الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عن القارئ الفاعل..

عن القارئ الفاعل..
26 نوفمبر 2009 00:07
في دولتنا ومع أولى خطوات التأسيس الذي وضع لبنتها الأولى المغفور له بمشيئة الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “رحمه الله”، بدأنا أول ذي بدء بالقراءة، حيث توافر لكل طفل وطفلة كتاب وقلم ومقعد للدراسة، في ظل رغبة دؤوبة لخلق جيل قارئ، متقد الذهن، واع، مدرك لماهيات الحياة التي تحيط به. ولذا فأن مداخلتي حول القراءة سوف أقسمها إلى محورين وهما: أولا: القراءة وأهميتها وأثرها في حياة الفرد والمجتمع تعود أهمية القراءة للفرد في الدرجة الأولى، إذ أن القراءة نبراس وضاء يبرق بشعلة تصطبغ بها الحياة ذهناً متقداً مستنيراً، وما أهميتها إلا لأنها تشغل حيزاً مؤثراً في المجتمع، إذ أنها تبرز جلية في الحيز العملي للكائن البشري وعلاقته بالعمل المبدع وقيمته في مقياس التقدم المجتمعي من جيل لآخر ومن دولة لأخرى. ملمح آخر أحب أن أقدمه إلى فئة جيل القراء الصغار الواعد، فقد لوحظ اعتمادهم الكلي على المطبوعة الإلكترونية في قراءاتهم، ففي حال أراد أن يطلع على معلومة ما، أو يبحث في أحد أقسام العلوم المختلفة التي تتطلبها الأبحاث الدراسية وسواها لا يفتأ ينكب على جهازه الإلكتروني يطوي صفحات بحثه دون أن يدرك المصدر الذي يتناوله. بلا شك أن هذه إحدى الطرق التي من شأنها أن توفر جهداً على الباحث والمتقصي شريطة أن يعي جهة المعلومة فيستخلصها من أصولها المعرفية دون معرفة بالجهة المالكة لحقوقها الفكرية، ولكن حبذا لو لم يغفل هذا المتصفح الإلكتروني أن للمطبوعة القابعة بين يديه والمتمثلة في “كتاب” حلاوة السحر وروعته، ومرد ذلك إلى أن لكل الأشياء حين تلامس أيدينا ترف الخصوصية. ثانيا: القراءة أهميتها وأثرها في حياة الأديب والثقافة. المبدع بطبعه يتمتع ببعد فلسفي وإدراكي أكثر حدة من أقرانه، حيث أن له عيناً ثاقبة وحساً مرهفاً ونزعة اعتزالية، خلوتية. بحسبي وأنا أؤمن بنظرية أن الأدب ملكة يختص الله بها أحدهم دون سواه إلا أن هذه الملكة لا تتبلور جلية وذات قامة مهيبة يستسيغها المجتمع ويقرها صنفاً أدبياً، إلا إذا عمد “مدعي الإبداع” الى صقلها بالقراءات والمطالعات لشتى الاتجاهات التي يتجه إليها خياله الخصب، وتفيض لديه انطباعاً ليس بالضرورة تقليدياً وإنما وفق وازع تحريضي يؤهله لتقمص الموضوع. ليس ذلك فحسب، وإنما المبدع مطالب بممارسة القراءة المستدامة كونه يجب عليه أن يكون ملماً بكل الاتجاهات والصنوف الأدبية عامة ومدى تأثرها وتأثيرها بمجتمعها ومحيطها الثقافي، وبالتالي عليه أن يكون ملماً بإرثه الثقافي وبخاصة لمجتمعه ولبيئته التي ينتسب لها، فهو جزء لا يتجزأ من هذا الحقل، وإرثه الإبداعي وهي بالتالي بيئته الخصبة، إذ في حال لم يستطع استقراء واستنباط إحدى مكنونات هذا التراث المعنوي أو المادي خاصته فهو يرتد هنا إلى خانة اللا هدف المنشود. المبدع الحق المحب للإبداع يحمل على عاتقه أهمية الاطلاع على ثقافات الشعوب من حوله ليكتشف مدى تأثير وترابط مبدعيها بمجتمعاتهم وتمثلهم فكرياً وأدبياً لهذا الموروث وتطويعه لمادة أدبية صرفة. غدا بعض المبدعين وهم كثر يمارس لوناً من ألوان التوحد مع أدبيته ويصبح حبيس فلسفته الخاصة، ولا يألوا جهداً في الإطلاع على تجارب أقرانه، الا أنه يحتفظ بقائمة عريضة لأسماء أدبية عالمية، ويعتقد أن تسلحه بهذه القائمة العريضة من أسماء هؤلاء العمالقة ومعلقاتهم يصنع منه أديباً أو مبدعاً، مطلعاً، مثقفاً، لا يشق له غبار، وأن تحصنه بهذه الأسماء يخلع عليه صفة الوجاهة. هذه الإشارات والتساؤلات والفضفضات ماهي الا شحنات مكبوتة قد نتساءل من خلالها أين تفضي بنا؟، وأين نحن منها؟. * روائية إماراتية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©