الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاتنة الغرة: أتمنى أن يخلع علينا أحدهم بردته

فاتنة الغرة: أتمنى أن يخلع علينا أحدهم بردته
26 نوفمبر 2009 00:09
الشاعرة الغزية فاتنة الغرة، استطاعت أن تحفر لها اسما في عالم الرجال الشعري، حيث قلت الأصوات الشعرية النسوية أو انحصرت في الشعر السياسي والوطني، تتمنى لو خلع أحدهم بردته على الشاعرات العربيات حين يكتبن عن الحب والعاطفة، وقد صنفت بأنها واحدة من ثلاث شاعرات في غزة من أصحاب القصيدة المغمّسة بالجرأة، التي قد تلامس حدود التمرّد. معها هذا الحوار وهذه الدفاعات والاتهامات.. ? في لقاء أدبي نقدي حول ديوانك “امرأة مشاغبة جدا” اعترفت أن ما كتبتيه إلى الآن “على تواضعه” ما هو إلا محاولة لتشكيل لغة خاصة ومنطقة بوح خاصة ومعرفة خاصة بك، وأوضحت أن إنتاجك لم يتعد أكثر من مجرد نصوص منفصلة عن ذاتك الآنية لأنك ليست لك علاقة بهذه النصوص أكثر من علاقة أي قارئ به.. وهنا أتساءل ألا يفترض أن يكون النص جزءاً أصيلا من الأديب الذي ينبغي أن يكون ملماً بكل حيثية فيه؟ ? لذلك قلت إن ما يميزني بعلاقتي بنصوصي أنني أكثر دراية بدهاليزها من القارئ العادي وما قصدته هنا أن المنتج الإبداعي بشكل عام يخرج من أرواحنا ومن فكرنا ويصبح كائنا مستقلا بذاته خاصة حينما يبتعد بنا الوقت عنه لأننا كل دقيقة تدخل مفردات جديدة على وعينا وتغير في مكنوننا الثقافي أو تضيف إليه، بالتالي نظرتنا إليه تصبح أعمق وفهمنا له يخرج من منطقة المتأمل لا صاحب النص، فالنص يكون استقلاله الشخصي يعيدا عن صاحبه لأنني أرى أن النص الذي يتكئ على صاحبه هو نص ضعيف. هنا.. وهناك ? تقولين في “امرأة مشاغبة جدا”: “أنا هنا... فمن تلك التي ترقد في المرآة؟”، هل لك أن تجيبيني على تساؤلك هذا؟ ? لو كنت أستطيع الإجابة عليه لما كتبته منذ البداية، الكتابة هي عملية السؤال، خلق السؤال وطرحه في محاولة لفهم الذي نصبو إليه، فهم كل شيء داخلنا ومن حولنا، نحن كائنات هشة جدا وضعيفة جدا وكل لحظة لا نراها هي معضلة تحتاج الكثير من الأجوبة، لذا نطرح الكثير من الأسئلة سواء بصيغة السؤال أو بطرح فكرة ما تحمل سؤالا مفترضا وهذا هو الوجع الحقيقي الذي يجعلنا نكتب باستمرار فكل سؤال يحيلنا إلى مزيد من الأسئلة لا إلى أجوبة مفترضة والإبداع مهمته إثارة الأسئلة لا الإجابة عليها. ? يقول أحد النقاد إن النص في ديوانك السابق يحتوي على مستويين من الصراع؛ الأول: صراع الذات من أجل صورتها المفقودة، والثاني: صراع الذات مع صورتها البديلة، وفي هذا الصراع يقول الناقد إن الشاعرة فاتنة الغرة قد أخذته إلى “أماكن تألقها وانفعالاتها” في مفترقات عديدة، إلا أن هذه الانفعالات الظاهرة في النصوص تبدو “الأكثر ظهوراً على السطح”.. ما رأيك في هذا التعليق وكيف تقيمين الحركة النقدية في فلسطين عموما؟ ? عادة لا أعلق على ما يقوله النقاد عن نصوصي أو تجربتي لأنني أعتقد أن النص الذي يثير السؤال هو نص ناجح ومفتوح على احتمالات متعددة لكني حينما اسمع النقد اسمعه بعيون مفتوحة وقلب مفتوح لأمتص كل ما يقولوه وأعيد هضمه داخلي واستفيد من كل ملاحظاتهم حتى لو لم يجد بعضها، فالشاعر يحتاج الناقد لكي يعري نصوصه ويعيد اكتشافها من جديد ولذا فنحن نحتاج للنقد وللنقاد بصورة كبيرة، وهذا يقودني للشق الثاني من سؤالك حول الحركة النقدية في فلسطين والحقيقة أن ما هو موجود في فلسطين من تجارب نقدية لا يرقى إلى مرحلة نسميها حركة فالحركة تعني جماعة كبيرة من الناس وما هو على أرض الواقع أصوات قليلة متناثرة بعضها يحمل فكرا كلاسيكيا، أو مثلما يقولون هو أستاذ أكاديمي بالدرجة الأولى أما النقد الحقيقي الذي يدخل لعمق النص وروحه من خلال المدارس الحديثة فهو جد قليل ونحن كمبدعين في أشد الحاجة لأصوات نقاد حقيقية وجادة تقيم الحركة الشعرية في فلسطين لتستطيع هذه الحركة تجاوز ذاتها إلى أبعد ما يمكن للإبداع أن يصل. خروج الأنثى ? هل تستطيع الأنثى الخروج من ذاتها أصلا عند الكتابة؟ ? الكتابة هي دخول إلى الذات إلى عمقها والأنثى كائن في هذا العالم تعيش تفاصيله، ربما لتركيبتها الفسيولوجية والبيولوجية اثر في منطق تفكيرها مما يصبغ لغتها بمفردات خاصة إلا أنني ومن وجهة نظري أرى أن المبدع أنثى أو رجل يجب أن يدخل إلى ذاته لا أن يخرج منها عند الكتابة. ? يقول أحدهم إن إحدى الأزمات التي تعاني منها لغة الغرة هي افتقارها إلى التجديد..هل حقا تفتقرين إلى التجديد في كتاباتك؟ ? كل شخص له الحق في قول ما يريد عن أي شخص وأنا في النهاية شخص متاح للآخرين كمبدعة بحكم نصوصي المتاحة لذا لا استطيع الرد إلا بأن هذا الحكم هو حكم مطلق ولا أؤمن بشخص يطلق حكما مطلقا خاصة وأن تجربتي ما زال أمامها الكثير لتقدمه إضافة إلى أنني أجزم أنني من المداومين على التجديد ومحاولة الخروج والتمرد على من كنتها قبلا لذا من يقرأ الديوان الأول سيجد مسافة بينه وبين الثاني وبالتالي بينه الثاني والثالث الذي سيصدر قريبا. العمل الأول ? ديوانك الأول “ما زال بحراً بيننا” له مكانة خاصة في نفسك، هل لك أن تحددي لنا ما هو الفرق (نقديا) بين هذا الديوان ودواوينك الأخرى؟ ? أي عمل أول للكاتب هو عمل له خصوصيته لدي فهي مرحلة البكارة الأولى، مرحلة الاعتراف به بأنه كاتب وله عمل لذا عادة ما تكون له خصوصية عند الكاتب وهو نقديا يعتبر الفرشة أو الأرضية التي يطلع عنها ومنها كل عمل لاحق وكأنه الأسس التي نضعها في الأرض لنبني فوقها الطوابق التي تليه هذا من جهة، ومن جهة أخرى ديواني الأول يعتبر مثابة تأريخ للمرحلة البيضاء من ذاكرتي تلك المرحلة التي كانت البراءة فيها والانفتاح على العالم هي الأساس، مرحلة النقاء والرومانسية الجميلة قبل أن تصطدم بصخرة الحياة ومعتركها الذي لا يهدأ. ? صنفت بأنك واحدة من ثلاث شاعرات في غزة من أصحاب القصيدة المغمّسة بالجرأة، التي قد تلامس حدود التمرّد... لكنّ التجريد يبقى المهرب الوحيد من رقابة المجتمع، متى يمكن للمرأة الكاتبة أن تبتعد عن التجريد والرمزية في الكتابة؟ وهل تعتقدين انك وصلت من الجرأة التي تكفل لك أن تكتبي كل ما يجول في خاطرك؟ ? أعتقد أن المبدع بشكل عام يجب أن يمتلك الحرية المطلقة لقول ما يريد إلا أننا وبما أننا نعيش في مجتمعات ذكورية بالدرجة الأولى تقف فيها مساحة البوح عند أغلبها على بوابة البوح وحتى بعض الرجال لا يفلتون من هذه المنطقة فما بالك بوضع المرأة في هكذا مجتمعات ذكورية؟ بالتأكيد مساحة القول تكون محاطة بعدد من التابوهات التي تقمع وتقمع إلى أن يصبح الخطاب الشعري خطابا ممجوجا أو أجوف وكأنه قناع يلبسه المبدع ليخفي ذاته الحقيقية، أما بالنسبة لوصولي إلى مرحلة الجرأة لقول ما يجول بخاطري فأنا أؤمن أنني كائن حر امرأة حرة، والحرية تتجلى في أبسط صورها في فعل القول، لذا أقول ما أريد ولا أخشى أحدا من البشر. عن الجوائز ? لقد نلت جوائز عديدة، ما هي الجائزة الأكثر تأثيرا في نفسك؟ وهل تعتقدين أن مسابقات ومهرجانات تكريم الأدباء والكتاب عربيا تتسم بالمصداقية والمهنية؟ ? صحيح نلت عدداً من الجوائز لكن جائزتي الأكبر والتي لها تأثير في نفسي هي تلك الحالة التي يخرج بها حضور أمسية لي حينما أشعر بإعجابهم بما سمعوا، أو حينما تصلني رسالة عبر الإيميل من أحد لا أعرفه لكنه قرأ لي ويخبرني كم أعجبه ما قرأ، أما بالنسبة لمهنية المسابقات عربيا فأعتقد أن هذه منطقة شائكة حيث لا نستطيع الجزم بشفافية الحكام في هذه المسابقات ونحن كمبدعين نحجم عن التقديم للكثير من المسابقات لعلمنا بأنها محسومة سلفا وواقع الثقافة لا يختلف عن غيره حيث تسود العلاقات الشخصية والقبائلية المشهد، إلا أن هذا لا يعني أن الصورة بأكملها هكذا. هناك من ينتصرون للأدب وللإبداع بغض النظر عن معرفتهم بالكاتب من عدمها. ? “إلاّي..” ديوان جديد سيصدر لك قريبا، هل لك أن تضعينا في أهم المواضيع التي يتناولها وما المقصود بالاسم الذي يحمله الديوان؟ ? ديوان “إلاّي” هو عمل كان من المفترض أن ينشر منذ العام 2006 حيث إن كل نصوصه مكتوبة بين 2002 و2006 ولكن ظروف النشر حالت دون خروجه إلى النور، وهو ديوان يناقش الذات بتحولاتها وبمركزيتها أيضا، فالذات فيه المركز الذي تدور حوله كل الأشياء في العمل، تجد الله وتجد الوطن وتجد الرجل وتجد الجسد وتجد الروح، وتجد كل ما يعتمل في ذات وحيدة بفردانيتها في الحياة، ولذا جاء اسمه إلاي لأنني في المحصلة ليس لي إلا ذاتي أو لا أحد “إلاّي..”، وربما تجد له دلالة صوفية أيضا تحيل إلى صوفية ما في العمل، هو عمل أحبه جدا وأعتقد أنه يشكل علامة فارقة في مسيرتي خاصة أنه يخرج عن الموسيقى التقليدية لكنك لا تستطيع تصنيفه على أنه عمل نثري فهو يخلق إيقاعه الخاص ويستند على تراث كبير من تاريخ الإيقاع وتقنياته إلا انه لا يشبهه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©