الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الشرق القديم كما يرويه كبار الرحَّالة

الشرق القديم كما يرويه كبار الرحَّالة
25 يونيو 2017 13:17
أبوظبي (الاتحاد) من أهم كتب الدكتور أحمد محمود الخليل، كتاب سلس ودسم، بعنوان «حضارات الشرق القديم في ذاكرة كبار الرحَالة»، والصادر حديثاً عن منشورات مركز سلطان بن زايد في أبوظبي، في 265 صفحة من القطع الكبير، يعرض فيه عبر مقدمة وثمانية فصول، لوحات من ثقافات وحضارات الشرق القديم حسبما دونها بعض كبار الرحالة في الشرق والغرب، على امتداد نحو 23 قرناً، بدءاً من القرن (5 ق. م) مع الرحالة الإغريقي هيرودوت، وانتهاء بمنتصف القرن (19 م) مع الرحالة الفرنسي لا مارتين، وتمتد جغرافياً الرحلات من الصين شرقاً، ومروراً بآسيا الوسطى والهند وبلاد فارس وكردستان والعراق، والجزيرة العربية والأناضول وسوريا ولبنان وفلسطين وإلى مصر غرباً، وروايات هؤلاء الرحالة تجمع بين الواقعية والعفوية والجاذبية، وفيها تبدو الشعوب والأمم على حقيقتها دون تجميل أو تشويه، وفيها أيضاً تتجاوز الثقافات والحضارات عبر الأزمنة والأمكنة. في هذا الكتاب القيم نزور مع الرحالة والمؤرخ هيرودوت مصر، فنعرف عادات المصريين القدماء ومهاراتهم في الطب والتحنيط، وبرفقة الرحالة الإيطالي ماركوبولو، ندخل بلاط الإمبراطور المغولي قبلاي خان في الصين، ونشاهد مراسيم الاستقبال ونمط الحرس الإمبراطوري، ثم نعبر من هناك إلى الهند لنشاهد فيها من العجائب والغرائب ولا سيما إقدام بعض النساء على حرق أنفسهن مع أزواجهن تعبيراً عن الإخلاص لهم، وبرفقة الرحالة ابن بطوطة والطبيب الهولندي ليونهارت والشاعر الفرنسي لا مارتين، والفرنسي جيرار دي نيرفال، نزور معظم بلدان الشرق الأوسط، ونتجول في مدنها الكبيرة (القاهرة، دمشق، بيروت، حلب، القسطنطينية) ونطلع على أسواقها، وحماماتها وحياة النخب وطرائق الحياة الشعبية، لكن الفصل الثالث الذي يحمل عنوان «الشرق القديم في ذاكرة الرحالة ابن جبير الأندلسي 450 ه - 1154 م»، يستأثر باهتمامنا الأبرز، لما يحمله من معلومات وشرح واف عن الجانب الإنساني والديني لشعوب الشرق بعامة، وبخاصة حديثه الموثق عن إنجازات صلاح الدين الأيوبي الحضارية، كموحد للشرق الإسلامي، وتصديه للفرنجة وانتصاره عليهم في معركة حطين سنة 583 هـ - 1187 م، ثم ما حققه من إنجازات في ميناء الإسكندرية، واهتمامه بالعلم والعلماء، وتكريمهم. ويشرح المؤلف في هذا الكتاب الممتع رحلة ابن جبير من العراق دار الخلافة العباسية بعد أدائه فريضة الحج إلى المدينة المنورة لزيارة قبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وكان حريصاً على رصد المشاهد المثيرة للانتباه، في جوانبها الثقافية والعمرانية والدينية والإنسانية، ضمن تأثيرات ومقاربات واستخدام لغوي محكم، يثير فيه حاسة القارئ في عالمنا اليوم. يعد هذا الكتاب الذي صيغ بأسلوبية سردية ماتعة، من أفضل كتب أدب الرحلات، على مستوى الأسلوب والتفسيرات والتحليلات وملخصات عامة عن الحضارات وسلوك الشعوب والأمم وعاداتها الغريبة، ومواضيع مهمة عن الجواد العربي الوفي، الشعر العربي، سوق الجواري في إسطنبول، مدينة ألف ليلة وليلة، في بلاد بابل، الغزو الفارسي لبلاد اليونان، وغيرها، ما يجعله كتاباً لا غنى عنه لكل باحث عن تاريخ حضارات الشرق القديم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©