الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاقات الهندية الأميركية... ما بعد القلق

العلاقات الهندية الأميركية... ما بعد القلق
25 نوفمبر 2009 23:27
لا تخلو القمة التي جمعت بين رئيس الوزراء الهندي "مانهومان سينج" و"أوباما" من دلالات رمزية كثيرة، فهي أول زيارة رسمية يستضيفها أوباما لزائر من الخارج؛ هذا بالإضافة إلى اللغة المستخدمة والتي ستعيد التأكيد على أهمية العلاقات الثنائية والأواصر المشتركة التي تربط الديمقراطيتين الكبيرتين في العالم؛ لكن تحت سطح الخطاب المجامل تقبع مجموعة من الشكوك وقدر غير قليل من الريبة وانعدام اليقين، إذ رغم العلاقات المتميزة التي ربطت الهند بالولايات المتحدة خلال عهد الرئيس بوش، تظل اليوم غير متأكدة من موقعها في خريطة الإدارة الجديدة، بل يُعتقد على نطاق واسع في الهند أن أميركا تنظر إلى علاقتها بنيودلهي كمعطى ثابت بعيد عن الاهتزازات المفاجئة والخضات غير المتوقعة، وهو ما يعبر عنه "هاريندر سيخون" -الباحث البارز في مؤسسة "أوبزورفر" للأبحاث بنيودلهي- بقوله: "عندما نصل إلى الأجندة المشتركة بين البلدين، فإن الأمر يتعلق بالاستمرارية الهادئة، ويذهب بعض المحللين إلى أنه بسبب انعدام مشاكل جوهرية مع الهند، ينظر إلى العلاقة في واشنطن بملل وقنوط ما دام الوضع ثابتاً ومستقراً". ورغم الزيارة التي قامت بها "هيلاري كلينتون" إلى الهند في شهر يوليو الماضي، إلا أن لقاءاتها الرسمية لم تزد عن يوم واحد، كما أن سلسلة الزيارات التي قام بها مسؤولون صغار إلى الهند للتباحث في مختلف القضايا، لم تحز الاهتمام الأميركي الذي ظل مركزاً على الدول المجاورة التي تشهد العديد من الاضطرابات والقلاقل، وبخاصة باكستان وأفغانستان، فضلا عن العملاق الاقتصادي الذي برز على الساحة متمثلا في الصين؛ وعن الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء الهندي "مانهومان سينج" يقول "دروفا جايشنكار" -الباحث في صندوق مارشال الألماني بواشنطن- "تبدو زيارة الدولة التي يقوم بها رئيس الوزراء إلى واشنطن استجابة لرغبات العديد من الهنود في الحصول على الانتباه الذي يستحقونه من واشنطن، وهي أيضاً محاولة للتغلب على ذلك الانطباع بأن إدارة أوباما تتجاهل الهند"؛ وستبحث الولايات المتحدة ضمن أشياء أخرى عن السبل التي تستطيع بها الهند المساعدة في المنطقة؛ فقد سبق أن أنفقت مبالغ كبيرة لبناء المدارس والمستشفيات، وباقي المشروعات التي تستهدف كسب "عقول وقلوب" الأفغان، كما أن تخفيف حدة التوتر مع باكستان قد يدفع هذه الأخيرة إلى نقل جنودها من الحدود إلى المناطق القبلية حيث تنشط "طالبان". وفي المقابل تطمح الهند في بقاء الولايات المتحدة ملتزمة في باكستان وأفغانستان، خلافاً لما حدث بعد خروج الاتحاد السوفييتي من أفغانستان عندما أهملت أميركا الشأن الأفغاني، وهو ما يوضحه "دانيال ماركي" -من مجلس العلاقات الخارجية الأميركي- بقوله "تريد الهند أن تطمئن إلى أن أميركا لن تترك المشاكل الأفغانية وترمي بها في حضن الهند، مثلما حصل عقب انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان"، ويستبعد المتابعون للعلاقات بين البلدين حصول تقدم ملموس، أو اختراق واضح لحل الخلافات العالقة بين الطرفين سواء تعلق الأمر بالتغيرات المناخية، أو عدم الانتشار النووي، أو القضايا التجارية، وقد جاءت التسريبات الأخيرة التي تستبعد التوصل إلى اتفاق عالمي حول التغير المناخي خلال الشهر المقبل بقمة "كوبنهاجن" المناخية لتشكل فرصة لتخفيف الضغوط على البلدين وإن كانت واشنطن تستمر في الضغط على نيودلهي للموافقة على تحديد سقف لانبعاثات الكربون. وستسعى الهند من جانبها للحصول على توضيحات من الولايات المتحدة بشأن نقل التكنولوجيا النووية وإمدادات الوقود، وسط تخوف من تراجع إدارة أوباما عن المواقف المتفق عليها مع إدارة بوش في العام 2008. وكان بوش يحظى بتقدير كبير في الهند لتوصله إلى اتفاق حول الاستخدام المدني للتكنولوجيا النووية مع نيودلهي وإلغاء القيود المفروضة على الهند للحصول على التكنولوجيا ما عجل بعودة الهند إلى الساحة الدولية بعدما أجرت أول تفجير نووي في العام 1998. وقد تعهدت الهند بموجب الاتفاق مع إدارة بوش، بفصل برنامجها العسكري عن نظيره المدني وإخضاع الأخير للمراقبة الدولية في مقابل رفع الولايات المتحدة للقيود المفروضة على المساعدات العسكرية والاقتصادية، وتخفيف الإجراءات لاستفادة الهند من القروض الخارجية، فضلا عن مساعدة الهند في الحصول على التكنولوجيا النووية واليورانيوم؛ واليوم لا تخفي الهند قلقها من عودة إدارة أوباما إلى فرض شروط جديدة في التعامل معها لمساعدتها نووياً مثل الضغط عليها للتوقيع على معاهدة عدم الانتشار النووي، ما سيضطر الهند إلى التخلي عن أسلحتها النووية فيما تحافظ باكستان والصين على ترسانتهما النووية. وتبقى التجارة المجال الآخر الذي يقلق الهند في علاقاتها مع الإدارة الجديدة، لا سيما تخوفها من الميول الحمائية التي بدأت تظهر في السياسة التجارية الأميركية، هذا التخوف يشير إليه السفير السابق للهند بواشنطن "أرانداتي جوز"، قائلا "الجميع في الهند قلقون، لا سيما في قطاع الخدمات، لأن الولايات المتحدة تعد أكبر سوق للخدمات الهندية". ومن المواضيع المشتركة التي يمكن الاتفاق عليها بين الجانبين في ظل صعوبة حل القضايا الخلافية مساعدة الهند في بلوغ الأمن الغذائي من خلال نقل تقنيات الهندسة الحيوية وباقي التكنولوجيا فيما يشبه التعاون الدولي خلال السبعينيات والذي دشن ما بات يعرف بالثورة الخضراء. ولم تستطع الهند رغم وتيرة النمو الاقتصادي المتصاعدة في السنوات الأخيرة القضاء على معضلة الفقر الذي يطال فئات عريضة من المجتمع؛ وفي دراسة حديثة قامت بها منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة تبين أن 48 في المائة من الأطفال الهنود الذين هم أقل من خمس سنوات يعانون سوء التغذية، أي ما يناهز 61 مليون طفل لا يأكلون بما يكفي لإشباع بطونهم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
المصدر: نيودلهي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©