الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإدمان على البذخ سلوك يحتاج إلى علاج

الإدمان على البذخ سلوك يحتاج إلى علاج
25 نوفمبر 2009 02:02
لم يعد وقف ظاهرة البذخ والإسراف الاستهلاكي مجرد خيار يمكن أن يوافق عليه كل من المواطنين والمقيمين في قطر أو يرفضوه، حيث إن الصرف غير المقنن على شراء السلع الغذائية وأدوات التجميل والكماليات التي لا تدخل ضمن أساسيات الحياة الضرورية، كما الإنفاق على شراء الأغراض الشخصية من ماركات عالمية بأسعار خيالية، يعد ضرباً من ضروب الجنون. صحيح أن الوعي في المجتمع القطري بخطورة الاستهلاك يزداد يوماً بعد آخر، إلا أن هناك فئة كبيرة من الناس ما زالت تمارس هذه السلوكيات غير الواعية عند الشراء، من دون إدراك لما يجري، وخصوصاً النساء اللاتي يتهمهن الرجال بالبذخ والإسراف في الإنفاق على أغراضهن الشخصية، وتمسكهن بصرف مبالغ طائلة حتى ولو على أصغر الأشياء، حيث تصرف المرأة مقابل شراء إكسسوار معين أو خاتم أو حقيبة يد أو عطر ما يكفي لمصروف عائلة في البلدان غير الغنية لعدة أشهر . ? وسائل الإعلام تغذي السلبيات يقول الدكتور أحمد خضر، وهو أستاذ علم اجتماع، في قراءته لظاهرة المبالغة في الاستهلاك: «شيوع ثقافة الاستهلاك سببه الطفرة الاقتصادية التي فرضت نوعاً من السلوك الاجتماعي لدى المرأة تحديداً، وجعلتها تطمئن في بذخها وصرفها غير المحسوب، لأنها تملك المال، وكل احتياجاتها متوافرة، ناهيك عن التفكير في جلب أشياء أخرى قد لا تكون محتاجة لها، كما إنَّها تستبدل أشياءها حتى من دون أن تبلى أو تنتهي صلاحياتها، وتساعد الحياة الاجتماعية ووسائل الإعلام على تغذية هذه الثقافة غير الإيجابية، ونقل عدواها إلى بقية النساء، وصولاً إلى تعميمها على المجتمع، حتى تتحول إلى ظاهرة لا يمكن القضاء عليها، وعلى كل إنسان مسايرتها، وحتى وإن كانت بعض سلوكيات الترف والبذخ غير محببة له فهو يجاريها، لأنها نمط سائد في المجتمع، وبعد أن كانت عادة دخيلة تجذرت حتى صار الذي لا يعمل وفقاً لها هو الخارج عن العادة. التباهي أمام الآخرين بدوره يؤكد الخبير الاقتصادي في غرفة تجارة وصناعة قطر، حمد الهاجري أنَّ ظاهرة الإنفاق ببذخ على السلع الكمالية والأساسية كان واضحاً بشدة قبل الأزمة المالية في المجتمع القطري، مشيراً إلى أنَّ إنفاق الأسرة القطرية وفقاً لأرقام جهاز الإحصاء بلغ أكثر من 40 ألف ريال، وهذا الرقم من المفترض أن يتراجع ويقل كثيراً بعد الأزمة المالية. ويضيف: «من المعروف اقتصادياً أن معدل الإنفاق كلما كان أقل، كان ذلك أفضل على مستوى الفرد أو الأسرة أو على مستوى الاقتصاد الوطني ككل، وتحقيق هذا الخفض يعتمد على قيام آلية لمعالجة هذا الإسراف، وضبط سلوكيات الأسر في الإنفاق على السلع والخدمات المختلفة». ?ويتابع الهاجري قائلاً: «ثقافة البذخ الاستهلاكي في المجتمع القطري كانت تتخذ عدة نماذج، يأتي على رأسها حمى الهواتف المحمولة، حيث سجلت قطر معدلات قياسية لمعدل إنفاق الفرد على خدمات الهاتف المحمول، بالإضافة إلى الصرف على الولائم والعزائم والأفراح وغيرها من المناسبات العائلية، كما أن ملايين الريالات كانت تنفق سنوياً على تغيير السيارات، وشراء أحدث الموديلات لمجرد التباهي أمام الأقران والجيران، وتُصرف آلاف الريالات على مستحضرات التجميل والعطور». الترف أمر طبيعي للمقتدرين ومن جهتها تقول الدكتورة هناء الرميحي: «هذه الظواهر هي إفرازات العولمة، والتأثر بالمجتمعات التي سبقت الشعوب العربية في الحداثة والتمدن، كما أنَّ السفر وشراء الماركات هما من ممارسات الأغنياء و أصحاب الدخل المادي القوي، وغالبية المجتمع هي من هذه الفئات، والأقلية خارج هذا التصنيف، مما يجعل الصرف والبذخ سمات اجتماعية مهيمنة للمرأة القطرية، ونحن قد لا نعده صرفاً، لكنَّه أعلى درجات الترف، والترف يأتي طبيعياً عند المقتدرين، ولكنه مستغرب من غيرهم الذين يجدون أن شراء قطعة من المجوهرات، أو تفصيل فستان حفل بآلاف الريالات أمر فادح ومبالغ فيه، ولكن الخلاصة في أن هذا النمط من الحياة اعتاد عليه المجتمع، وأصبح من لا يمارسه هو الغريب، وتعلمت النساء من بعضهن كيفية الصرف على أمور الموضة والتجميل والأزياء وحتى العزائم والأفراح والمناسبات، وكذلك الشبان الذين باتوا يصرفون الآلاف في أمور الموضة واللبس والسفر وأرقام الجوالات والماركات وأرقام السيارات أيضاً. وعلمياً تعتبر هذه السلوكيات خاطئة، لأن مظاهر الترف يجب أن تكون في شيء مفيد دائم، يرفه حياة الإنسان ويجعله يعيش في رغد، بينما التقليد الأعمى للآخرين هو نهج سلبي وفهم خاطئ للرغد. تغيير ثقافة الاستهلاك إلى ذلك يرى الاختصاصي الاجتماعي أحمد محمد أنَّ من الضروري أن يكون هناك تحرك سريع لعلاج هذه الظاهرة، مشيراً إلى أن هناك حلولاً لظاهرة الإسراف وعدم ترشيد الاستهلاك، منها حلول طويلة المدى وأخرى راهنة. ويقول إن الحلول طويلة المدى تتمثل في تغيير ثقافة الاستهلاك من خلال زيادة وعي المواطن بضرر الإسراف على الفرد والمجتمع ككل. كما أن هذه الحلول تحتاج إلى تعديل المناهج الدراسية وإلى دور فعال لوسائل الإعلام، كما تحتاج إلى تعزيز دور الأسرة في تربية النشء على ممارسة الاقتصاد السليم وعدم الإسراف. ولا بد من تنظيم حملات توعية تتضافر فيها جهود الجهات المختلفة، سواء كانت وسائل الإعلام ومؤسسات التربية والمدارس والأسرة، فضلاً عن الدعاة وخطباء المساجد، من أجل حث الناس وتربية الأجيال الطالعة على تغيير عادات الإنفاق، والحد من شراء الكماليات، والتركيز فقط على الاحتياجات الضرورية، مؤكداً أنَّ المجتمع القطري سوف يجني ثمرة هذه الجهود مستقبلاً.
المصدر: الدوحة-أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©