الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الورقة العربية الوحيدة تسقط من شجرة المونديال

الورقة العربية الوحيدة تسقط من شجرة المونديال
24 يونيو 2010 23:12
عندما ركبت السيارة التي أقلتني إلى بريتوريا لحضور المباراة المصيرية للمنتخب الجزائري أمام الولايات المتحدة، كان التفاؤل ينتابني بيوم سعيد للكرة العربية، وطوال الطريق كنت أفكر أننا ممثلون بفريق عربي واحد وعندما يكون على أهبة الوصول إلى الدور الثاني للمونديال فلابد أن الكل يتوحد خلف ممثل الكرة العربية. وطوال الطريق كانت المشاهد تمنحني المزيد من التفاؤل حيث يبدو أن الكثيرين مثلي متجهين من جوهانسبرج إلى بريتوريا حيث معقل اللوفتس الملعب الذي استضاف المباراة المصيرية، كنت قد حاولت الذهاب إلى بريتوريا في الليلة السابقة والمبيت هناك من أجل الدخول في أجواء الحدث قبل بدايته ولكن عدم توافر فندق مناسب للإقامة ألغى تلك الفكرة كما أن بريتوريا لا تبعد عن جوهانسبرج بالسيارة سوى 45 دقيقة. ولما وصلنا إلى اللوفتس كانت الأجواء كما هي في كل ملاعب كأس العالم ولا شيء يعلو فوق صوت الاحتفال فهنا مشجعو أميركا ينصبون أعلام بلادهم بنجومها وخطوطها الحمراء، والنسر الأميركي يحلق في أجواء المكان وتقاليع مختلفة يقودها هؤلاء الذين يبحثون لأنفسهم عن مكان في كل شيء، وحتى لو كانت اللعبة الثالثة وربما الرابعة في بلادهم، بينما يتفق العالم على أنها اللعبة الأولى. أما هناك فقد تجمع العرب وقد جاءوا باختلاف أطيافهم فقد رأيت الأعلام العربية كما رأيت الشعارات العربية المشجعة لمنتخب الجزائر، ورأيت الجزائريين يلتفون في علم بلادهم بلونيه الأخضر والأبيض يزينه الهلال والنجمة، هم لا يرون غير الفوز المطلب الوحيد من أجل الشعب الذي انتظر هذه اللحظة طويلاً بعد أن خانته المستديرة في أيام الجيل الذهبي عندما كان المنتخب الجزائري حديث المونديال في بلاد الأندلس قبل 28 عاماً، وعندما تواطأت المانيا والنمسا على إخراج الفريق من البطولة لكي يصعدا سوية. يقول عبد الحق، أحد المشجعين الذين تواجدوا في الساحات الخارجية لملعب المباراة أنها الفرصة التي جاءت ولا يمكن أن يفرط فيها ثعالب الصحراء، وأضاف أن الأمل كاد أن يتلاشى بعد مباراة سلوفينيا وخطأ الشاوشي الذي لا يغتفر، ولكن عندما تم تصحيح الأوضاع في المباراة الثانية دبت الروح من جديد لتحيي الأمل. ومن يتطلع بشكل جيد في أعين الجزائريين الذين حضروا بكثافة لمشاهدة المباراة يدرك أنهم جاءوا تحدوهم الثقة العمياء في الفوز ومن يكون منتخب الولايات المتحدة لكي يكون عقبة أمام طموح الشعب الجزائري والأمة العربية في تواجد ممثلها الرسمي في الدور الثاني للمونديال. ومن أسعد الأمور التي شاهدتها كان ذلك العلم العزيز على قلوب الأمة العربية جمعاء، وهو العلم المصري الذي كان حاضراً أيضاً وعلى الرغم من الأحداث التي جرت بعد مباراة الفريقين في تصفيات كأس العالم وأدت وسائل الإعلام إلى زيادة تأجيجها بين الطرفين ولكن كما يقولون لم تكن سوى سحابة صيف عابرة وبالفعل فقد تواجد المصريون خلف ممثل العرب وكان لابد من الحديث مع أحدهم وهو علي محمود ويعيش في بريتوريا منذ 10 سنوات، إذ يقول إنه جاء من أجل تشجيع المنتخب الجزائري الذي لا يمثل نفسه فقط، ولكنه هو أمل كل المنتخبات العربية، ولا يرى علي أن