الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"التسجيل الخاص"... وتفتيش الزائرين

23 نوفمبر 2009 23:59
روبرت بونر مفوض أول للجمارك وحماية الحدود بوزارة الأمن الوطني إدوارد ألدين زميل رئيسي بمجلس العلاقات الخارجية هل صحيح أن السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية أصبح تجربة مريرة على حد وصف أحد مندوبي اللجنة الأولمبية الدولية لذلك الاجتماع الذي رفضت فيه استضافة شيكاغو أولمبياد 2016؟ في الإجابة نقول إن ذلك العدد الكبير من الزوار الأجانب الذين يقدر عددهم سنوياً بحوالي 25 مليون زائر ممن يصلون إلى البلاد عبر مختلف مطاراتها الحدودية لا يشكون سوى من بعض الضيق من إجراءات دخولهم وخروجهم. ولكن قد تبدو زيارة أميركا تجربة مثيرة للضيق وكريهة في بعض الأحيان لمئات الآلاف من الزوار القادمين من باكستان وعدد آخر من دول بعينها. فهؤلاء يواجهون إجراءات تسجيل وخروج ودخول مشددة، وفقاً لنظام الدخول والخروج ونصوص قانون الأمن القومي التي أجيزت بعد هجمات 11 سبتمبر. وفي حين كان هذا التشدد مفهوماً عقب الهجمات مباشرة، فالملاحظ تطوير المزيد من النظم والإجراءات الأمنية المشددة منذ ذلك التاريخ. وقد وافق مفتش عام وزارة الأمن الوطني على مراجعة ذلك البرنامج الأسبوع الماضي، مع العلم أن وزارة الخارجية بدأت سلفاً إخضاعه لمراجعة شاملة. ولكن الواجب على إدارة أوباما الإسراع بإلغائه تماماً. وكانت وزارة العدل قد أطلقت النظام الأمني المذكور في عام 2002، بهدف تشديد الرقابة وإجراءات التفتيش على المجموعات أو الأفراد القادمين من عدة دول تصنف على أنها مصدر الخطر الأكبر على الأمن القومي الأميركي، خاصة تلك التي توجد بها عناصر لتنظيم "القاعدة" وغيره من الجماعات الإرهابية الأخرى. وبينما يخضع غالبية زوار أميركا لمقابلة ضابط من إدارة الجمارك وحماية الحدود، وهو المسؤول المكلف بفحص جوازاتهم والتأكد من صحتها، يلاحظ أن الزوار القادمين من مجموعة الدول المشار إليها يتم سحبهم تلقائياً من بين صفوف الزائرين ليتم إخضاعهم لمقابلة ثانية ربما ترغمهم على الانتظار لعدة ساعات. وتنطبق هذه الإجراءات حتى على الذين سبق لهم أن زاروا الولايات المتحدة عدة مرات، بل حتى المقيمين منهم لعدة سنوات سواء للدراسة أو العمل، حيث يخضعون للمساءلة التفصيلية والتفتيش الدقيق قبل السماح لهم بالدخول. وفوق ذلك لا يسمح لهؤلاء الأفراد بمغادرة البلاد إلا عبر منافذ ومطارات محددة هي التي أقامت فيها السلطات الفيدرالية ضوابط معينة لإجراءات الخروج. وفي حالة فشل أحد الزائرين في التقيد بهذا الإجراء، فربما ينتهي به الأمر إلى العجز عن زيارة أميركا مرة ثانية أو الهجرة إليها. وبالنتيجة تخلى كثير من مواطني هذه الدول عن فكرة زيارة الولايات المتحدة للمرة الأولى أو العودة إليها ثانية. وفي حين قفزت أعداد الزوار الأجانب لبلادنا مؤخراً لتصل إلى أكثر مما كانت عليه قبل هجمات 11سبتمبر، يلاحظ تضاؤل عدد الزوار القادمين من الدول الإسلامية. وبذلك سوف تتسع الهوة الفاصلة بين أميركا والعالم الإسلامي، وتتقوض الجهود التي تبذلها أميركا في مواجهة الدعاية الإعلامية المتطرفة في بعض المناطق والبلدان. هذا وتشير استطلاعات الرأي التي أجريت في بعض الدول العربية مؤخراً إلى أن النظرة الإيجابية إلى بلادنا تعد مرتفعة بنحو 30-25 في المئة بين الذين سبقت لهم زيارة أميركا أو أقاموا فيها لبعض الوقت. غير أن "برنامج تسجيل الأجانب الخاص" ساهم في تسميم علاقاتنا مع بعض الدول الصديقة لنا. من بين هذه الدول إندونيسيا التي عبرت عن غضبها من إضافة اسمها للبرنامج المذكور على رغم الدعم الكبير الذي قدمته لأميركا في مكافحتها للإرهاب عقب هجمات 11 سبتمبر. والمعروف عن إندونيسيا أنها تحوي أكبر أغلبية مسلمة عالمياً. وبالنتيجة فقد تراجع عدد الزوار القادمين إلى بلادنا من إندونيسيا اليوم، إلى حوالي نصف ما كان عليه عددهم قبل عقد مضى. وربما يكون لهذا البرنامج والإجراءات المرتبطة به ما يبررهما إذا ما أثبتا فعالية ملموسة في منع الإرهابيين من التسلل إلى بلادنا. ولكن الحقيقة أن اللجنة القومية المكلفة بإعداد تقرير هجمات 11 سبتمبر لم تجد ما يثبت هذا الافتراض. كما يجب القول إن إجراءات التفتيش الحدودي قد تحسنت كثيراً خلال السنوات الأخيرة الماضية، بما لا يدع مجالاً للحاجة إلى هذا البرنامج الإضافي المخصص لتسجيل الزوار. وبفضل هذا التحسن يخضع جميع المتقدمين للحصول على تأشيرة الدخول لأميركا -بمن فيهم مواطنو الدول التي يطبق عليها برنامج التسجيل الخاص- للمقابلات التي تجريها قنصليات سفاراتنا في الخارج، إضافة لأخذ بصماتهم عند التقديم للتأشيرة. ومن ناحيتها يراجع ضباط ومسؤولو الجمارك وحماية الحدود تلك البصمات ثانية عند وصول المسافر لأي من المطارات الأميركية. ونحن ندرك مساعي الجماعات الإرهابية لتجنيد عناصر لها في أوروبا، وخاصة تدريب العناصر النسائية على عملياتها الإرهابية. وعليه فإن تطبيق الإجراءات الأمنية الخاصة على الذكور وحدهم القادمين من الدول الإسلامية لا يمثل الاستجابة الملائمة لجهود الإرهابيين هذه. كما يجب القول إن إلغاء برنامج التسجيل الخاص لا يمنع أو يقيد مسؤولي أمن الحدود من تفتيش أي كان من الزوار القادمين أو تشديد الإجراءات الأمنية بحقه. غير أن إلغاء ذلك البرنامج يضع حداً لاستهداف أفراد بعينهم بتلك الإجراءات الخاصة المشددة. وتحت كل الظروف، فإنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تحسن اختيار أفضل السبل والوسائل لحماية أمنها القومي. والذي نعلمه أن برنامج التسجيل الخاص ليس أحد هذه الوسائل مطلقاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©