الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

جمعية نسائية تحاول كسر احتكار الرجال لمقاهي بروكسل

25 يونيو 2010 01:18
أصيبت مجموعة نساء عربيات مقيمات في بروكسل بـ”صدمة” بعدما اكتشفن أن دخول المرأة للمقاهي الشعبية “محظور اجتماعياً” في الأحياء ذات الغالبية العربية المهاجرة، ولذلك قررن تنفيذ “غارة” شهرية على تلك المقاهي، في محاولة لكسر هذا الحظر الاجتماعي وتوعية الرجال بحقوق النساء. وتقوم بهذا النشاط “جمعية تضامن المرأة العربية - بل” التي أسستها مجموعة من النساء العربيات المهاجرات في بروكسل عام 2006. وتختار الجمعية كل شهر زيارة بعض المقاهي المعروفة للمهاجرين العرب في بروكسل في نشاط تدعوه “النساء في المقهى”. ونورا عامر سيدة بلجيكية لبنانية من مؤسسي الجمعية ومدرسة علم النفس. وتقول نورا إن شعور النساء بـ”الصدمة” جعلهن يبتكرن هذا النشاط. وتوضح: “نحن في عاصمة أوروبا، ثمة مهاجرون عرب يعيشون هنا منذ 40 سنة، ولا تزال فكرة وجود المرأة في المقهى تشكل صدمة لهم”. واستلهمت الجمعية فكرتها من جمعية تحمل الاسم نفسه أسستها الكاتبة المصرية نوال السعداوي عام 1982. وهي جمعية علمانية التوجه وتقبل بعضوية الرجال والنساء، بغض النظر عن أصولهم وجنسياتهم. وتقول نورا إن ما يثير حيرتها هو أن “المرأة موجودة في كل مكان، فلماذا ليست في المقهى؟”. وتضيف أن الجمعية تحاول إعطاء الفرصة للمرأة لكي تكون “ناطقة باسم الثقافة العربية”، وإقامة نشاطات ثقافية عديدة، منها ورش عمل وجوقة الغناء العربي. وحضرت ناشطات في الجمعية تباعاً إلى مكان للتجمع أمام محطة مترو “لمونييه” وسط بروكسل، ووصل عددهن إلى 8 نساء ورجل بلجيكي يدعم فكرة “الاختلاط”. وكانت الوجهة هذه المرة مقاه في حي “أنيسنس”. واخترقت المجموعة شوارع الحي، عابرة أمام المتاجر التي تحمل معظمها أسماء عربية إلى جانب الأسماء الفرنسية. ووصلت المجموعة إلى مقهى “حديقة الجنوب” ووقفت خارجها فيما دخلت نورا عامر إلى المقهى، حيث يجلس عشرات الرجال يديرون كراسيهم وأنظارهم باتجاه شاشة تلفزيون تعرض مباراة كرة القدم. وفي هذه اللحظة تشتت انتباه الرجال عن الشاشة، وتفحصت عيونهم باستغراب المرأة التي دخلت للتو. بعضهم اكتفي بابتسامة مرتبكة، بينما تطلع الآخرون عبر الزجاج إلى مجموعة النساء اللواتي ينتظرن في الخارج. وكان المقهى مكتظ بالرجال، ولا متسع لمكان يتيح جلوس المجموعة في الداخل، فتتفق نورا مع صاحب المقهى على الجلوس خارجاً، وهو أمر لا يشكل فشلاً للزيارة. وتقول إحدى المشاركات “هكذا يمكن للنساء العابرات رؤية أن هناك نساء في المقهى، وهذا أمر نحتاجه”. وبعد قليل تتجه نورا حاملة مجموعة منشورات للتعريف بالجمعية ونشاطها التوعوي إلى طاولات الرجال لتناقش معهم حول أسباب عدم وجود النساء في المقهى وخلفيات ذلك. وبعد نقاش مع 3 رجال استمر قرابة 20 دقيقة، تعود ممثلة الجمعية وتقول: “وافق معي رجلان على أن العقلية يجب أن تتغير، لكن تدريجاً”. وقبل أن تنتقل نورا إلى طاولة رجال آخرين قالت: “هناك رجل قال لي إننا ندعوه إلى التمثل بأوروبا، فرددت عليه بأننا نتحدث عن حقوق إنسانية ولا نريد التشبه بأحد”. وعلى إحدى طاولات المقهى يجلس مهاجران من أصل مغربي في الثلاثينات من العمر. وبعدما غادرت الناشطة طاولتهما للتو، ونقلت عنهما ترحيبهما بفكرة الاختلاط، قال عبدالقادر الموظف في شركة المترو إن فكرة الجمعية النسائية “جيدة وتدل على الاحترام المتبادل”، لكنه أضاف بتردد وبعض الخجل “لكن العقلية لا يمكن أن تتغير، وأنا لا يمكن أن أحضر زوجتي إلى مقهى كهذا”. وأوضح “مجرد القول إن امرأة معينة جلست في مقهى شعبي يسيء إلى سمعتها، فمن تجلس هنا يرى الرجال تصرفها غير محترم”. وهنا قاطع أحمد حديث صاحبه، وقال “نحن مسلمون وديننا لا يسمح لنا أن نأخذ نساءنا إلى مقهى كهذا، لكن يمكن أن نأخذها إلى مطعم فخم ومحترم”، مضيفاً بنبرة خافتة “هنا ممكن أن تسمع المرأة من يقول لها يا ساقطة”. وتقدر إحصاءات غير رسمية أن سكان بروكسل ذوي الأصول العربية سيشكلون ثلث سكانها بحلول عام 2020، فيما قدرت أعدادهم عام 2005 بنحو 260 أو ما يزيد بقليل على ربع السكان. وبينما تتجول مسؤولة الجمعية بين الطاولات، تكون مهمة الأخريات الجلوس والتحدث لإثبات الحضور النسائي في المقهى. وهن يفضلن تفويض زميلتهن لتتولى النقاش مع الرجال لأن “لديها حضوراً وثقلاً أكبر لأنها تتكلم العربية”، حسبما تقول إحدى المشاركات. ويختلف عدد المشاركات مع كل زيارة جديدة للمقاهي، وإذا زاد العدد عن نحو 15، فإنهن ينقسمن إلى مجموعتين، ويذهبن في وجهات مختلفة. ومن بين المشاركات هولندية تدعى رينيه (53 عاماً) وتعمل مترجمة. وتقول رينيه إن “الرجال هنا يحبون الوجود النسائي، لأنه يعطي بعض التنوع”. وتضيف “رغم ذلك فهم لا يريدون أن تأتي زوجاتهم، ودائماً هناك من يقول إذا أحضر الآخرون زوجاتهم سأحضر زوجتي”. فيما تعقب مشاركة أخرى بالقول إن الأمر يبدو وكأنه يدور حول “من يضحي بزوجته أولاً”. وأضافت معلقة على ردود فعل الرجال عند قدوم المجموعة النسائية “عندي إحساس أنهم يفكرون أننا مجرد سياح أضعنا طريقنا، ولذلك نحن في مقاهيهم”. وبينما تتهيأ المجموعة النسائية لمغادرة المقهى وزيارة آخر، تقول مسؤولة الجمعية بعدما خاضت عدة نقاشات مع الرجال “ليس لدي أمل في أن يأتوا مع زوجاتهم غداً، فالطريق لا تزال طويلة”.
المصدر: بروكسل
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©