هناك مشكلة بالأساس بين الجزائر ومصر مؤكداً أن كرة القدم لا يمكن أن تفرق بين الشعوب العربية، وأكد علي أن هناك الكثير من المصريين الذين يتواجدون في المكان لأنهم يعتقدون أن الجزائر تمثل مصر في هذه البطولة. هكذا هي البداية إذن مليئة بالحماس والتفاؤل وتعطي أي شخص يتواجد في المكان إحساساً أنه يوم للتاريخ ولم لا يفعلها منتخب الجزائر لكي يصل إلى الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخ مشاركته في كأس العالم وللمرة الثالثة في تاريخ الكرة العربية بعد المغرب والسعودية، ولماذا لا يتمسك بالفرصة بعد أن جاءته تمشي على رجليها ومصيره بيده دون أن ينتظر خدمة من الآخرين. ثم كان لابد من الذهاب إلى المركز الإعلامي لتسلم تذكرة المباراة ومثل كل مرة لابد أن يكون البحث عن المظروف الذي يحتوي على تذكرة المباراة بحاجة إلى بعض الوقت إلى أن وجدوه في النهاية، وعندها أخذت طريقي إلى الملعب حيث منصة الإعلاميين وعلى غير العادة لم يكن هناك الكثير منهم وربما فضل عدد كبير من الصحفيين الذهب إلى بورت اليزابيث حيث يلعب المنتخب الانجليزي أمام سلوفينيا، وللأسف فقد كان موقعي بعيداً عن الصحفيين العرب وكنت أقرب للصحفيين الأميركيين الذين جاءوا بكثرة من أجل مواصلة الحلم مع منتخب بلادهم والذي كنت أظنه سيتحول إلى كابوس مع نهاية المباراة ولكن خابت توقعاتي. بدأت المباراة وبينما كنت أتوقع أن تكون المبادرة جزائرية والمزيد من الجرأة الهجومية على اعتبار أن ممثلنا العربي بحاجة إلى هدفين لكي يضمن التأهل، ولكن خاب ظني فالفريق يلعب بنفس الطريقة التي لعب بها في المباراة السابقة ولكن ذلك منتخب إنجلترا ولا يلوم اي شخص المدرب الجزائري رابح سعدان على تلك الطريقة، أما هذا المنتخب الأميركي فمن الأفضل أن تهاجمه منذ البداية حتى لا تمنحه الثقة لشن الهجمات على فريقك. وهذا ما حصل فكان المنتخب الأميركي والذي لم يكن بحاجة إلى أكثر من هدف هو الأكثر وصولاً إلى المرمى، كما تمكن من تسجيل هدف ألغاه الحكم بداعي التسلل، ومع تألق الحارس الجزائري مبولحي كان الصحفيون الأميركان يضعون أياديهم على رؤوسهم من الحسرة. انتظرنا منتخبنا العربي طويلاً والمباراة تتجه إلى فتراتها الأخيرة والأنباء القادمة من بورت اليزابيث تشير إلى تقدم منتخب انجلترا على سلوفينيا بهدف وهو ما يعني ضرورة تسجيل هدفين من قبل منتخب الجزائر ولكن لم يحدث أي شيء في الملعب وأميركا هي التي تشن الهجمات ومبولحي يتصدى والأميركان يعيشون في حالة من الجنون بعد أن باتوا قريبين من الخروج. انتهت دقائق المباراة التسعين وبات الفريقان على وشك توديع المونديال سوية وعلى وجه الخصوص المنتخب الجزائري على اعتبار أنه كان بحاجة لهدفين وهو ما دفع المنتخب الأميركي لتكثيف محاولاته حتى جاءت الدقيقة التي قفز فيها كل من كان حولي من الصحفيين الأميركيين من الفرح ولم تكن العملية لتؤثر فينا بعد أن تأكد خروج الممثل العربي وعندها يصبح تأهل الولايات المتحدة وسلوفينيا سيان، فقد سدد ديمبسي وصد مبولحي لتجد دونوفان الذي أطلقها كالرصاصة في مرمى الجزائر لتعلن نهاية كانت متوقعة بعد أن لعب ممثلنا العربي ثلاث مباريات دون أن يسجل أي هدف بينما كنا طامعين بهدفين في المباراة الأخيرة.
المصدر: بريتوريا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©