الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

64 فناناً يحكون سيرة تجارب وأجيال في معرض مشترك بقصر الإمارات

64 فناناً يحكون سيرة تجارب وأجيال في معرض مشترك بقصر الإمارات
29 يناير 2009 03:20
عند بوابة صالة ''جاليري وان'' في قصر الإمارات بأبوظبي، تطالعك الحروفية العربية ممجدة عظمة الخالق بفسيفساء صنعها نسيم الماجد مختصراً دعوات الأفواه إلى صانع السماء والأرض·· ''يا كريم'' لوحة طولية تمازج فيها السواد والبياض بشكل أليف وحميمي بمساحة 45100سم· وتدخل رواقاً طويلاً تخالطه الظلمة الشفيفة حيث تشع الأضواء المنسرحة على 64 فناناً إماراتياً و165 عملاً، من أجيال متعاقبة من المبدعين في الرسم والتصوير الضوئي والنحت والتصميم وأفلام الفيديو وفن الخط والكتابة والطباعة، جاء وا ليؤرخوا لحركة الفن في بلد وضع خطاه وجسد بصمته بعمق عند بوابة الحضارة الحديثة· يعكس معرض ''تعابير إماراتية - فنون من قلب الإمارات'' الذي يقام تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وبتنظيم من شركة التطوير والاستثمار السياحي، النهضة المميزة التي تشهدها الدولة، عبر تبادل الثقافات وتفاعل الحضارات القائم على أرضها ويعد حدثاً استثنائياً يقدم فرصة نادرة لمحبي الفن التعرف على إبداعات رائعة من قلب الإمارات· إضاءة مدروسة، تمنحك الهدوء والخصوصية، فلا شيء خارج اللوحة يشغلك·· حتى من يقف قربك لا تحس إلا به غارقاً في عالمه الشفيف الخاص· انه يخلق عالمه لوحده، وانت لك عالمك، وكلاكما يشترك معاً في تقاسم وليمة الفن، هدوء يدعو للتأمل الذي يجب أن يعيشه المتلقي مع اللوحة أو المنحوتة أو الصورة الضوئية· مرايا تمد الرواق إلى ما لا نهاية فتعيدك إلى أول خطوة في الرواق، وهج من الضوء المحسوب يسيح فوق اللوحة وتفاصيل صغيرة عن العمل الفني بلون أسود وحروف تعريفية بلون البياض، امتزاج جميل بين السواد والبياض، النور والظلمة، انه عالم شعري يمنحك الاستمتاع بامتياز· اللون أكثر وضوحاً وحركة الفرشاة بتفاصيلها الدقيقة تبدو أمامك والتوهج الآتي من مساحة اللوحة، المنحوتة، الصورة الفوتوغرافية يبدو في أقصى تجلياته· لا بد للفن أن يتمرد بطريقته الخاصة، أن يخلق القوانين ويمزجها من جديد لتتوالد أخرى حيث لم تعد النظرة للتاريخ مستقرة في مدرسة كونية واحدة، انتهى عصر الرومانسية، والكلاسيكية والرمزية وحتى التجريد بدأ يأخذ مسارات مختلفة، كل ذلك صار ممزوجاً في آلة جديدة يشتغل عليها الفنان ضمن ابتكار قانون حرية الفن الحديث والمعاصر· انه تمرد العارف بروح الفن وحركة الأفكار لذا كان التقاء هؤلاء الفنانين من تيارات فنية مختلفة تجسيداً لمن يريد ألا يبصر سطح الماء هادئاً بل عليه أن يمد عصاه ليحرك الماء كي يسمع صوته ويرى صورته الجديدة· كان لا بد أن ينتهي عصر التصريح المطلق بما نريد أن نقول، كان لا بد أن يتمرد الفنان على التعبيرية والوجودية والمعرفية، كان لا بد أن يخلق معرفته ووجوديته الجديدة· ثمة واقع ولكن لا صوت، هنا جاء دور الفنان حينما استجلب الصوت والصورة معاً وهنا لا بد أن نسمع صوت الصحراء، صوت المدينة، صوت البحر، صوت الأشجار حتى ربما نصل إلى أن نسمع صوت الصمت نفسه· عبد الرحيم سالم بلوحته بلا عنوان بمساحة 696249 سم من خامات متعددة و عبدالقادر الريس بلوحته الكبرى تجريد في مساحة 400200 سم وهي من الزيت على القماش كانت أكبر الأعمال المعروضة مساحة وكأن ''بلا عنوان'' عند عبد الرحيم سالم تطابق ''التجريد'' عند عبد القادر الريس وكلاهما يشتغل في اللوحيتن ضمن المساحة الواسعة، تسيد الأسود في الأولى والأحمر في الثانية وتقابلا على الجدارين المتوازيين·· وكلاهما لا يريد أن يفصح عن نفسه· وليس بعيداً عنهما كان للشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان صوتها القوي الهادئ حينما قدمت لوحتها الصغيرة ''الوقت بلا عقاب'' بمساحة 10080 سم من الزيت على القماش بتاريخ ·2007 تقابلها اللوحتان الصغيرتان لكاميليا مهيبي ''تأمل''1 ''تأمل''2 بمساحة 3131 سم من الاكرليك على القماش·· لا أدري كم بدا العالم واضحاً عند هاتين الفنانتين، اليازية آل نهيان وهي تحيل الأشياء الواقعية إلى رمز هادئ ودلالي، من أشياء بسيطة ''البطيخة المقطوعة'' الاخضرار الجميل والاحمرار الفاقع، حتى انك تتماهى مع