12 سبتمبر 2008 00:44
للمطبخ ذاكرته، وللطعام ملوكه المتوجون فوق عرش الذائقة، وفي رمضان يصير الإفطار موعداً يومياً مع المنسي من أصناف المائدة، إذ يجري استدعاؤه على وقع استذكار الطقوس التي رافقت خطوته الأولى نحو التجربة المعاشة·
في رمضان يحلو الحكي عن الطعام ربما أكثر مما يروق الطعام نفسه لأفئدة الصائمين، يتحول السرد بديلاً مؤقتاً عن متعة الأكل، تشبع النفوس بينما البطون تعاني الخواء، وتظل العيون في حيرة من أمرها·
ما يثير الاهتمام في المطبخ الإماراتي هو قدرته على الاستمرار نقياً جيلاً بعد جيل، رغم المنتجات الوافدة وأصناف الطعام السريعة التحضير، وحملة الإعلانات الكاسحة التي تروج لها، بقي المطبخ في الإمارات محافظاً على أصالته، كما ظلت وجباته أمينة لتاريخها، حريصة على أن لا تخترق مكوناتها شائبة· المؤكد أن للأمر صلة بصفاء الذائقة الإنسانية ووفائها لذاكرتها الجامعة، حيث الأكل، خاصة في شهر رمضان، مناسبة اجتماعية بعيدة كلياً عن أي مزاج فردي، ومن شأن التواصل الجماعي ذاك أن يحصن الذاكرة العامة ويحميها من الاختراق·
بين الحكي عن الطعام وبين الطعام نفسه مسافة يدرك الصائم وحده دهاليزها وخفاياها، لكنها تتسم مع بعدها بقدر من المتعة المجهولة المصدر·
عدد اليوم
