الحب المتفجر عرض مفتوح على أزمة السكن في الجزائر

افتتح ''الديوان الجزائري للثقافة والإعلام'' مؤخراً الموسم الثقافي الجديد باستضافة عرضٍ مسرحي جديد بعنوان ''الحب المتفجر'' بقاعة الموقار بالجزائر العاصمة، وقد اقتبسه الكاتب عمر فطموش من نصٍّ للكاتب المسرحي الروسي كاتاييف وأخرجته فوزية آيت الحاج· ويعالج العمل المسرحي أزمة السكن الحادة بالجزائر، حيث تتزايد الحاجات الاجتماعية وتشكل عاملاً ضاغطاً في ظل الارتفاع المستمر لعدد السكان، كما تعالج أزمة البطالة وضعف الأجور اللذين يعصفان بالطبقة المتوسطة ويعرِّضانها للتهميش والإحباط، وهذا انطلاقاً من حالة شابين وفتاتين تخرجوا حديثاً في الجامعة مهندسين معماريين، لكنهم اصطدموا بواقع مرٍّ خيَّب آمالهم، حيث لا يجدون وضائف تناسب مؤهلاتهم، لكن العرض فضل التركيز أكثر على أزمة السكن بعد أن يقوم الصديقان ''إبراهيم'' و''عيسى'' بالزواج من زميلتيهما في الدراسة تتويجاً لقصتي حب قويتين طيلة سنوات الجامعة· بعد الزواج، يبدأ الصراع بين الصديقين؛ فـ''البيت'' الذي اضطرا من قبل، بحكم قلة ذات يدهما، إلى استئجاره للإقامة فيه معاً وهما أعزبان، ضيِّق ولا يتسع لعائلتين الآن لا سيما وأنه ليس في الواقع سوى قبو عمارة قام أحدُ السكان الانتهازيين بالسطو عليه وتحويله إلى ''بيت'' قصد تأجيره، مستغلاً في ذلك أزمة السكن الحادة التي تعرفها الجزائر منذ عقود، ويشتد الصراع بين العائلتين الجديدتين ويصل إلى حدِّ الاشتباك ثم تتراجع حدته أحياناً ويميل الجميع إلى الموادعة والبحث عن مخارج وحلول وسط، فيعرضون تقسيم ''البيت'' بشكل كاريكاتوري هزلي أضفى على العرض الكثير من الفرجة والطرافة التي ضحك لها الجمهور طويلاً لا سيما وأن الموضوع مستمد من الواقع المعيش· وينتهي العرض نهاية مفتوحة بعد أن يحتدم الصراع ويبلغ ذروته وتحدث حالات من الإغماء والتوتر والهستيريا بين العائلتين المتصارعتين، وتعذر على ''صاحب السكن'' إيجاد حلول وسطى بين العائلتين، وتمتنع المخرجة عن تقديم أي حل وتتعمَّد الإبقاء على النهاية مفتوحة على كل الاحتمالات، وفي ذلك دلالة واضحة على استمرارية أزمة السكن بالبلد إلى حدِّ الساعة بالرغم من كل الجهود لتلبية الاحتياجات المتزايدة إلى السكن· أداء الممثلين الخمسة كان جيداً لا سيما وأنهم محترفون، وقد عبروا عن احتدام الصراعات الاجتماعية حول السكن دون السقوط في فخ التهريج والصراخ المجاني، كما أحسنوا التنقل على الخشبة للتعبير عن شتى الانفعالات التي يولدها التوتر والغضب الناجم عن الصراع برغم امتلاء الخشبة بالأسِرَّة وكذا أنابيب الصرف الصحي المعبرة عن قبو العمارة· النص يعالج قضايا محلية عديدة في قالب هزلي هادف، وقد أبدى الفنان إبراهيم شرقي الذي أدى دور ''عيسى'' رضاه التام عن طريقة الاقتباس و''جزْأرة النص''، حيث إن النصَّ الأصلي لكاتاييف يتحدث عن تبادل الزوجتين بين الصديقين وهو ما تمَّ تفاديه أثناء الاقتباس لتعارض ذلك مع الواقع المحلي المُحافظ·