الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علي بن تميم: ردمنا الهوّة بين حضارتين

علي بن تميم: ردمنا الهوّة بين حضارتين
18 ابريل 2013 13:54
شغوف بالنقد الأدبي وبالثقافة العربية، وله رؤى في طروحات النقد الغربي، يفكر بشكل فاحص في أرومة الإبداع، ويقرأها بعمق وهدوء أكاديمي بامتياز، وهو مشروع ناقد مهم في ساحة النقد الأدبي العربي، اسم لامع في الإعلام، يشرف على منجز معرفي مهم وهو مشروع كلمة للترجمة، الذي يعد أحد مشاريع ومفاصل هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة المهمة. سلمان كاصد ليس بغريب أن يكون الدكتور علي بن تميم أميناً عاماً لأهم جائزة أدبية عالمية ربما تعد حسب مصادر ثقافية كثيرة جائزة نوبل العرب وهي جائزة الشيخ زايد للكتاب. أسهم علي بن تميم بالعديد من الإنجازات في الساحة الأكاديمية والثقافية بدولة الإمارات وقاده شغفه بالثقافة العربية والأدب العربي إلى تأسيس شبكة المرايا الثقافية، إحدى أوائل الشبكات التي تحاول أن تقدم للقارئ العربي مكتبة رقمية عن الأدب العربي و»شبكة الذاكرة الثقافية»، وفي خلال عمله الأكاديمي أسس تخصصاً فرعياً بجامعة الإمارات بعنوان «المرأة والثقافة». علي بن تميم فاعل في النشاطات الثقافية إذ أصبح محكماً في جوائز الدولة الثقافية ومنها «جائزة الدولة التقديرية» و»مسابقة أمير الشعراء» وله مشاركات مختلفة في مؤتمرات نقدية محلياً وعالمياً. ولكونه مدير مشروع «كلمة» للترجمة فإن ثقافته الموسوعية وإطلاعه على الثقافة الغربية الكلاسيكية والحديثة والمعاصرة أسهم في تنشيط دور هذا المشروع الحيوي المهم، هذا بالإضافة إلى منجزه المتواصل وإحداثه تطوراً في مفاصل جائزة زايد للكتاب عندما فتح أبواباً جديدة للإبداع أن تتنافس عليها. في هذا اللقاء مع علي بن تميم نحاوره في الكثير الكثير الذي يخص «كلمة» و»جائزة الشيخ زايد» ومشاركتهما هذا العام في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الثالثة والعشرين التي ستنطلق في الرابع والعشرين من ابريل الجاري. الملكية الفكرية ? كيف ينظر علي بن تميم إلى ما تحقق من إنجازات في مشروع «كلمة» للترجمة؟ ?? نجح المشروع في تحقيق جملة من الإنجازات المهمة، فترجمة نحو 770 كتاباً عن أكثر من 13 لغة، هو إنجاز كبير جاء ثمرة إنجازات أخرى سبقته ومهدت له، فترجمة هذا العدد من الكتب تطلب القيام بعدة خطوات تمثل كل خطوة إنجازاً في حد ذاتها، بدءاً من مرحلة انتقاء الكتب، والحصول على ثقة الناشرين الأجانب وإبرام عقود حقوق الملكية الفكرية، واختيار المترجم المناسب لكل كتاب، ومن ثم عمليات التحرير والتدقيق إلخ.. وصولاً إلى طباعة الكتاب بشكل لائق، ومن ثم توجت جهودنا بالحصول على جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة في دورتها الخامسة عام 1332هـ، الموافق لعام 2011م، وعلى الرغم من سعادتنا بما حققناه من إنجازات، إلا أنها في الوقت نفسه تضاعف من مسؤوليتنا تجاه دورنا في رفد حركة الترجمة في كافة فروع ومجالات المعرفة والترجمة عن كافة اللغات. اللغات العالمية ? ما مدى توسع مشروع «كلمة» على اللغات العالمية المتعددة، وثقافات العالم المتنوعة بعيداً عن اللغة الإنجليزية، وأقصد الثقافات الشرقية المجاورة؟ ?? نحن لا ننحاز للغة بعينها أو إلى لغات محددة، خطتنا ترجمة 100 كتاب في العام، ونسعى لأن نختار عناوين من لغات عدة، وهناك حرص كبير على تغطية كافة حقول المعرفة. وقد تجاوز عدد اللغات الحية التي ترجمنا عنها الـ 13 لغة. ولكن إذا كان لدينا إصدارات كثيرة تمت ترجمتها عن اللغة الإنجليزية، فهذا لأن النسبة الغالبة من التأليف العالمي يتم اليوم باللغة الإنجليزية، كما أن الغالبية العظمى من المترجمين العرب متخصصون في الترجمة عن اللغة الانجليزية، فالواقع الثقافي والتعليمي هو الذي يفرض نفسه. لكننا في «كلمة» نسعى إلى تفكيك وإضعاف أي تحيزات أو مركزيات ثقافية، لأننا نعنى إلى التوجه لتراث كافة الثقافات والشعوب. قد تتفوق لغة ما، أو تحظى لغة ما بالاهتمام الكبير في مجالات المعرفة والعلم. لكن مشروعنا أيضاً يهدف إلى تحقيق التوازن في الترجمة المعرفية. ولذلك اتجهنا إلى الترجمة من اللغات الهامشية مثل الهندية والهولندية والبولندية واليابانية والكورية والكردية والروسية والتركية، ونطمح للوصول إلى كافة اللغات، لأنه للأسف الشديد كلاسيكيات بعض اللغات غير حاضرة في ثقافتنا العربية. عناوين جديدة ? ما الجديد في مشاركة مشروع «كلمة» للترجمة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب بدورته الثالثة والعشرين؟ ?? في هذا العام، يقدم مشروع «كلمة» عناوين جديدة ذات مواضيع متنوعة نأمل أن يستمتع القارئ العربي بها وأن يستفيد منها، وقد خصينا الناشئة بمجموعة من الروايات المترجمة عن اللغة الفرنسية لكبار الأدباء الفرنسيين، وهناك مجموعة تاريخية صادرة عن دار كامبردج البريطانية تروي تاريخ إنشاء أهم المنشآت مثل المصنع والجسر والمدرسة والمتنزه إلخ.. ونقدم أيضا كتاب «البيوت» وهو ترجمة عن اللغة البولندية، وعناوين أخرى متنوعة ما بين التاريخ والأدب والفنون. وهناك مؤتمر أبوظبي الدولي الثاني للترجمة، وتنطلق الدورة الجديدة للمؤتمر تحت شعار «تمكين المترجمين»، وينظم المؤتمر ورش عمل تدريبية تكون مادتها «الترجمة الأدبية»، تستهدف المترجمين المتخصصين في هذا المجال من الشباب العرب، تُعقد على مدار يومين ويشرف عليها 4 من كبار أساتذة الترجمة في العالم العربي. ويهدف مؤتمر أبوظبي الدولي للترجمة في دورته الثانية إلى تأكيد أهمية الدور الذي تلعبه الترجمة في مد جسور التفاهم بين الحضارات والشعوب، وتعزيز قدرات المترجمين الشباب، ورفد الجيل الصاعد بالمهارات اللازمة لاستكمال مسيرة نقل الثقافات والعلوم والآداب من وإلى العربية بالإضافة إلى إعداد كوادر مُدربة من المترجمين العرب في مجال الترجمة الأدبية، وإتاحة الفرصة لتبادل الخبرات بين المترجمين الشباب والمترجمين ذوي الخبرة في مجال الترجمة الأدبية. الثقافة العربية ? مشروع كلمة هل سيخوض تجربة جديدة باتجاه نقل الثقافة العربية إلى اللغات الأخرى؟ ?? هذا السؤال يطرح بشكل كبير، وجوابنا هو أن مجمل المؤسسات المعنية بالترجمة في عالمنا العربي لديها طموح في نقل وإيصال ثقافتنا للآخر، حتى نؤثر في الثقافة العالمية وننتقل من حالة الاستقبال إلى الإرسال، لكن هناك صعوبات جمة تواجه تحقيق هذا الطموح، بداية من تحديد عناوين الكتب والمؤلفين الذين تستحق أعمالهم أن تترجم إلى اللغات الأخرى، خاصة فيما يتعلق بالعلوم، ولا يتوقف الأمر على ترجمة الكتاب فقط، وإنما على إيجاد ناشر أجنبي جاد يتبنى الكتاب ويتولى عملية التوزيع، فهناك كتب عربية كثيرة تم ترجمتها ونشرها لكنها لم تجد من يوزعها في الغرب. بشكل عام، أقول بأن الكتاب العربي يواجه تحدياً التوزيع، وذلك لعدم وجود مؤسسات وشركات معنية بتوزيع الكتب، نحن في المشروع نواجه هذه المعضلة، مطلوب منا أن نترجم الكتاب وننشره ونوزعه، ولكننا نطمح أن نتمكن في المستقبل من نقل وترجمة الثقافة العربية إلى اللغات الأخرى. الكم والكيف ? ما الغاية من توسيع دائرة مؤتمر الترجمة لكي تمتد فعالياته لأربعة أيام علماً أنه في دورته الأولى كان ليوم واحد فقط؟ ما بين الكم والكيف؟ ?? فكرة المؤتمر هذا العام هي التي فرضت تمديد فعالياته لخمسة أيام، إذ ستعقد أربع ورش عمل تدريبية متوازية حول الترجمة الأدبية بهدف تدريب المترجمين على التعامل مع تحديات ترجمة الأعمال الأدبية وإشكالياتها؛ من خلال العمل على ترجمة عدد من النصوص الأدبية القصيرة لاستخلاص وغرس مهارات فنية معينة تتعلق بنقل النص إلى اللغة المستهدفة، يتولى قيادة ورش العمل مجموعة من الميسرين الأكاديميين المتخصصين في الترجمة، ويكون الحضور في الورش محصوراً على المترجمين فقط، بإجمالي 40 مترجماً شاباً مع مراعاة التمثيل المتكافئ والشامل للدول العربية. الورشة الأولى: مهارات في الترجمة الأدبية من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية. الورشة الثانية: مهارات في الترجمة الأدبية من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية. الورشة الثالثة: مهارات في الترجمة الأدبية من اللغة الألمانية إلى اللغة العربية. الورشة الرابعة: مهارات في الترجمة الأدبية من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية. التطبيق: ترجمة نصوص عربية وإماراتية إلى اللغة الإنجليزية. محاور المؤتمر ? ما هي محاور المؤتمر وإلى ماذا يطمح؟ ?? يناقش المؤتمر هذا العام ثلاثة محاور رئيسية على النحو التالي: اولا، الترجمة الأدبية قضايا وإشكاليات. وثانيا، تحديات وعوائق نقل المنتج الثقافي العربي إلى الآخر (النشر والتوزيع). وثالثا، عرض تجارب لمبادرات عربية في الترجمة الأدبية. الحوار الثقافي ? بما يتوازى مع معرض الكتاب، واحتفاءً بالكتاب نفسه خصصت الجائزة الرائدة «جائزة الشيخ زايد للكتاب» بفروعها لتكريم المنتج المبدع من الكتب، ما هو طموح الجائزة مستقبلاً، وهل ثمة حقول أخرى ستستحدث مضافة إلى حقولها المعرفية الآن؟ ?? تؤمن «جائزة الشيخ زايد للكتاب» بأن الحوار الثقافي هو أساس رفعة الحضارات وتقدمها، وأن النهضة لا تقوم إلا بتمثل عناصر نجاحها ووضع العِلم والمعرفة في مقدمة أولويات الناس، وعليه تم استكمال مرحلة استحداث الفروع التسعة للجائزة في دورتها السابعة لمواكبة التطورات السريعة في الساحة الثقافية بما يخدم المثقف والناشر والمبدع.. وهو عُرف ستقتدي «الجائزة» به كلما لزم الأمر، فهدفنا الأساسي هو أن تساهم تلك التغييرات في تنشيط الحراك الثقافي الدولي واستكمال الجهود الدؤوبة للدولة في خدمة مسيرة التنمية الحضارية.. أما بالنسبة لطموح الجائزة فقد قامت «جائزة الشيخ زايد للكتاب» بجهود عدة لردم الهوّة بين الحضارة العربية والغربية ونشر الرسالة