هذه الواقعية المرمزة بالعنوان ''الوقت بلا عقاب'' في ذات الوقت ترى مهيبي وهي تعبر بصوت عال عن حالة التأمل السافرة، الهادئة الملأى بالشفافية في وجهين لامرأة واحدة وكلاهما ينطق بالأسى والحيرة· ما بين الغموض هناك والوضوح هنا وشائج· وتبدو تجريبية محمد مندي في حروفياته الآسرة قد أخذت طريقاً جديداً، طريقاً تجريبياً لعب فيه مندي على اللون الزيتي ورقائق الذهب والجلد فمازجها معاً ليعطي الحرف العربي رونقه في عملين يسجل فيهما قفزة نوعية جديدة ضمن اطار خط النسخ تعليق، فارسي، وخط الديوان الجلي وكلاهما من أعماله الجديدة 2008 بمساحة 80102 سم حيث امتلك الحرف قوانين مغايرة خلاقة لديه· أما جلال لقمان فقدم أعماله المغايرة أيضاً ''باب في مانهاتن'' و''غياب الشمس'' و''سجني الخاص''·· الأول تصوير وألوان مائية 101188سم والثاني امتزاج بين الحديد والزجاج والتصوير 20719116 سم والثالث 3710815 سم من خامات متعددة يبرع فيها بكل طاقة المبدع الذي يحول الحديد إلى لغة خاصة تشي بالمرموز· كذلك محمد الاستاد في ''حياة'' من الزيت على القماش بمساحة 98129 سم حيث يشتغل على عمودية النص بمضمون بارع وبامتزاج لوني تجريبي كأنها نتاج حالة وجدانية خاصة انعكست على مستوى الشكل واللون· وللتصوير الرقمي لغته عند صلاح المرزوقي في لوحته ''الاستاد''·· بينما تشتغل فايزة مبارك في ''الدائرة الأولى'' على تعدد الخامات·· وتماثل سلمى المرر ما قدمته المرزوقي في SK9 حيث التصوير الرقمي يتجلى في لوحتها ''وردة''· أما الشيخ سالم القاسمي فيحقق المعدل الأقصى في ''واقع يفوق الخيال''· في الوقت الذي تحاول فيه سمية السويدي ''تغيير العالم'' عبر الصورة· كذلك عزة القبيسي تشتغل في ''دعم'' و''حب'' بالنحت الحديدي بما يجعل اللغة تنطق· من جانب آخر تبدو سلمى المري في فسيفسائها من الخط العربي متجلياً إلى أوج تمثل الحروفية في ''إن الله على كل شيء قدير''· ولطباعة الجرافيك ومساهمته في 5 لوحات بعنوان أم كلثوم للفنانة خلود الشرفي لغة خاصة· ولمكونات النحت على الخشب صدى وروعة وبخاصة في جزئية محمد يوسف التي قدمها بعنوان ''إبهام'' 131372 سم التي تجسدت في كلية مخيفة حيث صار الجزء كلا، جسداً، يحكي بصمتنا في الوجود· للشيخة وفاء بنت حشر آل مكتوم في لوحتيها ''تطور''2 التصويرية حالة من الرصد البارع، تحرك العين الحية لالتقاط الأشياء كي تختصر زمن الحكاية والنص الواقعي وهو يشير إلى الحاضر الذاهب إلى المستقبل· وتشارك هند مزينة بألغازها وقواعدها وطرقها الثلاث من اللوموغرافي كيف يتوقف المتلقي في منتصف الرواق متسائلاً عما تريد، بين لغة اللغز السرية والقواعد المعلنة والطرق المجهولة· من جهة أخرى ترى في أعمال علي العبدان المصور البارع والفنان المجسد في لوحتيه ''ضاحي بن وليد'' و''فهد العسكر'' ترى التاريخ عبر الأوراق الملصقة، ونعود ثانية لخليل عبد الواحد وهو يحتفي بالطبيعة الصامتة في لوحتيه من الزيت على القماش، وبما قدمه مصعب عبد القادر الريس في حروفياته من الاكرليك على الخشب· ويبدو أن ميسون الصالح لعبت على فكرة التشوه حيث ''الزوج'' في لقطة و''الزوجة'' في أخرى وكلاهما من الاكرليك على الورق في تجانس يحمل موقفاً يحتمل كل الدلالات والقراءات· ما بعد الحياة، نهاية الحياة، أم الحياة نفسها· ويجسد فهد جابر في لوحته ''العزلة'' بقايا الروح المنتظرة بلا جدوى مستوحدة كالجبل، غارقة في التوهان والخذلان، مستوحدة إلى حد الجنون وهي من الاكرليك على الورق 74110 سم رسمت عام ،2002 وربما تسأل هل هي عزلة كونية أم هي ذات الإنسان الغارق في وحدته الآسرة، الرصاصي يلعب على فضاء اللوحة وثمة خط أحمر يكسر عمق اللوحة حيث تتجسد به نار التوحد اللا متناهي· ولنتوقف أخيراً عند نجاة مكي في مجموعة الدائرة 3 لوحات رسمت 1996 وهي بمساحة 1301230 سم لكل واحدة منها من الزيت على القماش، لعب فيها الأزرق في الأولى والأخضر في الثانية والأحمر في الثالثة لكي تكتمل دورة الوجود في فلسفة نجاة مكي، انها لاعبة ماهرة على اللون والتصور والحلقات الدائرية التي تشير ولا تفصح، تومئ ولا تقول، اللون لدى نجاة مكي يمتلك لغته، والحكاية تخفي دلالاتها وفلسفتها في تشكلات الكون والإنسان والحياة عالية القيمة والنظر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©