة خاصة يعمل نصف دوام في شهر رمضان لذلك يتسنى له متابعة أكثر من مسلسل خلال فترة المساء، ومع ذلك فهو منقطع عن التلفزيون· يشرح موقفه قائلا: ''في الحقيقة أشعر بغثيان من كثرة الأعمال المعروضة والتي يتم الإعلان عنها على مدار الساعة وكأنها سلع للبيع بالمجان· وهذا الأسلوب يستفزني''· وكان محمود قد تابع الحلقتين الأولى والثانية من مسلسل ظل المحارب لكنه سرعان ما قرر مشاهدته في وقت لاحق عندما يعاد عرضه ما بعد انتهاء شهر الصوم· وهو يفضل زيارة الأقارب في أوقات فراغه·
أما فاروق عبدالله وهو أب لابنتين، فيذكر أنه ليس من هواة متابعة المسلسلات ولا سيما في شهر رمضان حيث لا يتسع وقته لذلك· ولكنه يشاهد هذه السنة وعلى غير عادة ''قصة الأمس'' بإيعاز من صاحبه· ففاروق يعمل ويعيش في الغربة بعيدا عن عائلته أي بما يشبه أحداث المسلسل، ومع ذلك يقول: ''صحيح أن القصة مؤثرة وهي عبرة لا بد من الاتعاظ بها، لكنني على تفاهم مع زوجتي وأرجو أن أعود قريبا الى الوطن''·
ويتحدث سالم الأحمد عن رفضه التام لمعظم ما يقدم على القنوات الفضائية خلال شهر رمضان، ''ما عدا البرامج الدينية والتوجيهية التي بالكاد يلمحها المشاهد وسط ازدحام المحطات''· ويقول انه لولا زوجته لما كان سمح في بيته بسماع صوت التلفزيون خلال شهر الصوم ''لأنه يتسبب بإزعاجي ولا أقوى على التمييز بين مسلسل وآخر· فالأبطال هم أنفسهم يتنقلون من محطة الى أخرى''· وبعد إلحاح عرفنا أنه معجب بعمل واحد فقط وهو ''فضة قلبها أبيض'' والذي يشاهد مع زوجته بعض لقطات منه· وهو يتابع مسلسل ''قمر بني هاشم''·
عدد اليوم
