الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التضخم و بحيرات القروض

29 يناير 2009 02:42
ما يزال شبح الانكماش يؤرق بال رئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي ''بين بيرنانكي''، في الولايات المتحدة· ويُؤشر الانخفاض المذهل الذي عرفه سعر الفائدة الرئيسي يوم الثلاثاء 16 ديسمبر عن مدى تخوف ''بيرنانكي'' من ركود كبير يشابه ذلك الـــــذي عـــــرفه العـــــالم في الثلاثينيات من القرن الماضي· وقد خفض ''الاحتياطي الفيدرالي'' من نسبة الأصول الفيدرالية (Federal funds rate) أي سعر إعادة تمويل البنوك، وهو السعر الذي تجري به كل مساء عملية إقراض واقتراض البنوك فيما بينها داخل السوق المصرفية· وقد أصبح هذا السعر يتراوح ما بين 0%و 0,25% مما يشكل أدنى المستويات التي وصل إليها في تاريخه· وفي الوقت نفسه يرى كثير من الملاحظين أنه من المرجح أن يؤدي تراكم التأثيرات الناجمة عن هذا التخفيض والتخفيضات السابقة التي قام بها ''الاحتياطي الفيدرالي'' إلى التضخم· وهم يذكرون في هذا الصدد بالارتفاع المستمر لأسعار الذهب كحجة تبرر أقوالهم بشأن خطر التضخم· يبدو أن الاقتصاد الأميركي مهدد بمجموعتين من الضغوط إحداهما تضخمية والأخرى انكماشية، ولحد الآن تبقى كفة الانكماش راجحة إذا أخذنا بعين الاعتبار مؤشر أسعار الاستهلاك· لكن علينا أن نقوم هنا بتحديد مهم، الانكماش هو هبوط دائم للأسعار بينما هبوط الأسعار الذي شاهدناه لحد الآن هو ناتج بشكل كبير عن انفجار الفقاعة النفطية وليس ضغطاً سيستمر على المدى الطويل· فقد نزل سعر الذهب الأسود عن سقف 150 دولارا ليصل إلى مستوى 41 دولارا للبرميل· وأدى هذا الانخفاض إلى انخفاض السعر في محطات الوقود، مما ينتج عنه بالطبع انخفاض مؤشر أسعار الاستهلاك· صحيح أيضاً أن ضعف الاقتصاد أدى إلى تراجع الطلب على المشتريات الكبرى كالعقار والسيارات· ولكن قد يجد المستهلكون طرقاً ثانية لتوفير الأموال كتأجيل موعد الذهاب عند الحلاق أو عند طبيب الأسنان· كل هذه الأمثلة، بالإضافة إلى عوامل أخرى يمكن أن تعطينا تفسيراً عن التباطؤ المتزايد للاقتصاد، تباطؤ من المحتمل جداً أن يستمر خلال السنة المقبلة· يجب أن نقوم في هذا الصدد بالوقوف عند الفرق بين ظاهرة الانكماش وهبوط الأسعار الذي تشهده الظرفية الحالية· ويبقى احتمال حدوث هذا الانكماش ضعيفاً نظرا لتخوف ''بيرنانكي'' من تكرار سيناريو هبوط الأسعار، الذي رافق الركود الكبير في الثلاثينيات· لقد درس ''بيرنانكي'' بعمق هذه الحقبة من التاريخ، لذا فإنه واع تماماً أن مصرف الاحتياطي الفيدرالي تردد كثيراً إبان الركود الكبير في الوقت الذي كان فيه الاقتصاد ينهار· وقد أقسم ''بيرنانكي'' أنه لن يسمح بحدوث ذلك التقلص الذي عرفته الأموال والقروض خلال الثلاثينيات· بالمقابل فإن''الاحتياطي الفيدرالي'' في عهد ''بيرنانكي'' اتخذ إجراءات استثنائية لضخ السيولة في أسواق القروض في إطار مجموعة من برامج الإقراض، ومن الأمثلة المذهلة على ذلك نجد شراء 600 مليار من القروض المُصدرة والمضمونة من طرف ''فاني ماي'' و''فريدي ماك''· لقد بدأت الأزمة في القطاع العقاري، لكنها لن تنتهي بعودة الاستقرار إليه· وفي بيانه ليوم الثلاثاء 16 ديسمبر أعلن مصرف الاحتياطي الفيدرالي أنه سيستعمل كل الوسائل لتشجيع العودة إلى نمو اقتصادي مستدام والحفاظ على استقرار الأسعار· بعبارة أخرى أنه سيقوم بكل ما يلزم من إجراءات لمنع حدوث الانكماش· لقد تأخرت تأثيرات ''القروض السهلة'' في أن تشمل كل جوانب الاقتصاد وهذا يرجع بنسبة كبيرة إلى كون عدد من المستهلكين وملاك العقار والشركات لم يترددوا في استعمال ما جنوه من عطايا ناجمة عن انخفاض سعر النفط في تسديد الديون التي تُثقل كاهلهم· بالمقابل ومع وجود أسعار الفائدة هذه، والتي تعتبر الأكثر انخفاضاً عبر التاريخ، فمن المحتمل أن يلجأ الأفراد العاديون إلى الاقتراض الذي يمكن أن يؤدي عند بلوغه حداً معيناً إلى تحرير الديناميكية الاقتصادية· في الحقيقة أدت إجراءات ''الاحتياطي الفيدرالي'' إلى خلق بحيرات من القروض تبقى لحد الآن محمية من الفيضان بفضل سدود مشكلة من الخوف والحذر· لكن عندما ستنهار هذه السدود سيؤدي ذلك إلى إطلاق ضغوط تضخمية يصعب السيطرة عليها· وتماما مثلما فعلت أسعار فائدة 1% في عهد جرينسبان، فإن أسعار 0% في عهد ''بيرنانكي'' قد تؤدي إلى خلق فقاعة جديدة· في الوقت الحاضر يبقى هذا الاحتمال ضعيفاً في نظر العديد من الملاحظين· ومع ذلك، فإن سعر الذهب الذي بلغ ارتفاع يؤشر في الحقيقة إلى تضخم وليس إلى انكماش، تضخم قد يحدث ابتداء من ·2010 جيرالد بي· أودريسكول كبير باحثين في معهد كيتو بواشنطن ينشر بترتيب مع خدمة ''منبر الحرية'
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©