الإنسانية، من خلال مشاركات «الجائزة» في المحافل الثقافية، من معارض للكتاب وفعاليات ثقافية حول العالم، وندوات خاصة في الكثير من العواصم، ما أدى إلى فتح باب الحوار مع المؤسسات الفكرية والأكاديمية وتأسيس شراكات استراتيجية واتفاقيات تعاون من شأنها تبادل الإسهام في الحوار والاحتفاء بالفكر العربي وإبداعات الإنسان. فروع معرفية ? هل ثمة تقاطع في تخصيص الجوائز لفروع معرفية متشابهة بين «جائزة الشيخ زايد للكتاب» والجوائز الأخرى التي تهتم بالتخصصات ذاتها، كالرواية، والشعر، والنقد، والشباب، وجائزة الشخصية الثقافية؟ ?? تسعى «جائزة الشيخ زايد للكتاب» إلى التميز في مستوياتها وإجراءاتها كافة، فآلية اختيار الكتب الفائزة تختلف عن بقية الجوائز من حيث إنشاء اللجان والإعلان عنها بصورة تقوم على الشفافية، وكذلك على المستوى الإجرائي في تحديد مواعيد الاجتماعات والاحتفال، وربما تتشابه بعض فروع «الجائزة» مع فروع عدد من الجوائز الأخرى، لكن مما لا شك فيه أن معايير الاختيار تختلف، ولكن في المجمل فإن معظم فروع «الجائزة» تسعى لأن تكون مميزة ومتفردة، خاصة فرع الثقافة العربية في اللغات الأخرى، وفرع التنمية وبناء الدولة، وفرع التقنية والنشر، وفرع الفنون والدراسات النقدية إلخ.. هذه الفروع مختلفة ومميزة. مبدع عربي ? هل يمكننا تصور أن تمنح «الجائزة» لمبدع عربي قدم للثقافة العربية إنجازاً مهماً، غير أنه لم يحظ بالتكريم في حياته، باعتبار ذلك اعترافاً بالمبدع بالرغم من غيابه؟ ?? لم تشر «جائزة الشيخ زايد للكتاب» في أي من معاييرها أو أهدافها أنها تكرم وتقدر فقط المؤلفين الذين فازوا بجوائز، بل من أهداف «الجائزة» هو السعي المستمر إلى الاكتشاف، وتسليط الضوء على الإبداع والمنجزات الثقافية التي تستحق أن تصل إلى القارئ وتضيء جانباً مهماً. المعارف الإنسانية ? هل ثمة خطة لأن تفتح «جائزة الشيخ زايد للكتاب» أبوابها على المعارف التكنولوجية العالمية وتشملها بالتكريم في انضمامها كفرع معرفي جديد لها؟ ?? لا تتضارب المعارف الإنسانية مع المعارف التكنلوجية وإنما تكملها، ومن هذا المنطلق تحاول «الجائزة» أن تسلط الضوء على التكنولوجيا في مجال صناعة الكتاب ولهذا كرمت «الجائزة» مدينة باجو للكتاب عام 2011، والتي تتميز بكونها تمثل تقنية استثنائية في العالم لإنتاج الكتاب استطاعت تحقيق رؤيتها على أرض الواقع، وهي مثال مضيء يمكن الاستفادة من تجربته في رفد التقنية الثقافية بالعالم العربي. وتأسست مدينة كتاب باجو عام 1989 وفق رؤية شاملة لوضع حجر الأساس للمعرفة والمعلوماتية اللتين تلعبان دوراً رئيساً في التنمية الوطنية، كما أن رؤية المدينة تتلخَّص في حصر العمليات التي تندرج ضمن صناعة الكتاب كافة من تخطيط وطباعة وتصميم فني وتنسيق لوجستي ونشر، ضمن حيز واحد بالإضافة إلى توافر مكتبتين ضخمتين للزائرين وصاله عرض للأفلام المرتبطة بالأدب والثقافة وتنظيم عدة مهرجانات ثقافية للأطفال ومنتديات حوارية مع أبرز الكتاب والمؤلِّفين سنوياً. ولعل أهم ما تتميز به مدينة كتاب باجو هي تلاؤمها وحفاظها على استخدام مواد صديقة للبيئة والتصميم الهندسي ـ الثقافي للمدينة والذي يُعدُّ الأول من نوعه في العالم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©