الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المساعدات الزراعية الأوروبية أمام مفترق طرق قبل «اختبار» عام 2013

2 يناير 2010 22:38
في آخر مرة أقدم فيها الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرار بشأن برنامج مساعداته الزراعية السخية التي بلغت 50 مليار يورو في عام 2005، انتهت الصفقة إلى فشل ذريع خلف الأبواب المغلقة في فندق كونارد بالغ الفخامة في مدينة بروكسل. وكان الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك قد وحد جهوده مع المستشار الألماني جيرهارد شرودر وقتها في تحالف سري يهدف لحماية البرنامج -الذي تعادل قيمته الآن حوالي 72 مليار دولار - من أي خفض في ميزانيته حتى عام 2013. وتمكنا بذلك من تحقيق الانتصار على توني بلير معارضهم السياسي ورئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت الذي كان يجتر غضبه بشأن استمرار تقديم المساعدات السخية. والآن ومع اقتراب حلول عام 2013 وبدء جولة جديدة من المناورات التي تهدف لإعادة صياغة وتشكيل النظام الأغنى في العالم للمساعدات الزراعية، استمرت العديد من التحديات تنضج طوال فترة العقد الماضي، بحيث أضحت إمكانية التوصل إلى حلول أمر تكتنفه المزيد من المصاعب الشائكة. فمن الذي يستحق الحصول على المساعدات؟ وما الغرض أصلاً من المساعدات؟ وهل هناك طريقة لربط هذه المساعدات بمكافحة أعمال التحايل والفساد؟ وهل يمكن توجيه معظم هذه المساعدات إلى صغار المزارعين بدلاً من الشركات الزراعية العملاقة متعددة الجنسيات؟ فقد برزت العديد من الأفكار الخاصة بالإصلاح التي تستهدف العديد من الجبهات، بينما يواصل أكبر المستفيدين التقليديين من النظام - على رأسهم فرنسا والجانب الزراعي من اقتصادها - حملتهم الضارية للإبقاء على نظام المساعدات بالطبع على خلفية المصالح الوطنية. وظلت الحكومات بشكل تقليدي تحدد أهداف السياسات قبل أن تتفق على ميزانية تحاول من خلالها تحقيق هذه الأهداف. وفيما يعرف بالسياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي، فإن العملية -فيما يبدو- قد انقلبت على رأسها. ففي الوقت الذي استمر فيه تخصيص كميات هائلة من الأموال، أصبحت الأهداف أكثر إثارة للزعزعة والفرقة والنزاعات. والآن وبعد خمسة عقود كاملة من العمل بالنظام، فقد أصبح برنامج السياسة الزراعية المشتركة يمثل المصدر الرئيس لإنفاق الاتحاد الأوروبي بعد أن بلغ إجماليه الآن 55 مليار يورو، أي نصف كامل ميزانية الاتحاد تقريباً بما يعادل تقديم 110 يورو في كل عام لكل فرد في التعداد السكاني البالغ 500 مليون نسمة في الدول الـ27 بالقارة. وهو مبلغ بمقدوره أن يعيد توزيع الدخل المستدر من دافع الضريبة بكفاءة على المصالح الزراعية في القارة. إلا أن الغالبية من صغار المزارعين ما زالوا يحصلون على الفتات؛ لأن معظم الدفعات تقدم على أساس حجم الأرض الزراعية؛ لذا فإن 80 في المائة من المستفيدين ظلوا يتسلمون حوالي 20 في المائة فقط من حجم المساعدات بحسب أرقام المفوضية الأوروبية نفسها. وتعود فكرة المساعدات الزراعية والغرض منها أصلاً عندما اعتبرت وسيلة لإطعام القارة الأوروبية الجوعى التي دمرتها الحرب العالمية الثانية من خلال توفير حوافز الإنتاج التي انتشرت بشدة في حقبة الستينيات. إلا أن هذه الجهود تمخضت عن فائض هائل في المنتجات؛ لذا فقد تم خفضها قبل أن يتقرر الآن إزالتها بالكامل في عام 2013. ولكن ولسنوات عديدة استمر الأوروبيون يحاولون جاهدين إعادة تحديد الغرض من المساعدات عبر عمليات سرية لإعادة التشكيل. فبينما ظلت صناعة الزراعة تحصل على حوالي 41 مليار يورو في كل عام وفي شكل مساعدات مباشرة، إلا أن الاتحاد الأوروبي عمد في هذا العام إلى تخصيص مبلغ إضافي بمقدار 13 مليار يورو لكي يتم إنفاقه بهدف تشجيع التنوع الاقتصادي عبر تمويل العديد من المشاريع التي تتراوح ما بين الزراعة العضوية واستخراج الطاقة البديلة وحتى تشجيع السياحة الزراعية. إلا أن هذه الأموال ضلت طريقها إلى سلسلة مختلطة من المشاريع. ففي إسبانيا، حصلت شركة مصنعة للحصى والخرسانة في الأراضي الزراعية على مبلغ 1,1 مليون يورو، بينما تسلمت شركة عملاقة 466 ألف يورو مقابل تركيب التوصيلات الكهربائية في بعض المزارع. ووجهت المحكمة الأوروبية للمراجعة والمحاسبة المعنية بمراقبة إنفاق الاتحاد الأوروبي انتقادات شرسة لمثل هذه الأعمال الخاصة بالتنمية الريفية. وقد خلص تقريرها المالي الأخير إلى أن أربعة من كل 10 دفعات مالية درستها لنموذج تأثرت بأخطاء مالية. وأيضاً استمر ضخ مليارات اليورو بشكل عشوائي في النظام بأكمله، بحيث تمت مكافأة العديد من كبار المستفيدين بعيداً عن المزارع البسيط. وبالإضافة إلى المشاكل العديدة التي طرأت بعد انضمام الدول الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي، فإن الاختبار الحقيقي للمزاج السياسي سوف يظهر بجلاء داخل البرلمان الأوروبي في العام الحالي عندما يُصدر تقريراً عن مستقبل المساعدات الزراعية. ولكن بدلاً من المضي قدماً في أجندة الإصلاح، فإن البرلمان ربما يقع فريسة للضغوط المتزايدة من المزارعين من أجل المحافظة على الوضع الراهن. ولكن من المؤكد أن هناك معركة لا محالة سوف تنشب بين الدول الأوروبية حول هذه المساعدات. عن “إنترناشيونال هيرالد تريبيون”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©